أديب مخزوم -في الأوبرا – سورية من الحرب إلى تاج النصر
النوارس المحلقة في سماء البحر تتهامس مع القوارب الخشبية الصغيرة بمشهدية غنية باللون ومحملة بالأفكار التي تثير ذاكرة الفنان التشكيلي أديب مخزوم وتشده إلى شاطئ مدينته طرطوس، استهل بها معرضه الفردي المقام حالياً في الأوبرا بعنوان” بكائيات الحرب والأقنعة والانبعاث الجديد” لتكون ضمن المجموعة الأولى التي تعبّر عن ذاكرته مع مدينته وتعزز فكرة الانتماء والتمسك بالهوية. ويبدو أسلوبه بدلالاته الواقعية الماضية بجسر نحو مداخل التجريد، وباعتماده على الخط الأسود لتحديد العناصر الأساسية بفضاء اللوحة لتبقى المرأة هي الركيزة الأساسية في أغلب اللوحات برمزية واضحة إلى سورية.
ويقترب مخزوم بلوحات المجموعة الثانية التي عنونها ب” بكائيات الحرب – سورية نهر الدموع” من الأوضاع الحياتية الصعبة التي عاشتها سورية وتصدت لها المرأة وتحملت أعباءَها بتجسيد حالتها وهي تعيش القلق والحزن والخوف منطلقاً من الخط الأسود بتحديد الهيكل الأنثوي مركزاً بريشته على ملامح وجهها بأسلوب أقرب إلى الواقعية التعبيرية، وعلى شعرها الطويل تاركاً إشارات دلالية بمسحات من اللون الأبيض كومضة أمل رغم التموجات اللونية للألوان الداكنة.
ويبقى في اختزال سنوات الحرب والكشف عن الحقيقة حقيقة الأشخاص الذين تنكروا لوطنهم الأم في المجموعة الثالثة” الأقنعة تخفي خلفها الوجوه المزيفة” فبدت هذه المجموعة بأسلوب تشكيلي معقد وبألوان متداخلة مع حضور اللون الأحمر بدلالة إلى الشهداء.
وفي نهاية المطاف تصل قوارب مخزوم إلى شاطئ الأمان والأمل بمجموعته الرابعة” الانبعاث الجديد” فيصور المرأة مكللة بتاج النصر برمزية إلى تاج نصر سورية، ومحاطة بألوان فرحة مشرقة تضج بالحب.
والملفت أنه جسد المرأة العازفة في لوحات متعددة ليوضح مكنونات إبداعها الداخلي، إضافة إلى البعد الجمالي للفنون الذي اتخذ معنى المقاومة وواجه الإرهاب، كما ترجم الانبعاث الجديد برسم الطلاب وهم يتجهون إلى المدرسة لأنهم تجاوزوا كل الصدمات والصعوبات وآمنوا بمتابعة طريقهم.
وعلى غير العادة علق التشكيلي أديب مخزوم بيانه الصحفي للإعلاميين والمهتمين على جدار صالة المعارض في الأوبرا قبل الافتتاح، ومما ذكر” تتفاوت الأعمال بين التصريح والتلميح أو بين الواقعية والاختزال التعبيري، وصولاً إلى شغل كامل خلفية اللوحة بالحركات اللونية العفوية السريعة والانفعالية”.
البعث ميديا || ملده شويكاني