معركة الإطاحة بأردوغان واجب الإنسانية
إنه نداء إلى التكنوقراط من أصدقائنا في الشعب التركي وغيره من أحرار العالم وشرفائه لكي يُمعنوا النظر ويدققوا ويحللوا مصادر ونتائج الخطر الناجم عن غطرسة أردوغان وغبائه، وعلى الجميع من هؤلاء أن يقفوا صفاً واحداً في معركة الإطاحة به.
الرجل بعصبيته وعنصريته غير قادر أبداً، بل عاجز عن إدراك التحولات التي طرأت على المجتمعات والدول والأمم في التاريخ المعاصر، خصوصاً بعد نهاية زمن تحكّم (الدولة – الأمة) في عالم اليوم، والعثمانية تحديداً، ولا سيما بعد أن أسهم شخصياً بغباء في انهيار حدود الدولة الوطنية والتقليدية برهانه على إشكالية الجماعات التي لم تكن تظهر في السجل الرسمي للدولة الوطنية في هذه المنطقة من العالم، فاستثمر في هذه الجماعات من الشاذّين والمتطرّفين والمومسات وجهاد النكاح، والأبناء مجهولي النسب، وكذلك في المهجّرين من التطرّف والتكفير، وفي اللاجئين والمنشقّين.
تلك جماعات بالأساس تحاول ويحاول معها حل مشاكلها كزعيم لها دون العودة إلى مؤسسات الدولة (المركز – الوطن)، ونقلها من الفضاء العام الذي كانت تنتمي إليه قبل أن يعيث بها دماراً وخراباً، إلى فضاء خاص، واستثنائي أيضاً يتحكّم به هو، ويستثمر فيه بغباء شديد ومقيت استثماراً لا شك غير رابح لأحد. ومن بعض أمثلة ذلك تهجير الكرد من أرض ليس له قرار عليها، وتوطين وإحلال التركمان فيها.
هذا أبسط شيء يجب أن يدركه التكنوقراط الأتراك الذين كان يراود بعضهم أن استراتيجية (تجمّع) العدالة والتنمية صالحة للتحكم بمصائر الشعب التركي لعقود قادمة من الزمن…؟! وها هي الأمور، كما نشاهدها اليوم جميعاً، عجز اقتصادي ومادي ومعنوي، وإفلاس سياسي وأخلاقي. دم ودمار، جثث وأشلاء… لا شك في أن المستفيد الأهم منها هو المشروع الصهيوني المناهض لمصائر الشعوب والدول العربية والإسلامية، فأردوغان يزرع إشكالية مستدامة في كل محطة من محطات الحياة المعاصرة والقادمة لأجيال هذه الشعوب والدول.
لم يعد باستطاعة نظام أردوغان نفسه تعداد خصومه في هذا العالم، ولا ضحايا أخطائه وغطرسته ونفاقه. ففي كل يوم يسفر وجهه عن ناب جديد من أنياب مصاصي الدماء، وكأنه خنجر مسموم يتجه ليطعن ظهر كل من يحاول احتواءه، والتخفيف من وطأة شروره سواء كان هؤلاء من العرب أو الكرد أو الإيرانيين أو شعوب البلقان وأوروبا.. إلخ.
في الماضي، وكما اليوم، لطالما عانى العرب والمسلمون من الاستعمار العثماني، لكن العثمانية الجديدة، والبغيضة، التي ينشدها أردوغان لها طعم آخر أشد مرارة وخطراً على السلام والاستقرار الإقليمي والدولي.
وفي الحقيقة، لم يكن أحد في هذا العالم يتوقع أن يفعل أردوغان ما يفعله اليوم، خاصة في معركة سورية مع الإرهاب والتكفير والتطرف، مع الصهيونية والعنصرية، المعركة التي تجلّت على أنها مع أردوغان نفسه زعيم العثمانية الجديدة التي صار واضحاً أنه بهكذا زعامة لا يختلف عن النازيين والعنصريين والصهاينة من وجوه عديدة لعل أهمها خطره كشخص وكمشروع على العروبة والإسلام، خطراً لا يقل عن الخطر الصهيوني بأبعاده في: الاحتلال والاستيطان والتهجير والعنصرية والقتل والدمار.
واليوم يظهر عند كل وطني وعروبي ومسلم بالأدلة والوقائع أن العثمانية الجديدة مع نظام أردوغان تقاتل نيابة عن المشروع الصهيوني من حيث استنزاف الحياة الوطنية والعروبية والإسلامية المقاومة لهذا المشروع.
بل لا يكتفي أردوغان باستنزاف هذه الحياة بالتطرف والتكفير والإرهاب وتبديد الإمكانات المادية والمعنوية والبشرية حتى الشجر والحجر على غرار ما فعل أسلافه العثمانيون طيلة أربعة قرون مظلمة مكفهرّة من الزمن، إذ يستنزف الأوروبيين أيضاً الذين يقفون اليوم في وجهه قلقين حيارى محبطين من تدفق سيول اللجوء والهجرة والابتزاز لضحاياه العرب والمسلمين الذين يستثمرهم كمصاص للدماء في جموع الأطفال والنساء والشيوخ حيث يستعين على تهجيرهم بعصابات داعش والنصرة وأموال البترودولار.
الرجل سلفي إخونجي، إحيائي للبغيض من الماضي، لا يدرك أي معنى من معاني التقدّم والتطوّر والتحرّر، وهو بهذا خطر على الشعب التركي نفسه كخطره الإقليمي والدولي.
فقد أفشل السلطان محاولات عديدة لاحتوائه، وللتقليل من مآسي عقائديته الهزيلة الرجعية، ولسورية تجربة – للأسف – مريرة معه، ويبدو أن مرارة هذه التجربة تنعكس اليوم واقعاً حقيقيّاً مع الآخرين ممن يتصورون أنهم من خلاله يمكنهم تحييد الدور السلبي للناتو، أو للصهيونيّة، أو للإخونجيّة، وها هي اليوم المفوضية الأوروبية تئِنُّ من لجوء “زلم” أردوغان وتتوسل إليه بعجز، متوقعة احترام تركيا لتعهداتها، وأي احترام متوقّع هذا من رجل غير محترم؟!.
فلتتضافر الجهود على اعتبار خوض معركة الإطاحة بأردوغان واجباً إنسانياً وأخلاقياً أمام الجميع.
د.عبد اللطيف عمران