الحياة البرلمانية في سورية.. مسيرة نضالية مستمرة ومسؤولية تقع على عاتق الجميع
في التاسع والعشرين من أيار عام 1945، كانت الساعة تشير إلى السادسة في العاصمة السورية دمشق، ليسمع دوي أصوات رهيبة عمت المكان، فقد بدأت مدفعية الاحتلال الفرنسي تقصف مبنى البرلمان السوري، في ذلك الوقت لعبت المصادفة دورها لينجو النواب السوريون من الموت تحت الأنقاض، فقد كان رئيس المجلس النيابي قد رفع الجلسة قبل ساعة فقط من بدء العدوان الوحشي، بعد أن كلفهم بضرورة الوصول إلى مراكز انتخابهم في مختلف المحافظات لقيادة معركة المقاومة الشعبية ضد قوات الاحتلال الفرنسي وتوسيع نطاق المعركة في شتى أنحاء سورية، المقاومة النضالية حينها جعلت فرنسا تدفع ثمناً باهظاً، أرغمت بعدها على الجلاء عن سورية في آذار 1946 وتنفيذ الأمر في 17 من نيسان 1946.
مسيرة النضال السوري مستمرة، وفي كل مفاصل الحياة، ولعل الأحداث التي مرت بها سورية والتحديات التي واجهتها والحملة الكونية ضدها، أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك بأنها عصية على أعدائها وأنها باقية بجذورها وعراقتها وحاضرها المشرف الذي صنعه أبطال حقيقيون في كل الميادين، فالبطولات التي يصنعها رجال الميدان اليوم تكاملت مع بطولات الشعب التي تمثلت بالكفاح والصبر والإيمان بالنصر، والإصرار على البقاء في هذا الوطن، فالشارع السوري وفي كل مراحل الأزمة مصمم على أن ينبض بالحياة، تماماً مثلما هي الفعاليات الاجتماعية والسياسية والاستحقاقات الوطنية الانتخابية، حيث فشلت مخططات الإرهاب خلال سنوات الحرب على سورية في تحقيق هدفها المتمثل بتدمير الهوية الاجتماعية الوطنية التي يعبر عنها الدستور، حيث جرت الانتخابات التشريعية في وقتها ودون تأجيل خلال سنوات الأزمة، وذلك في ٧ أيار ٢٠١٢، وهي أول انتخابات تشريعية جرت بعد اندلاع الحرب على سورية عام ٢٠١١، كما أجريت أول انتخابات بعد إقرار الدستور الجديد الذي كفل التعددية السياسية، لتأتي بعدها الانتخابات التشريعية بموعدها في ١٣ نيسان ٢٠١٦، ثم ستكون الانتخابات المقبلة في ١٣ نيسان ٢٠٢٠.
مسؤولية وواجب
وتأتي الانتخابات البرلمانية اليوم لتـأخذ أبعاداً نضالية أخرى، فهي عدا عن كونها واجباً وطنياً، هي حق للسوريين لاختيار من يمثلهم ويتحدث باسمهم ويطالب بحقوقهم تحت قبة مجلس الشعب، وهنا تقع على المواطنين مسؤولية الفرز واختيار الأفضل، فنحن مقبلون على مرحلة مسؤولية المشاركة والبناء فيها ملقاة على عاتق الجميع.
إشراقات في مجلس الشعب السوري
شهدت الحياة التمثيلية والبرلمانية السورية محطات متعددة منذ عام 1919 مرحلة المؤتمر السوري الذي اتخذ قراره التاريخي باستقلال سورية في 7 آذار 1920 وانعقاد جلسة هذا المؤتمر بتاريخ 17/7/1920.
من المواقف المشرفة للبرلمان السوري رفضه بالإجماع جميع مشروعات تقسيم فلسطين عام 1947 ودعوته الجماهير إلى التطوع في جيش الإنقاذ ووجوب مشاركة الجيش السوري في تحرير فلسطين.
منحت المرأة السورية حقها في دخول إلى قبة البرلمان بعد انتخابات 1973 حين دخلت 5 نساء إلى البرلمان من أصل 186 واستقرّ تمثيل المرأة على قوائم الجبهة الوطنية التقدمية بنحو 12% من مجموع المقاعد، أي حوالي 30 مقعداً من أصل 250 حتى الوقت الحالي، وفي 6 حزيران 2016 انتخبت أول امرأة رئيسة لمجلس الشعب السوري.
ويضم مجلس الشعب السوري 250 مقعداً يتوزعون بين قطاعي العمال والفلاحين (127 مقعداً) من جهة وباقي فئات الشعب (123) من جهة ثانية.
البرلمان الجديد والطموحات
أما الأسئلة التي تفرض نفسها حول البرلمان الجديد المرتقب، والذي سنكون على موعد مع استحقاق انتخاباته بعد أسابيع قليلة، هل سيكون استثنائياً كما هي المرحلة التي نمر بها، وهل سترتقي إنجازاته العملية الملموسة إلى قدر طموحات الشعب وآماله، وهل سيستطيع النهوض بالواقع المتأزم الذي يعيشه السوريون نتيجة الحرب العسكرية والسياسية والاقتصادية المفروضة عليهم، هي أسئلة برسم الناخب والمرشح على حد سواء، فالكل معني، والكل مسؤول، مسؤولية الناخب في حسن اختياره، ومسؤولية المُنتخَب بأن يكون جديراً بالمسؤولية الملقاة على عاتقه.
البعث ميديا || هديل فيزو