قرار لم يدم طويلاً.. والمياه أسيرة في عهدة تجار الأزمات
لأيام خلت تعكر صفو مياه الشرب في دمشق وما حولها، فأمطار الخير التي ملأت الينابيع وروافدها في حوض بردى والفيجة، تسببت بعكارة سليمة من الناحية الصحية للمياه، لكن الإصطياد في الماء العكر كان ديدن تجار الأزمات كما درجت العادة.
البعث ميديا تابع موضوع ارتفاع أسعر عبوات مياه الشرب المعدنية بمختلف ماركاتها (بقين – الفيجة – السن….) والتي وصل سعر الجعبة (12 عبوة) منها إلى /3300/ ليرة سورية وأكثر، علماً أن سعرها الحقيقي من أرض المعمل هو /1700/ ليرة سورية، أي أن الربح المحقق وصل إلى 100%، مع العلم أن سورية في الأيام الأخيرة تشهد كما يشهد العالم كله تبعتات أزمة انتشار فيروس كورونا، وما فرضه من أعباء إقتصادية وخدمية، فلم يكن ينقص المواطن مزيدا من الأعباء.
وللعلم فإن الإقبال على شراء المياه المعدنية المعقمة يتركز أساسا لدى فئة المرضى اللذين يعانون من أمراض الكلى والمجاري البولية، اضافة لكبار السن والأطفال فلم تعد الأم قادرة على إعطاء طفلها غذاءه بلا مياه نقية، فكان الخيار لكل هؤلاء ولمن تخوف من مظهر المياه العكرة من الناس العاديين في ظل عدم الاطمئنان المبرر هو شراء المياه المعدنية بأي ثمن.
وبالمتابعة تبين أن الأسعار هدأت ليوم أو يومين وتركز وجود عبوات المياه في مؤسسات التدخل الإيجابي في صالات السورية للتجارة والمؤسسة الاجتماعية العسكرية، الأمر الذي كبح جماح السوق ووضع حداً لاحتكار المادة لدى فئة قليلة من التجار اللذين وجدو في عكارة المياه فرصة ليحقق بعضهم ربحا يقدر بـ مليون ليرة سورية يومياً بحسب بعض التقديرات التي تستند لحجم الاستجرار اليومي.
إلا أن هذه حالة انخفاض السعر وتوفر المياه في صالات الدولة لم يستمر ولم تدم الفرحة طويلاً لدى المواطن ما أثار استغراباً بددناه بالتواصل مع المهندسة ريم حللي المدير العام للصناعات الغذائية في وزارة الصناعة، والتي بينت في تصريح خاص لـ “البعث ميديا” أن المؤسسة اتخذت إجراءاً احترازياً ومؤقتاً لكبح جماح السوق عبر الإيقاف المؤقت لتسليم المعتمدين من القطاع الخاص عبوات مياه الشرب من معملي بقين والفيجة وتحويل كامل الانتاج إلى مؤسسات التدخل الايجابي ( السورية للتجارة – المؤسسة الاجتماعية العسكرية) دون ان يؤثر القرار على عقود المعتمدين، علماً أن توصيات اللجنة الاقتصادية تقضي بتسليم نسبة 40% من الانتاج لمؤسسات التدخل الايجابي بمقابل 60% من الانتاج للوكلاء الرسميين، في الاوقات العادية.
وبينت السيدة حللي أن المؤسسة هدفها الأول والاخير مصلحة المواطن حيث أصرت على تثبيت سعر منتجاتها بالرغم من زيادة التكلفة وذلك امتثالاً لتوجيهات الحكومة بإيصال المنتج إلى المستهلك بأقل هامش ربح ممكن والقرار الاخير يصب في هذا المنحى، إضافة إلى كونه رسالة مباشرة لتجار الأزمة بأن المؤسسة قادرة على تصريف إنتاجها بالاعتماد على مؤسسات الدولة عند ظهور اي خلل في السوق وخروج الهدف من الاعتماد جزئيا على الوكلاء عن مساره والذي يتمثل بخدمة المواطن وبربح مقبول وليس الربح الفاحش.
ويأتي قرار تحويل كامل الانتاج لمؤسسات الدولة وفق حللي لضبط الأسعار الجنونية بعد أن وردت العديد من ضبوط التموين الموثقة لحالات رفع أسعار المياه، إلا أنه لم يدم طويلاً وتم التراجع عنه، وعادت المياه إلى مستجريها ومحتكريها وعاودت أسهم أسعاره بالارتفاع وبقي المتضرر الوحيد من ذلك هو المواطن الذي يحتاج دوماً وفي أوقات الأزمات إلى قرارات حكومية جريئة ومستدامة تحميه وتحفظ استمراره وصموده، لا أن تكون مصالح قلة قليلة من المحتكرين أولوية ويكون المواطن في آخر الحسابات.
خاص – البعث ميديا