وإدراكا من الجمعية العامة للأمم المتحدة بضرورة تهيئة ظروف من الاستقرار وإقامة علاقات سلمية وودية على أساس احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعا دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين، أعلنت في قرارها 329/ 73 في يوليو 2019، يوم 5 أبريل بوصفه اليوم الدولي للضمير ، بناء على مشروع قرار تقدمت به مملكة البحرين ، بتدشين اليوم العالمي للضمير في شهر إبريل الماضي، بهدف تحفيز المجتمع الدولي على حل النزاعات بطريقة سلمية، وإلهام الناس للتأمل في أنفسهم لتحقيق السلام الداخلي.

ودعت الجمعية العامة جميع الدول الأعضاء ومؤسسات منظومة الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية، فضلا عن القطاع الخاص والمجتمع المدني، بما يشمل المنظمات غير الحكومية والأفراد، إلى احترام حقوق الإنسان وبناء ثقافة السلام بمحبة وضمير وفقا للثقافة السائدة وغيرها من الظروف أو الأعراف في مجتمعاتها المحلية والوطنية والإقليمية، بطرق منها إتاحة التعليم الجيد وتنفيذ أنشطة التوعية العامة، مما يعزز التنمية المستدامة.

وأعدت اليونسكو  تقريرا حول مشكلة اللجوء والنزوح ، حيث تعد من المشكلات التي تؤرق الضمير الإنساني بل من التحديات التي يواجهها المجتمع الدولي منذ أزمان بعيدة، حيث أصبحت من أكثر القضايا إلحاحا خاصة مع تزايد عدد اللاجئين بتزايد أسباب اللجوء والنزوح وتعرض هذه المجموعات للمعاناة وانتهاكات متكررة لحقوقهم خاصة في ظل ضعف آليات الحماية الدولية لهذه الفئات وتقاعس المجتمع الدولي في القيام بمسؤولياته تجاه اللاجئين والنازحين ودخول المشكلة الإنسانية في دائرة مصالح الدول مما أدى إلى تزايد انتهاك حقوق هؤلاء المدنيين.

و من المستغرب هو استخدام اللاجئين وقضيتهم، ورقة سياسية، فأصبحت بعض الدول تبتز بهم دولاً أخرى، تماماً كالصراع الدائر بين تركيا والاتحاد الأوروبي، فمع تصاعد الأزمة بين الجانبين هددت أنقرة أوروبا بفتح الأبواب للاجئين على مصراعيها، وإغراق أوروبا بهم، وهو الأمر الذي تخشاه القارة العجوز، وتعده تهديداً لها ولاستقرارها.

وعلى الأمم المتحدة أن تتحمل مسؤولياتها، وأن تفعل قراراتها والضمير الإنساني لمواجهة الفساد في الدول النامية، وإيقاف الحروب التي أكلت الأخضر واليابس، في حين عليها أن تقف بقوة أمام الدول الكبرى، لتحملها جزءاً من الأعباء، وتضغط عليها لاستقبال اللاجئين، بما يليق بإنسانيتهم، وإنقاذ القوارب من الغرق، وتسيير قوة فاعلة في البحر لهذا الغرض.

ويحتاج اللاجئون لمن ينقذهم، لا لمن يستخدمهم ورقة لتنفيذ أجنداته الانتخابية، أو لنفث حقده عليهم، فهم قضية إنسانية تتطلب من كل ضمير حي أن يقف معهم، ويعمل على مساندتهم، كما يقع على عاتق الدول أن تقدم مساعدتها بتسهيل عبورهم إلي أماكن يتم لحمايتهم فيها .

ويتطلب بناء ثقافة للسلام عملا تربويا وتثقيفيا واجتماعيا ومدنيا شاملا، يتاح من خلاله لكل شخص أن يتعلم ويعطي ويشارك، كما يجب أن يخاطب هذا العمل جميع الأعمار والفئات؛ ليكون استراتيجية عالمية متفتحة الذهن ويتوخى هدفا محددا، ألا وهو جعل ثقافة السلام لا تنفصم عن الثقافة بذاتها، مع ترسيخها في أفئدة الناس وعقولهم.

وليس السلام هو غياب الخلافات أو النزاعات فحسب، وإنما هو عملية إيجابية ديناميكية وتشاركية مرتبطة بشكل لا ينفصم لتحقيق الديمقراطية والعدالة والتنمية للجميع، وبما يكفل احترام الاختلافات وتشجيع الحوار وتحويل النزاعات بصفة مستمرة بفصل وسائل اللاعنف إلى سبل جديدة للتعاون.

واستنادا إلى هذا المعنى الأوسع والأكثر إيجابية للسلام، تصبح ثقافة السلام مجموعة من القيم والمواقف والتقاليد والعادات وأنماط السلوك وأساليب الحياة بحيث تجسد في مجموعها تعبيرا عن الطموح إلى احترام الحياة واحترام البشر وحقوق البشر، مع رفض العنف بكل أشكاله، والاعتراف بالحقوق المتساوية للرجل والمرأة، والاعتراف بحق كل فرد في حرية التعبير والإعراب عن الرأي والحصول على المعلومات، والتمسك بمبادئ الديمقراطية، والحرية والعدالة والتنمية للجميع والتسامح والتضامن والتعددية وقبول الاختلافات والتفاهم بين الأمم، وبين الفئات العرقية والدينية والثقافية وغيرها من الفئات وبين الأفراد.