الشريط الاخباريدوليسلايدسياسة

أونتيكوف لـ(البعث ميديا) كورونا كشف فشل نظام العمولة وسيفرض واقعاً جديداً على العالم

في الوقت الذي أدارت فيه دول متحالفة ظهرها لبعضها ورفضت تبادل المساعدة في مواجهة وباء كورونا المستجد وأغلقت حدودها بوجه من يحتاجها، كشفت روسيا الاتحادية عن نوع جديد من التعامل بين الدول بعيداً عن السياسة وأزقتها، مؤكدة أن العلاقات الإنسانية وحياة الشعوب مقدمة على كل الاعتبارات، ما وضع الدول التي تدعي أنها كبرى أمام مسؤولياتها الأخلاقية والإنسانية..

للحديث عن طبيعة الموقف الروسي في مواجهة وباء كورونا وغيرها من القضايا الدولية “البعث ميديا” حاورت المحلل السياسي الروسي أندريه أونتيكوف:

*- سال حبر كثير حول انتشار فيروس كورونا المستجد وقد صرح أحد المسؤولين الروس أنه سلاح بيولوجي، فيما كان المتحدث باسم الخارجية الصينية أكثر وضوحاً عندما اتهم الجيش الأمريكي بنقل كورونا إلى إقليم خوبي، برأيك هل كورونا سلاح بيولوجي استخدم بوجه الصين وإيران ؟.

**- بكل تأكيد هذه الاتهامات موجودة حالياً ولكن بصراحة نحنا لا نعلم هوية ومصدر الوباء هل هو طبيعي أم صناعي، فلا يوجد أي دليل أو تأكيد لذلك، أو من المسؤول حالياً عما يحدث حول العالم هل الولايات المتحدة الأمريكية أو الصين أو لا يوجد مسؤول، بشكل عام المصدر طبيعي وباعتقادي لا مجال الآن للاتهامات هذه الدولة أو تلك في هذه الظروف الحالية، ولكن في نفس الوقت يجب أن نعول على الواقع وعلى ما يحدث حقيقة وما تعمل بعض القوى حول العالم، وهنا أود أن أذكر أن روسيا وخلال السنوات الأخيرة ليس في فترة انتشار كورونا، اتهمت الولايات المتحدة الأمريكية بأن هناك مختبرات الأمريكية البيولوجية متواجدة على طول الحدود الروسية وخاصة هناك المختبرات الموجودة في جوروجيا وفي أوكرانيا، ونحن لا نعلم ما الذي تعمله هذه المختبرات؟، لماذا هي موجودة على حدود روسيا؟، وكما يقول الخبراء من المحتمل أن يتم إنشاء الفيروس بشكل صناعي..

إذاً، لا مجال للاتهامات المباشرة ضد دولة أو دولة أخرى، ولكن في نفس الوقت هناك خطورة وقدرات لدى بعض الدول لنشر ليس “كورونا” فقط، وإنما غيره من الفيروسات وهنا تكمن الخطورة الحقيقية، فيجب أن نستنج مما يحدث حول العالم، بأن لا نسمح لأي دولة أن تقوم بصناعة أو إنتاج فيروسات تهدد العالم بأسره.

*- قامت روسيا بإرسال مساعدات طبيبة إلى ايطاليا البعض اعتبرها حرب ناعمة روسية اتجاه أوروبا .. ما رأيك بهذا التوصيف وهل بالفعل لدى روسيا نوايا اتجاه ايطاليا وأوروبا تريد تحقيقها من بوابة كورونا؟. ماذا عن المساعدات إلى أمريكا؟.

**- هناك مقولة مشهورة في روسيا “عندما تعمل خير فيجب أن تتوقع شر” فكلنا تعودنا على ذلك، لم تكن لدينا أعمال خاصة حول هذه المساعدات التي ترسلها موسكو إلى بعض الدول ليس فقط إلى إيطاليا بل إلى صربيا ووغيرها من الدول، كما لم يكن لدينا أمال بأن بعض وسائل الإعلام سترحب بذلك، وبكل تأكيد كنا نتوقع أن البعض سيعمل على الدفع باتجاه أن لروسيا أهداف ضمنية مبيتة، وهذا  الموقف مضحك.

برأي الشخصي المساعدات مفيدة لروسيا ولكن من ناحية الأخرى مختلفة تماماً.. فروسيا تقليدياً ترسل المساعدات إلى الدول المصابة بالكوارث كما يحدث الآن وربما ما يلفت النظر أننا عندما نتحدث عن ايطاليا عادة ما يتم إرسال المساعدات عن طريق وزارة الشؤون الطارئة، ولكن هذه المرة تم إرسال هذه المساعدات عن طريق وزارة الدفاع وهذا عائد إلى سببين الأول: هناك خبراء في وزارة الدفاع الروسية متخصصين بالأوبئة والأخطار البوليوجيية، ثانياً: إن مشاركة الخبراء الروس في عملية مساعدة إيطاليا ستساهم أو تعرقل على الأقل انتشار فيروس كورونا في روسيا نفسها، من وجهة النظر هذه روسيا تستفيد من إرسال هذه المساعدات الإنسانية ولكن ليس أكثر.

ومن جانب آخر أيضاً يمكن الحديث أن روسيا هي التي أرسلت المساعدات الإنسانية إلى دولة في الناتو ودولة من دول الاتحاد الأوروبي، أين كانت دول الناتو والاتحاد الأوروبي الأخرى؟، لماذا لم تنقذ إيطاليا من هذا التحدي الكبير جداً؟، وبرأي هذه أسئلة يجب طرحها على بساط البحث أكثر.

والأمر ذاته ينطبق على أمريكا ليس هناك أهداف مبيتة لروسيا، وإنما هدفها إنساني بحت، ولكن السبب المثير ربما أن روسيا ترسل المساعدات إلى دول الناتو وهذا الأمر غير المقبول وفق نظرهم، فلذلك بعض الأطراف غير المسؤولة والمضحكة تتجرأ أن تتهم روسيا بأن لديها أهداف ضمنية من وراء المساعدات وهذا الكلام غير مقبول نهائياً.

*- خلال انتشار وباء كورونا تعزز التواصل الروسي الصيني سياسياً وصحياً وقد أعلنت موسكو أن علمائها اكتشفوا الخريطة الوراثية للفيروس وطوروا ثلاثة أنواع من اللقاحات.. برأيك هل التعاون الروسي الصيني الطبي والسياسي سيكون المخلص للعالم؟.

**- أنا أعتقد أن التعاون الروسي الصين لم يبدأ اليوم، وهو تعاون مثمر وبناء لكلا الطرفين، كما أعتقد أنه الأساس الوحيد لتطوير العلاقات بين الدول، فلا يمكن أن تكون دولة خاضعة لقرار دولة أخرى أو تنضوي تحتها، بل يجب أن يكون التعاون بين الدولتين تعاوناً بناءً ومفيداً بالنسبة لكل الأطراف، وهذا ما نشهده بين موسكو وبكين، فأنا اعتقد حتى خلال انتشار الفيروس كورونا، وبعده فإن علاقاتنا مع الصين ستتطور أكثر بنفس الشكل البناء والإيجابي.

*- خلال أزمة كورونا التي تضرب العالم حاليا سقط الاتفاق بين السعودية وروسيا بشأن النفط .. برأيك هل الأمر مقصود في هذا التوقيت أم مجرد صدفة ؟.

**- أنا أعتقد ما يحصل بين روسيا والسعودية هو فقط الصدفة المحضة، وأود أن أشير إلى أن ما حصل من انخفاض في أسعار النفط خلال الأشهر الأخيرة بسبب انتشار كورونا، ولكن ما حصل بين السعودية وروسيا شجع وربما سّرع هذه الانخفاض، وبرأي الشخصي  أن المشكلة هنا اتاحت المجال لكشف الموقف الروسي الحقيقي.

فما حصل أن الرياض طلبت من روسيا تخفيض النفط في إطار أوبك بلس، ولكن الطلب غير مقبول بالنسبة لروسيا لماذا؟، لأن تخفيض إنتاج النفط في حال وافقت روسيا على الطلب، فإنه سيفتح الباب أمام الدول التي لا تنضم إلى أوبك بلس للدخول إلى الأسواق الجديدة، نتيجة انخفاض الأسعار والمعروض من قبل روسيا ودول أوبك، على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ولذلك، وجدنا تفكك لـ أوبك بلس ولكن ماالذي يحدث الآن؟،.

الرئيس فلاديمير بوتين قال أن روسيا مستعدة في هذه الظروف الخطيرة لتخفيض إنتاج النفط وتتفق مع السعودية، ولكن يجب أن تقوم كل الدول في أوبك وخارج أوبك بتخفيض إنتاج النفط ومنها أمريكا، إذاً المشكلة الحقيقة ليست بين روسيا والسعودية وبرأي هناك توافق مبدئي بين الدولتين لتخفيض أسعار النفط، ولكن السؤال يتعلق قبل كل شيء بالولايات المتحدة الأمريكية، هل هي مستعدة لتشارك مثل هذه الاتفاقيات وتخفيض إنتاج النفط، وخاصة وأن القوانين الأمريكية تمنع هذه الاتفاقيات لواشنطن، فأهم الأسئلة قبل انعقاد أوبك بلس وخاصة أن أمريكا وكندا لن تشارك في الاجتماع، والسؤال المهم هل ستتخلى أمريكا عن القوانين التي تحكمها داخليا أم لا؟.

*- يؤكد السياسيين أن العالم ما بعد كورونا يختلف عما قبله.. برأيك هل نحن أمام مرحلة تشكيل للعالم تكون فيها للدول المنتصرة على كورونا زعامته؟.

**- بكل تأكيد فيروس كورونا سيفرض واقعاً جديداً على العالم، ولكن نحن لا نعلم ما هي هوية هذا العالم الجديد ربما ما كشف فيروس كورونا أن نظام العمولة الاقتصادية فشل بشكل كامل أمام هذه التحديات، وعلى دول العالم أن تعيد النظر في علاقاتها الحالية ما بعد كورونا، واعتقد أننا سنشهد تغيرات في العالم بعد نهاية هذا الوباء.

حوار-سنان حسن