هل جاء الكتاب الإلكتروني ليزيح الورقي؟!
يلجأ الكثير من الناس في أوقات فراغهم، إلى أخذ قسط من الراحة، بعيداً عن ضوضاء الحياة والمشاكل النفسية.
وتطبيقاً لمقولة “خير جليس في الأنام كتاب” ، يقضي أغلبنا وقته في مطالعة رواية، أو قصة، أو حتى في سبيل البحث والدراسة، الشيء الأول الذي نلجأ له هو الكتاب.
ومع تقدم العلم، وفرض التكنولوجيا الحديثة ذراعيها على أغلب مسالك الحياة، كان للكتاب حصة كبيرة من هذه التقنية، التي صُنفت تحت اسم “الكتاب الإلكتروني”.
ففي عام 1971 كانت كتب مشروع “غوتنبرغ” من أوائل الكتب الإلكترونية العامة، والذي بدأه Michael S. Hart ، وكانت النماذج المقدمة في السبعينات في شركة “بارك” كاقتراحات للحاسوب المحمول Dyna book هي من أوائل تنفيذات الحواسب الشخصية التي تستطيع قراءة الكتب الإلكترونية.
ومع مرور السنوات أضحت المنافسة بين الكتاب في شقيه الورقي والإلكتروني كبيرة جداً، وانقسم القرّاء إلى قسمين بين محب للأول ومؤيد للأخر.
ولتكون المقارنة سيدة الحكم، يجب علينا أن نحدد لكل قسم ما له وما عليه.
ونبدأ بالكتاب الإلكتروني فإن أهم ميزاته:
قلة التكلفة، فالكتب الإلكترونية تغني عن التكاليف الخاصة بالطباعة والحبر والورق ومصاريف النقل والشحن، وتصبح في متناول الملايين من الأفراد بأسهل الطرق، وأرخص في الإنتاج والشراء.
أضافة إلى سهولة النقل والحمل للكتب عند السفر والتنقل، وإمكانية تخزين الآلاف من الكتب الإلكترونية في حيز صغير جدًا مقارنة مع الكتاب الورقي، فضلاً عن تداوله بسهولة دون التقيد بالحدود الرقابية.
كما يتيح سهولة الوصول إلى أي كتاب يرغبه الفرد بأي لغة في أي مكان بالعالم، على خلاف الكتب الورقي، الذي قد يبذل الفرد الكثير من الجهد من أجل الوصول إليه إذا كان مطبوعًا في بلد آخر.
ويتميز أيضاً بسهولة البحث والنقل والنسخ، لأنه يمكن بسهولة نقل الكتاب الإلكتروني في دقائق أو ثواني، على خلاف النسخ والنقل من الكتب الورقية.
ويحتوي على وسائل متعددة مثل الصور ولقطات الفيديو والرسوم المتحركة، بالإضافة إلى إمكانية بيع عدد لا نهائي من الكتب الإلكترونية دون نفاذ الكمية.
أما عيوبه فلعلى ضياع حقوق المؤلفين ودور النشر نتيجة التوزيع غير الشرعي لنسخ الكتاب الالكتروني.
كما أنه مرتبط بتوفر جهاز حاسوب أو هانف محمول أو لوحي أو الاتصال مع الانترنيت.
الكتاب الورقي مرجع دائم ويمكن تخزينه لسنوات طويلة، في حين أن وسائل التخزين الالكترونية قد تتعرض للتلف كما أن وسائل التخزين الحالية قد لا تتوافق مع الأجهزة المستقبلية.
وقد يسبب عدم توفر الحواسب والقراءة الالكترونية لكل الناس والطبقات لارتفاع أسعارها مشكلة كبيرة، كذلك ليست كل الكتب متاحة في صورة الالكترونية.
كما يعيب الكتب الإلكترونية عدم التوافق بين البرمجيات والتجهيزات المادية، فهناك بعض الكتب تحتاج إلى برامج خاصة بها لا يستطيع الحاسب الشخصي قراءتها.
وبالانتقال إلى “الكتب الورقية” فيرى مؤيدو الكتاب الورقي أن القراءة فيه أكثر راحة للقارئ بشكل عام، ويجد فيها القارئ متعة لا يشعر بها من يقرأ الكتاب الإلكتروني.
كما أنه يساعد على بناء علاقة قوية وصلة وثيقة بين القارئ وبين الكتاب، وهذا الشيء لا يوفره الكتاب الإلكتروني.
والكتاب الورقي لا يتوقف عند الأفراد في حال انقطاع الكهرباء أو عدم وجود أجهزة الحاسب أو عدم الاتصال بالإنترنت.
وأهم ما يميز الكتاب الورقي أنه أكثر راحة للعين من الكتاب الإلكتروني، حيث أن القراءة لساعات طويلة من جهاز إلكتروني تسبب إجهاد للعين، ولكن القراءة لساعات في الكتب الورقية لا تسبب ذلك.
وعلى غرار منافسه الإلكتروني فإن عيوب الورقي قد لا يستهان بها، وبداية بغلاء أسعارها مقارنة بالكتب الإلكترونية.
كما أن الوزن غالباً ما يكون ثقيل مما يعيق فكرة اصطحاب الكتاب في أي مكان، فضلاً عن حاجتك للإضاءة في حالة القراءة الليلية.
وقد يتعرض الكتاب الورقي للتلف أو يتمزق، فيفقد قيمته حينها، بالإضافة إلى أن بعض العناوين المعينة التي تحتاجها، قد لا تجدها في البلد الذي تسكن فيه ما يدفعك لشرائه من الخارج، وعليه فإنك ستدفع تكلفة اضافية تتعلق بالشحن، ناهيك عن ضياع الوقت والانتظار لوصول الكتاب.
وأخيراً لكلا النوعين مزاياه وعيوبه، ويرى محبيهما المتعة والتشويق فيهما، ويبقى السؤال هل جاء الكتاب الإلكتروني -كغيره من الاكتشافات التكنولوجية – ليزيح الأشياء التقليدية ويأخذ مكانها أم جاء ليكملها؟.
البعث ميديا || مجد عمران