فلسطين في ضمائر المجتمعات الأوروبية
ليتنا نسير على خطا الدولة والشعب الإيرلنديين اللذين قاطعا المنتجات الصهيونية مقاطعة تامة وشاملة، وهذا الموقف الشجاع والرائد قد لاقى تجاوباً عند مجتمعات شعبية غربية، من بينها فئات واسعة من المجتمع الأوروبي التي رفعت راية الدفاع عن القضية الفلسطينية وانبرت لمؤازرتها في الداخل والخارج، ومؤخراً شاهدنا الأعلام الفلسطينية ترفرف داخل بعض البرلمانات الأوروبية في فرنسا وبريطانيا وألمانيا وأسبانيا وإيطاليا وغيرها.
وقد لجأت تلك المجموعات إلى وسائل مبتكرة تسهم في مساندة أهل القضية المظلومة، من ضمنها الوقوف لساعات طويلة ومرهقة أمام المتاجر والمجتمعات التي تستورد السلع الإسرائيلية، لكي تتنافس مع الداخلين إليها في الحالة الفلسطينية ولإطلاعهم على ممارسات المغتصب بحق شعب يدافع بدمائه عن قضيته التي هي قضية ارض محتلة بقوة السلاح ودعم من الإمبريالية الاستعمارية، وانتماء مسروق، وهوية ضائعة ومخفية، وعلينا الاعتراف أن حجم المجموعات الغربية المؤيدة يكبر وتتسع رقعتها في مقابل تقلص رقعة الممانعة العربية، حيث سُمح للصهاينة بالتجول في ربوعنا العربية وللسلع المستوردة من الكيان الصهيوني الغاصب الهجين بغزو أسواقنا العربية، وهذا الأسلوب المتغاضي والمعيب سينقل إلى أحفادنا وأولادنا مع عيوبه ونواقصه ولامبالاته المخجلة والمخزية.
وهناك منتوجات للعدو الصهيوني تروّج لها قنوات عربية بهمة ونشاط، وأوسعها انتشاراً يرجع لمشروب (الكوكاكولا) المرغوب لدى الصغار والكبار، رغم أنه منتج صهيوني أصيل ومردوده يصب في صناديق المجهود الحربي الصهيوني، وهو يشكّل خطراً مباشراً على أبناء الشعب الفلسطيني الذين يستشهدون بنيران أسلحة ساهمنا في دفع فاتورتها المادية بغبائنا وبقصور اهتمامنا بمظلومية قضية تبنّتها أغلبية الدول العربية بعد أن أهملناها وسمحنا للآمال العبرية بالانتشار في أعماق ربوعنا وهي ستتحول رويداً رويداً إلى واقعية استعمارية، آخرها اعتراف ترامب بضم القدس وهضبة الجولان إلى «إسرائيل» اللقيطة، فهل يتعظ العرب من أفعالهم المشينة، إلى متى؟ لنرى..
د.رحيم هادي الشمخي – أكاديمي وكاتب عراقي