فيلم “زقزقة العصافير” تجسيد المعاناة وتحويل الأشياء الباهتة إلى جميلة
يحمل فيلم “زقزقة العصافير” في تفاصيله الدقيقة ما يعبر عن الكثير من معاناة البشر… ويمزج الفيلم بين بساطة الناس وعذاباتهم وجمال الطبيعة، رغم خلوها من كل ما يمتّ للعيشة الكريمة بصلة، ويصف فرحة أطفال وبراءتهم وأحلامهم رغم الأسى، والموسيقى المعبرة التي تروي قصصا كثيرة، ما إن تنتهي من مشاهدة فيلم المخرج العالمي مجيد مجيدي لتتأكد أنك أمام سينما حقيقية تجسد مشكلات اجتماعية، تمّ حبكها بطريقة شيقة ليظهر الظلم اجتماعي لبعض البشر.
يروي الفيلم قصة “كريم” الذي يسكن في قرية نائية بسيطة تخلو من كل مظاهر العيش الكريم، يعمل في مزرعة “نعام” ليكسب رزقه، ليطعم أسرته المؤلفة من زوجته “نرجس” وابنه حسين وابنتين ما يلبث أن يطرده مديره بسبب هروب أحد النعامات منه.
ويذهب كريم في سياق الفيلم إلى المدينة لتصليح جهاز السمع لابنته “هانيه” التي أضاعته في خزان المياه الموحل، بعد أن تعطل وأصبح بلا فائدة، يعاينه الطبيب فيخبره أنه ملزم بانتظار دوره لاصلاح الجهاز بعد 3 أشهر، أو فليذهب ليشتري واحدا جديدا من السوق ما قد يكلفه 350 ألف تومان، حينها يقرر كريم العمل على دراجته البخارية التي تعتبر أحد مصادر التنقل السريعة في العاصمة طهران المكتظّة بالسكان والسيارات.
يبدو الظلم والتهميش واضحا حين يقوم “كريم” بمطالبة الزبون بعد أن يوصله إلى حيث يريد بينما يقف الزبون وهو يتكلم عبر هاتفه الجوال ولا يعيره أي انتباه إلى أن ينهي مكالمته ليتصدّق عليه بالقليل من المال، ويعود الى البيت مساء محملا بهدايا لأولاده الذين يستقبلونه بضحكاتهم البريئة.
ويعرض الفيلم مشهدا مؤثرا لبكاء الأطفال الذين هم دون سن العاشرة حين أضاعوا حلم الثراء من وجهة نظرهم بتربية السمك لأن البرميل كان مشقوقا فسقطت الأسماك منه مرمية على الرصيف.
ورغم الظلم والمأساة التي عرضها الفيلم بكل تفاصيله وموسيقاه المعبرة، سلط المخرج الضوء على الجانب المشرق الذي يحول الأشياء الباهتة إلى أشياء جميلة من خلال فرحة الاطفال بالرسم على جبيرة قدم الأب الذي كسر قدمه، ليحوّلوا الجبيرة الى حديقة برسم حقل وشجرة ونباتات.
يذكر أن الفيلم تم إنتاجه سنة 2008، ورشّح لجائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين السينمائي الدولي، والبطل رضا ناجي نال جائزة أفضل ممثل في الدورة الثانية لجوائز اسكرين اسيا باسيفيك.
البعث ميديا || ليندا تلي