تقلبات العلاقات الأسرية في زمن الـ”كورونا” وسبل الحفاظ عليها
عادة يقضي أغلب الأزواج جلّ وقتهم في العمل، فيغادر أحدهما أو كلاهما المنزل لفترات طويلة يومياً، ومع تفشي جائحة كورونا وتعليق الدوام في الدوائر الحكومية والمدارس والجامعات وغيرها، أصبح الشريكان والأولاد يقضون معظم أوقاتهما تحت سقف واحد.
“خلود” ابنة الثلاثين عاما وبعد قصة حب جمعتها بزوجها دامت لسنتين تكللت بالزواج، موظفة في أحد القطاعات الخاصة وزوجها تاجر عقارات كل كان يذهب إلى عمله صباحا ليلتقيان في ساعات المساء متعبين، ما إن تقوم بتأدية واجباتها المنزلية حتى يغلبها النعاس، كذلك الحال بالنسبة لزوجها، تقول: سرقتنا الحياة العملية ومضت السنين بنا واليوم في ظل تفشي فيروس “كورونا” والذي فرض على الجميع التزام منازلهم انقلبت حياتنا رأسا على عقب باتت تجلس مع زوجها طيلة النهار والليل وتضيف خلود: بدأت أتعرف على زوجي من جديد وباتت شجاراتنا واضحة وأحيانا تصل أصواتنا لمن حولنا من الجيران وبات يظهر شرخ كبير بيننا وصار يعتريني الخوف أن تطول فترة الحظر فحينها ربما يمضي زواجنا في طريق لا نعرف عقباه.
بينما “هبه” ذات الأربعين عاما تقول: أنا موظفة في دائرة حكومية وزوجي موظف حكومي صباحا وبعد الظهر يعمل في أحد المطاعم عملاً إضافيا ليكسب المال نتيجة الغلاء الفاحش الذي طال كل شئ، أخرج وزوجي إلى العمل كل في اتجاه وأولادي يذهبون الى المدرسة لأعود انا وإياهم وقت الغداء، فلا أجتمع أنا وزوجي إلا يوم الجمعة وفترة الصباح فقط، أما اليوم في جو الحجر الصحي وبقائنا في المنزل بتنا نجلس سوية، اليوم أحسست بجو العائلة إذ نمضي الوقت معا ولكن زادت مسؤولياتي فأنا من يخرج ليشتري حاجيات المنزل وأنا أقوم بتعقيمها وتنظيف البيت بالكحول والكلور وغيرها، بينما زوجي يكتفي بمتابعة نشرات الأخبار وآخر تطورات الفيروس وتغلغل التوتر في كيانه، فلا أجد فرصة للكلام والحديث معه، بل بات أكثر عصبية ونرفزة على أقل الأسباب وأتفهها، تبرر هبه بقولها ربما لأنه لم يعتد المكوث في المنزل كل هذا الوقت، في النهاية أجد نفسي مضطرة للسكوت وتبرير ما يقوم به حفاظا على عائلتي وسلامتها.
تعقيبا على الحالتين يقول خبراء بأن التوتر والإجهاد النفسي سلاح ذو حدين يمكن أن يقرب بين الزوجين إذا كانت علاقتهما متينة وقوية ويمكن بذات الوقت أن يفرقهما وتكون نهايتهما الانفصال إن كانت علاقتهما هشة.
وللحفاظ على العلاقات الزوجية خلال فترة الحجر الصحي ينصح الخبراء بالحد من متابعة أخبار الفيروس بشكل متواصل والاكتفاء بنصف ساعة في الصباح والمساء، والحصول على المعلومات حول انتشار الفيروس من وزارة الصحة، والتواصل عبر الهاتف ومنصات التواصل الاجتماعي مع الاصدقاء والأقارب للحصول على دعم اجتماعي.
ويُنصح بالحصول على قسط كاف من النوم خلال الليل لتقوية جهاز المناعة، وتناول غذاء صحي جيد، ناهيك عن ممارسة الرياضة خاصة في حديقة المنزل أو المساحات المفتوحة في البيت للحصول على هواء نقي، والأمر لا يقف هنا بل عليك تقسيم يومك بين الأشياء التي تريد القيام بها كتخصيص وقت للقراءة ووقت لمشاهدة التلفاز ووقت للاستماع لشريكك وتحديد موعد جلوس العائلة سوية على مائدة الطعام وغيرها من الأمور التي تغني يومك، وتوزيع الأدوار لكل فرد من الأسرة مثلا من يذهب لابتياع حاجيات المنزل، ومن ينظف المنزل ومن يطبخ، أما من يتوجب عليه العمل من المنزل ويرغب في الحصول على جو هادئ مناسب للعمل عليك بسماعات الرأس أو التفرد بغرفة والعمل فيها بعيدا عن صخب العائلة، وبخصوص الأطفال يتوجب على الأهل أن يكونوا بديلا عن المدرسة كمتابعة دروسهم وربما مشاهدة برامج تعليمية سوية أو حضور فيلم عبر اليوتيوب لتخلق جو سينما منزلية.
ربما تعتبر هذه بعض النصائح الهامة في فترة الحجر المنزلي والتباعد الاجتماعي وقد يكون لها أثر ايجابي على العلاقات الاجتماعية والأسرة وتخفف من التوتر الحاصل نتيجة الظروف الحالية.
البعث ميديا || ليندا تلي