الرئيس الأسد يجتمع بالمجموعة الحكومية المعنية بمواجهة جائحة كورونا وتداعياتها لبحث آخر مستجدات التصدي لها وآثارها على الحياة اليومية للمواطنين
اجتمع السيد الرئيس بشار الأسد اليوم مع المجموعة الحكومية المعنية بمواجهة جائحة كورونا وتداعياتها حيث جرى بحث آخر مستجدات التصدي للجائحة وآثارها على الحياة اليومية للمواطنين وخاصة على الصعيد المعيشي.
وفيما يلي النص الكامل لحديث الرئيس الأسد خلال الاجتماع..
قال الرئيس الأسد: كان من المفترض أو كنت أرغب بأن يكون اللقاء كما هي العادة لقاء موسعاً مع أعضاء الحكومة.. لكن ظروف التباعد المكاني المطلوبة والمعايير المحددة من أجل السلامة في ظروف الوباء فرضت أن يكون اللقاء مصغراً للمجموعة الحكومية المعنية بالتعامل مع الوباء وتداعياته.. طبعا كل الحكومة معنية ولا توجد مؤسسة ليس لها علاقة بهذا الموضوع.. لكن كأي حرب دائما يكون هناك تركيز جهود على اتجاه محدد يلقي الأعباء على بعض الوزارات أكثر من غيرها وإن شاء الله في فرص أخرى سيكون هناك لقاء موسع بيني وبين أعضاء الحكومة بقوامها الكامل.
وأضاف الرئيس الأسد: من المفترض ضمن إجراءات الأمان أن نرتدي القناع الواقي لكن بما أننا حددنا مسافات متباعدة ولضرورة فهم الكلام المنطوق كان لا بد من عدم ارتداء القناع.
وتابع الرئيس الأسد: لقاؤنا اليوم يأتي بعد بضعة أسابيع من بدء تطبيق الإجراءات في سورية لمواجهة الوباء وبعد عدة أشهر من انتشار الجائحة على مستوى العالم مع ما تركته هذه الجائحة من آثار عميقة جداً ما زالت واضحة بشكل يومي وتتصاعد وتتسارع دون هوادة تركت كل العالم بنوع من اللا يقين حول حاضر هذا العالم وخاصة في ظروف عدم توافر أو عدم ظهور أي شيء في الأفق لمواجهتها وايضا حول مستقبل هذا العالم عندما يتم الحديث عن مرحلة ما بعد الكورونا.. طبعا ما بعد الكورونا في حال تم التغلب على هذا الداء.. لأن كل ما يطرح حتى هذه اللحظة هو نوع من التفكير الحالم أو ما يسمى التفكير الرغبوي المنطلق من الرغبات.. كل ما يطرح حول اللقاح.. حول الوقاية.. حول العلاج.. حول سلوك هذا الوباء كلها أشياء متناقضة لا يوجد فيها شيء مثبت فإذاً نحن نتعامل مع حالة غير واضحة الأفق لا أحد فينا يعرف كيف تكون الأمور خلال أسابيع وربما خلال أشهر وحتى خلال سنوات.
وقال الرئيس الأسد: بكل الاحوال انطلاقا من حرص مؤسسات الدولة على حياة المواطنين قامت وبشكل سريع وفوري باتخاذ سلسلة من الإجراءات من أجل حماية المواطنين ونستطيع أن نقول اليوم وبعد مرور عدة أسابيع الحمد لله الأمور افضل مما كنا نتوقع ولا شك أن عامل السرعة كان له دور.. ولا شك بأن استجابة ووعي وتعاون المواطنين كان له دور ولكن كي لا نبالغ لا نستطيع أن نفترض أن هذه الأسباب هي الأسباب الوحيدة على اعتبار أن هناك الكثير من الدول أخذت إجراءات مشابهة لكنها لم توفق في حماية المواطنين.. لكن من البديهي في المجال الصحي أن التعامل مع العدوى يكون بداية بالابتعاد وبالتحاشي وباتخاذ أساليب التعقيم والوقاية فهذا من ألف باء العلم الطبي.
وأوضح الرئيس الأسد أن الإجراء الأهم الذي تم في سورية هو فرض الحظر الجزئي.. الهدف منه ليس فقط حماية المواطنين وإنما أيضا ترك المجال للحالات الكامنة غير الظاهرة لكي تظهر.. الحالات التي تنقل المرض وتنقل العدوى من دون أن يعرف الحامل أو الذي تمت عدواه بأنه قد أصيب.. وعلى الرغم من صعوبة هذه المرحلة كما قلت كانت استجابة المواطنين عالية لكن لهذه المرحلة كان الكثير من السلبيات فهي أثرت بالدرجة الأولى في الوضع الاقتصادي.
وقال الرئيس الأسد: ولكن ربما الكثير لم ينتبه لأن الحظر الذي يفترض أنه موجود أو أنه وجد من أجل وقاية المواطنين صحياً هو نفسه كان عاملاً لدفع المواطن باتجاه الإصابة.. كيف عندما يتراجع الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطن فهذا يعني أنه لن يكون قادراً على القيام بالإجراءات البسيطة الأساسية الأولية لحماية نفسه من نظافته الشخصية.. من تأمين متطلبات التعقيم وتأمين أدوات الوقاية وغيرها فهو لن يكون معرضاً تحديداً للكورونا.. سيكون معرضاً لأي مرض آخر وزيادة الأمراض ستجعل مناعته أضعف وسيكون بكل الأحوال معرضاً للإصابة فإذاً التوازن بين الجانبين لم يكن سهلاً لكن الجانب الاقتصادي كان هو الأساس في هذه الحالات.
وأضاف الرئيس الأسد: على كل الأحوال هذا يدل على أن مؤسسات الدولة كانت أمام خيارين كلاهما صعب إما أن تقوم باتخاذ اجراءات قسرية كاملة بالنسبة لموضوع الحظر مع ما يعنيه ذلك من تراجع للمستوى المعيشي وتراجع الاقتصاد بشكل عام أو ألا تقوم بأي شيء ومع ما يعنيه ذلك من تعريض المواطنين لخطر الإصابة التي تصبح بهذه الحالة شبه مؤكدة.. القرار الذي تم اتخاذه هو أن يكون هناك حل وسط من إجراء جزئي لم يكن كاملاً يوفق بين الحالة الاقتصادية والحالة الصحية واعتبرنا في ذلك الوقت أن هذا الإجراء هو الإجراء الأمثل ولكن كنا نبني على اعتبار أن ما يطرح حول زمن المرض أو الوباء هو زمن مؤقت كأي جائحة تستمر بضعة شهور.
وتابع الرئيس الأسد: لذلك قلنا أمثل.. لكن بعد بضعة أسابيع حتى هذا الحل الأمثل أصبح عبئاً.. يعنى لأن كلمة أمثل هي لفترة مؤقتة وقصيرة جداً وبدأت تؤثر بشكل سلبي في الحالة المعيشية ليس فقط لذوي الدخل المحدود وإنما للمواطنين بشكل عام.. وهنا كان يدور نقاش سواء في اللجنة أو في الحكومة أو في مؤسسات أو في الشارع وبيننا وبين الناس وخاصة عندما بدأنا بتخفيف الإجراءات.. لماذا تم التراجع عن الاجراءات.. هكذا كان يأتي السؤال بشكل دائم.
وقال الرئيس الأسد: في الحقيقة كنا نجيب إن الاجراءات التي تمت.. على أهميتها.. مع الزمن سادت السلبيات وتراكمت وأصبح مع الوقت من الصعب معالجتها لأنها وضعت المواطن بشكل عام بمختلف الشرائح بين حالتين.. الجوع والفقر والعوز مقابل المرض.. الجوع كنتيجة للفقر والعوز هو حالة مؤكدة ليست محتملة أما بالنسبة للإصابة بالمرض عندما يخرج الانسان فهي احتمال.. نتائج الجوع على الانسان أيضا معروفة ومحسومة مسبقاً وسلفاً أما نتائج الإصابة بالمرض فهي ليست محسومة لأن الغالبية من هؤلاء تشفى وليس العكس.. يمكن أن نطلب من الإنسان أن يضع قناعاً أو يستخدم أدوات أو يقوم بإجراءات للوقاية من المرض لكن لا توجد إجراءات للوقاية من الجوع سوى العمل والاسترزاق.. هذه من البديهيات.. فنحن لا نتعامل مع قضية مبادئ.. نحن نتعامل مع وقائع وأمور تتبدل على الارض.. فلذلك القرار هو ليس قضية تقدم وتراجع هو أن نذهب بالاتجاه الذي يحقق أفضل نتيجة بأقل خسائر هذا هو المبدأ الذي اعتمدنا عليه.. أقول هذا الكلام لأن هذا السؤال طرح بشكل واسع والناس تطالب ما هي رؤية الدولة.. يعني عندما قمنا بالإجراءات كانت لدينا رؤية والآن عندما نبدل الإجراءات هل لدينا رؤية أم نقوم بعمل عشوائي.. لا.. نحن لا نقوم بعمل عشوائي.. نحن نعرف تماما ما هي الإجراءات التي نقوم بها وهذا ضروري جداً أن يوضح لكل مواطن في سورية.
وأضاف الرئيس الأسد: لذلك عندما ظهر واتضح أن قضية الوباء ليست قضية مؤقتة وعابرة كان لا بد من البدء بالعودة التدريجية باتجاه الحياة الطبيعية لتخفيف الضغط غير المسبوق على المواطنين.. يعني الضغط الذي حصل وكلنا نعيش مع الناس ونعرف ما الذي يحصل وكيف يعانون.. تسع سنوات من الحرب لا توازي إلا القليل من الأسابيع القليلة الماضية.. كان لا بد من الذهاب بهذا الاتجاه وخاصة أن العالم اليوم أمام خيار وحيد.. وعدد كبير من المسؤولين في العالم أعلن هذا الكلام حرفياً بأنه لا يوجد لدينا الآن خيار سوى التكيف مع وجود هذا الوباء حتى يكتب شيء آخر.. هل يتم اكتشاف دواء.. لقاح.. أو أي شيء آخر.. يعني بأن الحياة سوف تستمر.. بداء وبدون داء.. بمرض.. بوباء.. بكل هذه الحالات الحياة تستمر وهذه هي سنة الحياة.
وقال الرئيس الأسد: الناس لديها حاجات.. لديها أولاً حاجة العمل والاسترزاق.. لديها حاجة التسوق وتأمين الحاجات.. لديها حاجة التعليم.. وأنتم ناقشتم موضوع التربية والتعليم العالي في اجتماع أمس أو أول أمس وستصدر قرارات قريباً.. وطبعا حاجات ليس فقط حاجات مادية.. هناك حاجات معنوية.. هناك حاجات روحية.. الناس تريد أن تمارس شعائر الفروض.. تريد أن تذهب لدور العبادة.. هذه الحاجات توازي الحاجات المادية بالنسبة للناس.. والحقيقة بكل هذه العناوين مع أنها جزء من عناوين أكبر الناس كانوا مشكورين أنهم استجابوا.. بالرغم من الضغط النفسي.. لتوجيهات الحكومة.. هذا شيء يقدر.. وأيضا هذا رصيد لمؤسسات الدولة أن المواطن يستجيب لها فأعتقد نحن الآن في مرحلة الانتقال للعودة للانفتاح في هذه المجالات المختلفة ولكن جوهر هذا الانفتاح هو الانفتاح المضبوط.. مضبوط أولاً مبني على أولويات وأنتم بدأتم بهذه الأولويات.. حددنا ما هو الأكثر إلحاحاً والآن ننتقل تدريجيا للمجالات الأخرى التي لم تكن أولويات ربما الأسبوع الماضي أو الذي سبقه.. الآن لا بد من السير بها.
وأضاف الرئيس الأسد.. ثانياً من حيث الإجراءات يعني نحن نريد انفتاحاً ولكن انفتاحاً مضبوطاً بمعنى أن يتحمل المواطن الآن جزءا من المسؤولية.. في المرحلة السابقة قامت الدولة بتحمل مسؤولية هذه الاجراءات لحماية المواطن وأخذت على عاتقها لنقل معظم المسؤولية.. أما الآن عندما نبدأ بالانفتاح فستكون المسؤولية الأكبر هي على المواطن من خلال السلوك الفردي اليومي ويجب أن نضع ضوابط ويجب أن نراقبها.. لا يعني التخلي عن مهامنا كدولة ولكن نتحول من القيام بالإجراء بشكل مباشر إلى مراقبة الإجراء.. وفي كل مجال ننفتح به.. لنفترض صرنا في مجال معين.. في مجال التعليم لدينا امتحانات الشهادة الثانوية والإعدادية.. لدينا موضوع دور العبادة.. طبعاً أنا اتحدث عن المساجد والكنائس.
وتابع الرئيس الأسد: عندما نعود لفتح هذه المجالات لا بد من أن نحدد للمواطنين ما هي ضوابط العودة لهذا المجال.. وبالوقت نفسه لا بد من الشرح بشكل واضح.. أولاً الأعداد القليلة التي ظهرت بالنسبة للوباء في سورية لا تعني أنه لا توجد أعداد أكبر بكثير لأننا لم نفحص كل المواطنين ولكن الذي يؤكد أن الاعداد نسبياً ليست كبيرة جداً هو قلة حالة الوفيات.. يعني يمكن إخفاء المرضى الحاملين للوباء وربما الأعراض إذا بقي الإنسان في منزله ولكن الوفاة.. الموت لا يمكن إخفاؤه.. الأعداد القليلة لا تعني أبداً أننا خرجنا من دائرة الخطر وتواضع الأرقام لا يعني أبداً أن هذه الأرقام المحدودة لا تنفجر فجأة خلال أيام وربما أسابيع قليلة.. لنرى أنفسنا أمام كارثة حقيقية تتجاوز الإمكانيات الصحية واللوجستية في سورية.
وقال الرئيس الأسد: هذه الحقائق يجب أن نعرفها جميعا لكي لا نستهتر.. لكي لا نتعامل مع الموضوع بكثير من الاستهانة ونعتبر أن الداء أصبح خلفنا.. هذه الأمور.. يجب أن نستمر في التوعية لكي يحمل كل مواطن المسؤولية مع الدولة.. الموضوع خطير والموضوع وطني.. الموضوع عالمي.. الكل مساهم فيه دولاً وحكومات.. مؤسسات صحية ومؤسسات عسكرية في عدد من الدول تساهم.. مؤسسات المجتمع المدني.. كل جوانب المجتمع معنية به.
وأضاف الرئيس الأسد: فإذاً نحن سنذهب باتجاه تدابير مرنة ولكن مرنة باتجاهين.. إذا رأينا أن الأمور تذهب بالاتجاه الأسوأ نستطيع أن نأخذ قرارات كدولة.. إجراءات نقول لا سمح الله ونتمنى أن لا يأتي هذا الشيء.. لذلك كل المواطنين سيتمنون معنا هذه الأمنية ولكن يجب أن نساهم بها.. هي لن تأتي وحدها.. إذا قمنا بواجبنا جميعا بشكل دقيق فإن شاء الله ستكون الامور دائماً إلى الأفضل بالرغم من الانفتاح.
وأوضح الرئيس الأسد أنه بالتوازي مع التحدي الصحي.. التحدي الآخر الذي نشأ أيضاً عن كورونا وما قبل كورونا هو التحدي الاقتصادي وتحديدا تحدي إعادة تنشيط الاقتصاد.. الآن في حال ذهبنا باتجاه الانفتاح وهو تحد صعب جداً وهو تحد يرتكز على أسس قوية جداً ولا أقول قوية جداً لمصلحتنا قوية جداً ضدنا لأن هذا التحدي يرتكز على حرب عمرها تسع سنوات مع ما يعني ذلك من تدمير للبنية التحتية.. يرتكز على حصار عمره تسع سنوات.. وطبعاً كلاهما الحصار والحرب.. نحن الآن ندخل في العام العاشر يضاف لهذين العاملين العامل الخطير اليوم وهو حصار الكورونا نفسه حيث قطعت سبل التواصل بين دول العالم مع ما يعنيه ذلك من صعوبة تأمين المستلزمات والسلع الضرورية للحياة اليومية في بلدنا وفي دول العالم مع ما يعنيه ذلك من حصار لدول العالم وانخفاض وتراجع كبير للاقتصاد العالمي الذي أصاب أقوى الدول وأقوى الاقتصادات في العالم وهذا انعكس علينا بشكل مباشر وسوف يستمر لسنوات.. يضاف لهذا العامل ظهور.. وهذا شيء طبيعي في مثل هذه الظروف.. بعض الجشعين الذين يحاولون استغلال الظروف من أجل خلق حالة من الاحتكار وبالتالي رفع الأسعار وتحقيق أرباح فاحشة على حساب المواطنين.
وقال الرئيس الأسد.. يضاف إلى كل ذلك الإجراءات القسرية التي فرضتها ظروف الوباء والتي أجبرتنا على اتخاذ إجراءات تتعلق بالحياة اليومية للمواطنين هي ليست بالأساس جزءاً من سياسات الحكومة ولم تكن مطروحة ولكنها فرضت علينا بالرغم من أنكم قمتم بإجراء تعديلات عليها وكانت تعديلات جيدة خففت من الأعباء إلا أنها بكل الأحوال كانت سبباً من أسباب المعاناة بغض النظر عن ما هو الدافع لهذه الإجراءات.
وأضاف الرئيس الأسد: إن كل هذه المشاكل والتحديات أو العقبات لا تعني أننا لسنا قادرين على فعل شيء.. لا يوجد شيء مطلق.. لا توجد عقبة مطلقة ولا يوجد حصار مطلق.. ولا يوجد شيء كامل في الحياة.. كل شيء نسبي.. تزداد الصعوبات ولكن بنسبة محددة وبالتالي لا يعني كل ذلك أن نجلس وننتظر تبدل الظروف حتى نقوم بعمل ما فإذا كان التحدي الأكبر بالنسبة لنا اليوم على المستوى الداخلي هو تأمين الاحتياجات اليومية وخاصة المواد الغذائية قبل كل شيء وهو ما يعاني ويشتكي منه المواطن بشكل يومي ومستمر.. إذا كان هذا الجزء بالدرجة الأولى بجانب منه مرتبط بالمواد المستوردة وهذه المواد تخضع أولاً للقدرة على التأمين وأحياناً نستطيع وأحياناً لا نستطيع حسب الظروف.. وإذا كانت تخضع هذه المواد المستوردة بجانب آخر لسعر الصرف وللأسعار العالمية وكلا العاملين بكل الأحوال هو خارج سيطرة الحكومة السورية.. فسورية بلد غني ولدينا محاصيل غذائية على مدار العام ولو أغلقوا الحدود فلن نموت.. أنا لا أرى كارثة في هذا الجانب.
وتابع الرئيس الأسد: الحقيقة أغلب شكاوى المواطنين هي بالنسبة للمواد المحلية.. المنتج المحلي.. وهنا يكون السؤال أو التحدي أمامنا.. وهو السؤال نفسه لماذا هناك فرق كبير بين سعر الأرض أي المزارع والسعر المقدم للمستهلك.. كما قلت هذا السؤال وهذا هو التحدي بالنسبة لنا وأعتقد بأن السؤال أو الجواب بديهي الكل يطرحه أيضاً.. كيف نكسر الحلقات الوسيطة بين المزارع والمستهلك.. هذا ما يطرحه.. لكن النقطة الثانية التي لا تطرح كثيراً وهي بالأهمية نفسها.. كيف تكون الدولة هي المتدخل وهي اللاعب الأساسي في السوق.. قليلاً ما يتحدث بهذا الموضوع.. لا يكفي أن نتحدث عن كسر الحلقات الوسيطة إن لم نتمكن من الحديث عن دور الدولة في فرض السعر وهذا له إجراءات عدة.
وأكد الرئيس الأسد أن الإجراء الأخير الذي تم وهو في بداياته ونفذ في عدد قليل من المحافظات واعتقد الآن انه سيستمر هو فتح الأسواق للمزارعين القريبين من المدن لكي يقوموا ببيع المنتج في الأسواق داخل المدن وهذا عمل فعلاً مهم وجيد.. البعض اعتقد أنه محصور برمضان.. لا.. الناس تأكل في كل الأوقات.. ولا بد من أن يكون هذا الإجراء إجراء مستمراً وجزءاً من السوق في سورية.. الفلاح يصبح مع المواطن هما المتحكمان بالأسعار وهذا يخلق ربحاً أكبر للفلاح والمزارع وفائدة أكبر للمستهلك أو المواطن.. هذا الموضوع يجب أن نركز عليه وبسرعة كبيرة أن نتوسع به.. هذا بالنسبة للمزارعين الموجودين قرب المدن لا توجد مشكلة في هذا الموضوع ولكن بالنسبة لمعظم المحاصيل التي ستنتقل لمكان آخر.. لمحافظة أخرى لا بد من حل آخر.. أول حل يخطر في بالنا وأول اداة نمتلكها هي مؤسسة التجارة ولذلك دعونا اليوم معنا السيد مدير مؤسسة التجارة ليكون معنا في هذا الاجتماع.. كما كان الجيش في الجبهة في القتال ضد الإرهابيين والصحة في القتال ضد الوباء فأيضاً لا بد أن تكون مؤسساتنا الاقتصادية هي في الجبهة في الموضوع الاقتصادي وخاصة في هذه المرحلة.
وقال الرئيس الأسد: قبل الحرب نسي الناس القطاع العام.. كانت هناك بحبوحة وكانت هناك ظروف مختلفة حتى جزء من الصالات تم تأجيرها للقطاع الخاص.. وفي ظروف الحرب ومع اشتداد التحديات الاقتصادية زاد التركيز على دور مؤسسات القطاع العام ولكن في الأسابيع الأخيرة كانت هناك حاجة شبه كاملة من معظم الشرائح لمؤسسات القطاع العام وأنتم تعلمون أن الكثير ممن كانوا قادرين على الشراء سواء الخبز أو المواد الغذائية الأخرى من الأفران الخاصة أو من البقاليات الخاصة أو من المؤسسات الخاصة بشكل عام انتقلوا في هذه المرحلة للشراء من مؤسسات الدولة.. مؤسسات القطاع العام لانخفاض القدرة الشرائية.. فهذا يحمل المؤسسة ووزارة التجارة الداخلية عبئاً كبيراً.
وأضاف الرئيس الأسد: المؤسسة صدرت لها قوانين عدة والقوانين الأخيرة أعطتها صلاحيات كبيرة وهي تلعب الآن دور التاجر.. لكي لا ندخل بالتفاصيل.. اجتمعت اللجان منذ أيام وقدمت دراسة كاملة فيها كل العقبات والجزء الأكبر من العقبات تم حله في الأيام القليلة الماضية وبقي عدد من العقبات سيتم حلها خلال الأسابيع المقبلة وسيتم تشكيل لجان من الوزارة.. وزارة المالية.. تتعلق بالأمور المتعلقة برأس المال وبالنظام الداخلي وغير ذلك ولكن مع ذلك المؤسسة الآن بدأت بالشراء من المزارع وهذا كسر للحلقات الوسيطة.. المؤسسة تمتلك أسطولا من السيارات للنقل.. هذا متوافر لن نقوم بشراء سيارات لتبدؤوا بالعملية.. العملية موجودة.. لديكم برادات للتخزين.. يبقى الجزء الآخر من الصلاحيات الذي لم يمارس.. الشركة قادرة على أن تقوم بضمان الأراضي من الفلاحين كما يفعل كثير من التجار.. قادرة على طلب زراعة المحاصيل لها بعد التعاقد مع الفلاح.. قادرة على التدخل في السوق كما قلنا في البداية بالمرسوم هي تاجر فالمطلوب منها بهذه المعطيات الموجودة كمؤسسة قوية وبعد حل كل المشاكل أن تتدخل بالزمن وبالكمية.. بالزمن.. الاحتكار الآن نتحدث عن بعض المحاصيل التي انخفضت أسعارها في الأيام القليلة الماضية.. لأن المواسم بدأت تعطي محاصيل فانخفضت الأسعار عمر الموسم أشهر قليلة.. المحتكر يأخذ هذه المواسم ويضعها في البرادات وينتظر انتهاء الموسم لكي يبدأ بتصديرها إلى السوق أو عرضها في السوق بأسعار عالية.. تستطيع المؤسسة ان تلعب هذا الدور نفسه وتفرض نفسها كلاعب في السوق بحسب المواسم وتقطع الطريق على المحتكرين.
وقال الرئيس الأسد: النقطة الثانية في أسواق الجملة.. نحن نترك اليوم لبعض المحتكرين في أسواق الجملة أن يفرضوا السعر لذلك نرى أن الفلاح خاسر والمستهلك خاسر.. المؤسسة هي اللاعب الأكبر وهي التاجر الأكبر.. لكن هذا بحاجة إلى مزيد من الديناميكية.. خلال الأسابيع القليلة المقبلة سيتم حل كل العقبات ونريد أن نرى من المؤسسة أنها تاجر شاطر وتاجر لمصلحة المواطن.. بالقانون لا أرى حاجة لأي تبديل.. نستطيع أن نحلها من خلال النظام الداخلي ومن خلال العقبات التي تمثلت بتدخل بعض المؤسسات الأخرى في الدولة بشكل خاطئ.. تم التوجيه منذ أيام لإنهاء هذه العلاقة الخاطئة.. ولأن لديكم كل الصلاحيات بحسب القانون للقيام بهذا التدخل وأي مساعدة.. نحن في الرئاسة.. في الحكومة جاهزون لدعم هذه المؤسسة وطبعاً السيد وزير التجارة سيكون معكم بشكل وثيق من أجل الوصول لنتائج مرضية للمواطنين.
وأضاف الرئيس الأسد: إذا تمكنا من الوصول إلى نتائج قريبة بالسعر يعني من سعر الفلاح طبعاً مع احتساب الأرباح أعتقد عندها سنكون انتهينا من المشكلة الأساسية بالنسبة للأسعار.. يبقى العامل الآخر وهو موضوع القدرة الشرائية.. القدرة الشرائية تصبح موضوعاً أوسع.. أعمق وأكثر تعقيداً يدرس باتجاه آخر.. أما الحديث عن القدرة الشرائية ونحن لا نقوم بضبط الأسعار فهذا غير منطقي.
وتابع الرئيس الأسد: النقطة الثالثة هي موضوع ملاحقة المخالفين.. دائماً يطرح من قبل المواطنين.. التموين لا يعاقب.. طلبت أنا الضبوط وسجلت الأرقام في عام 2019 عدد الضبوط 15 ألفاً.. في عام 2020 في الأشهر الأربعة الأولى عدد الضبوط 21 ألفاً.. هل نستطيع أن نقول أنه لا توجد مخالفات.. لا.. المخالفات موجودة لكن لا توجد نتائج.. القضية بسيطة.. هذا يعني أن العقوبات غير كافية كما كان الوضع بالنسبة للتعامل بالدولار والعملة الصعبة منذ عدة أشهر.. رفعنا العقوبات.. فلا بد أن يكون هناك مقترح وسريع جداً لكل ما يتعلق بموضوع الأسعار.. بموضوع عدم وضع الأسعار.. موضوع الفواتير.. موضوع الغش.. موضوع الاتجار بالمواد المدعومة.. لا بد من أن تكون عقوبات صارمة وحازمة وقاسية.. لا يوجد تساهل.. لا يجوز أن يكون هناك تساهل في هذا الموضوع.. وهذا الشيء نستطيع أن نقوم به خلال أيام قليلة.. تتم دراسة بنود العقوبات مع وزارة العدل ليتم إصدار المراسيم الضرورية بشكل فوري.
وقال الرئيس الأسد: الكل يتحدث فقط عن العقوبات.. أنا بدأت بالأسباب.. العقوبات وحدها لا تكفي دون معالجة العرض والطلب كما بدأنا في البداية.. العقوبات لا تؤدي لنتيجة.. لكن لو زدنا العقوبات هل نتوقع أن تكون هناك نتائج.. لا ليس بالضرورة.. لماذا… لأن العقوبات بحاجة لآليات.. كيف سنضمن أن كل مراقب سيقوم بواجبه… ربما يحصل العكس.. عندما ترتفع العقوبات لا بد من مناقشة آليات الرقابة التموينية.
وأضاف الرئيس الأسد.. منذ عدة عقود.. كنا في المدرسة ربما في المرحلة الإعدادية عندما بدأنا نفهم هذه الأشياء بشكل مبسط.. كنا نسمع الكلام نفسه.. الأسعار عالية والتموين لا يقوم بالضبط.. بعد أكثر من أربعة عقود وتبدل وزراء وتبدل مدراء.. وذهبت منهم أجيال لم تعد موجودة بيننا.. والمشكلة نفسها.. هذا يعني أننا كمجتمع مصرون على أن نستمر “بنطح الحائط” بدلاً من الالتفاف حوله للبحث عن حل.. إذاً.. الآلية خاطئة.. هذه الآلية لم تحقق الكثير.. ربما تحقق شيئاً.. ما هو الحل… لا بد من مشاركة المجتمع المحلي.. هل هذا الكلام يتم عبر مجالس محلية والإدارة المحلية كمؤسسة أم يتم بآليات أخرى… لكن وجود أشخاص محليين طبعا ألا يكونوا من أصحاب المصالح.. يعني لا يمكن لتاجر أن يكون جزءاً من الرقابة وصاحب المحل أو ما شابه من الشخصيات الأخرى التي تشارك مع التموين في عملية الرقابة.
وتابع الرئيس الأسد: أبناء المدينة الواحدة والمنطقة الواحدة دائماً يكون هناك حاجز يمنع الرشوة أو التعدي أو خرق القانون أو خرق المصالح هذا الشيء كما قلت يتم مع التموين.. أيضاً وجود هؤلاء مع التموين إذا كان هناك موظف فيكون هناك من يراقب الموظف.. يجب أن ننتقل إلى الآليات الاجتماعية أو المجتمعية.. الدولة دائما موجودة لكن الدولة وحدها لا يمكن أن تقوم بكل الأعمال.. خاصة مع توسع المجتمع.. خاصة مع تطور العالم في العام 2020 وما زلنا ندير المواضيع أحياناً ونطرح أفكاراً بعقلية الخمسينيات والستينيات والسبعينيات.
وقال الرئيس الأسد: إذا تعاملنا مع كل هذه العناوين.. وأنا لا أراها عناوين معقدة.. الحقيقة بحاجة لبعض الديناميكية.. أعتقد أننا نستطيع تحقيق نتائج كبيرة بشكل سريع.. بعدها يأتي تطوير الاقتصاد بمعناه الأكبر وما يسمى “الماكرو” تصبح قضايا أخرى مرتبطة بعوامل مختلفة ومرتبطة أكثر بالوضع العالمي لها حلول أخرى.. ولكن حل هذه الأمور البسيطة يعطي انعكاساً سريعاً على المواطنين وعلينا جميعا.. بالمحصلة الآن في هذه الظروف نحتاج الشفافية أكثر من الظروف الأخرى.. من الطبيعي أن يكون هناك استغلال لأي مشكلة في سورية من قبل الإعلام المعادي المغرض.. هذا شيء بديهي.. ومن الطبيعي أن تكون هناك أفكار غير صحيحة.. ليست بالضرورة من سوء نية من قبل المواطنين ولكن من عدم المعرفة.. لكن كيف أطالب المواطن بأن يميز بين الغث والسمين وهو لا توجد لديه معلومات أيضاً.. أنا أحمل المسؤولية لا بد من نقل المعلومات بشكل مباشر.
وأضاف الرئيس الأسد: وفي الظروف التي نمر بها كالوباء والحرب وغيرها دائماً نتحدث عن فكرة أننا لا نقول فكرة معينة لأن هذه الفكرة تخلق هلعاً لدى المواطن.. عدم الرغبة في خلق حالة هلع لا يبرر عدم إعطاء المعلومة على الإطلاق.. بالعكس ربما الظروف الحالية تحتاج لمعلومة أكثر ولكن بطريقة سليمة.. الطريقة التي نطرح فيها المعلومة هي التي تخلق الهلع فلا بد من نقل كل المعلومات بشفافية دون قلق حتى عندما نقوم بإجراء معين نشرح الإجراء ونشرح للمواطن فوائد وسلبيات الإجراء.. وإذا أخطأنا نقول أخطأنا.. تجربة جديدة جربنا وعندما لم تنجح بدلنا.. كل شيء جديد لدينا في هذه المرحلة.. أنا أعطي مثالاً بسيطا البطاقة الذكية هي عملية أتمتة.. والنقد الذي حصل مؤخراً بشكل موسع حول موضوع توزيع الخبز اليوم أي إجراء غير مؤتمت هو إجراء فاشل.. العالم ينتقل إلى الجيل الخامس من الاتصالات والذي لم يعد له علاقة بالهاتف ربما بشكل مباشر ولا بالحاسوب له علاقة بما يسموه انترنت الأشياء.. عملياً أتمتة الأشياء يعني حتى حياتنا أصبحت مؤتمتة وخاضعة للسيطرة الرقمية.
وتابع الرئيس الأسد.. من البديهي أن يكون كل شيء مؤتمتاً إذا كان التطبيق خطأ شيء.. وإذا كانت الفكرة خطأ شيء آخر.. لم يشرح للمواطن.. الآن بعد هذه التجربة بكل سلبياتها كان هناك توفير يومي بحدود 89 طناً من القمح فقط في دمشق وريفها يعني وفق الحسابات التي أخذناها من الوزارة 28 مليون ليرة سورية على مدى عام تتجاوز العشرة مليارات فكم تكون كمية الهدر في الطحين فقط.. في كل سورية بالعام الواحد تتجاوز خمسين أو ستين ملياراً .. الشيء نفسه بالنسبة للغاز.. بالنسبة للمازوت وغيرها.
وختم الرئيس الأسد بالقول: فإذاً يجب أن يكون المسؤول لديه القدرة على الشرح والنقاش وليس بالضرورة أن يتفق دائما مع كل المواطنين.. أساساً الناس آراء مختلفة لكن الناس تحترم الوضوح قد لا تتفق الناس معنا في كل شيء لكنها تحترم الوضوح من قبل المسؤول.. بكل الأحوال الكل يقدر حجم العمل الكبير الملقى عليكم في هذه الظروف.. هي ظروف صعبة جداً نحن لا نتحدث في ظروف طبيعية على الإطلاق.. والمواطن يقدر أن هناك حرباً.. هناك حصاراً وهناك وباء ولكن علينا أيضا أن نعرف أننا قادرون كل يوم على فعل شيء ليس بالضرورة أن تكون أشياء كبيرة ولكن تراكم الاشياء الصغيرة يخلق بالمحصلة شيئا كبيرا.. أتمنى لكم كل التوفيق وأنا مستعد الآن للبدء في الاستماع لما لديكم في هذا الإطار.
بعد ذلك استمع الرئيس الأسد إلى آراء الحضور ومداخلاتهم وجرى حوار حول الآليات والإجراءات الكفيلة بتخفيض الأسعار حيث وجه الرئيس الأسد أعضاء المجموعة بتقديم مقترحات بهذا الشأن والإسراع في أعداد أو تعديل القوانين المتعلقة بتشديد العقوبات بحق التجار المخالفين والمحتكرين.
كما تناول الحوار التدابير الوقائية التي يجري اتخاذها فيما يتعلق بجائحة كورونا من حيث العمل على رفع القدرة على إجراء التحاليل والاختبارات والتأكد من جاهزية مراكز الحجر الصحي وخصوصاً مع بدء عودة السوريين العالقين في الخارج.