الموسيقى تصلح ما أفسده الوباء..
مع توقف إيقاع الحياة في أغلب الدول، صدح صوتٌ خرج من شرفات المنازل ونوافذها، كاسراً صمت الشوارع والأزقة.. إنها الموسيقى التي خلقت حالة من التواصل الاجتماعي بين الناس، بعد ان فرقتهم الإجراءات التي اتخذت للحد من انتشار فيروس كورونا..
ولطالما اعتبرت الموسيقى طريقة للعلاج، والتنفيس عن انفعالات الفرد وتهدئة أحزانه، لما تحويه من رسائل تصل إلى الجميع بلغة ليست بحاجة إلى قواميس لترجمتها، لُتقارب بينهم وتكون جسرا لتواصلهم.. وفي ظل العزل الجبري الذي فرضه انتشار الفيروس، لم يجد الفنانون والموسيقيون سوى آلاتهم وأصواتهم لبث الأمل في النفوس وتخفيف وطأة الجحر المنزلي..
الأغاني والألحان المختلفة ملأت شوارع العديد من المدن وأحياءها، في إيطاليا وإسبانيا وفرنسا والهند وألمانيا والعراق ولبنان ودولٌ أخرى، وتحولت الشرفات إلى مسارح قدمت عليها أجمل العروض وشارك فيها الجميع، كلٌ من منزله، متحدين الظروف التي فرضها انتشار فيروس كورونا، فيما لجأ آخرون إلى مواقع التواصل الاجتماعي لتقديم أعمالهم وعروضهم وإتاحتها للناس للاستمتاع بها أثناء الجلوس في منازلهم..
في المقابل، استخدم آخرون الموسيقى ليعبروا عن تضامنهم مع المتضررين من هذه الجائحة، حيث قدمت مبادرات من قبل العديد من نجوم الغناء، لإقامة حفلات افتراضية بُثت عن الهواء مباشرة، ومنها الحفل الذي شارك فيه عدد من المغنين العالميين، مثل سيلين ديون وليدي غاغا وبول ماكارتني وغيرهم، لدعم الطواقم الطبية المساهمة في مكافحة الوباء، وحمل عنوان “عالم واحد: معاً في المنزل”، وتخلله استضافات للعديد من المشاهير، وأيضا الحفلة عبر الانترنت التي أطلقها ممثل بوليوود شاه روه خان، لجمع تبرعات للمتضررين من الجائحة..
ولأن الأوضاع حالت دون تواجد أعضاء الأوركسترات في مكان واحد، كان لابدّ من إيجاد حلول بديلة، تمثلت بعزف كل فرد من الأوركسترا مقطعه المخصص بشكل منعزل من بيته، ودمج كل المقاطع مع بعضها بعد ذلك لتقديم عرض متكامل ينشر على المنصات الرقمية، ومنها مبادرة “خليك بالبيت الأوركسترا بتجي لعندك” للأوركسترا الوطنية اللبنانية، وعروض أخرى قدمتها الأوركسترا الهولندية، والأوركسترا الوطنية الفرنسية، والكورال الأوروبي الدولي، والعديد غيرها..
الموسيقيون السوريون لم يكونوا بمعزل عما يجري في العالم الموسيقى من طفرة فُرضت نتيجة الأحداث الجارية، وكان لهم تجارب مشابهة لتلك العروض، ونذكر منها، مقطوعة “وقمح” التي قدمتها “أوركسترا الموسيقى العربية” من معهد صلح الوادي، في رسالة حب وتواصل للناس، شارك فيها 38 طالباً وطالبةً من مختلف سنوات الدراسة بالمعهد..
وكذلك، الأغنية التي أطلقتها مغنيات كورال غاردينا، بقيادة غادة حرب، وتناولت ظروف الحجر الصحي، و اقتبست ألحانها من “ترنيمة الأجراس، وصورت بحيث تنشر كل مغنية كلماتها من المنزل..
العديد من الدراسات تؤكد ان الموسيقى تخفف الكآبة لدى الأشخاص الذين يمرون بظروف ومشاكل اجتماعية، فكيف لها ألا تكون حاضرة والعالم بأسره يمر بظروف استثنائية أرخت بظلالها على كافة المجالات والقطاعات، لتكون علاجا لأرواح الناس وعقولهم وقلوبهم، فرغم الانعزال المنزلي إلا أن العالم اتحد بالموسيقى..
رغد خضور