زاسبكين.. علاقات سورية وروسيا إستراتيجية وغير قائمة على المصالح

عندما رفع مندوب روسيا السابق في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين الصوت رافضاً مشروع القرار العربي الأوروبي في مجلس الأمن في الرابع من تشرين الأول 2011 لإدانة سورية والتدخل في شؤونها، لم يكن مجرد فعل سياسي الهدف منه فقط تحقيق مصالح اقتصادية وعسكرية آنية، أو حركة استعراضية الغاية منها لفت الانتباه، وإنما كان بهدف تحقيق العدالة في القضية السورية، ورفض جعّل منصة الأمم المتحدة أداة بيد الدول القوية لتمرير مصالحها ومشاريعها على حساب الشعوب وسيادة الدول، وإلا ما كانت انتظرت روسيا تسع سنوات واستخدمت حق النقض الفيتو عشرات المرات وتدخلت عسكرياً وتحملت ضغوطاً سياسية حتى تصل إلى هذا اليوم لتقول أنها تريد عقد صفقة مع أمريكا على حساب سورية وقيادتها، وأنها جاهزة لتقاسم المصالح بين الدولتين، فما يروج من فبركات وقصص وراويات عن العلاقة بين البلدين هو أضغاث أحلام في عقول من أراد منذ البداية إسقاط سورية ودفعها لأن تكون محمية لعصابة الإخوان المسلمين وزمرتهم الإرهابية.

لقد اكتسبت العلاقات الدبلوماسية السورية الروسية منذ انطلاقتها قبل 75 عاماً صبغة مختلفة عن تلك التي تقام بين باقي الدول الأخرى، مكنتها على مر الأيام والظروف والأحداث التي مرت على البلدين أن تبقى محافظة على متانتها على الرغم من بعض المحطات الصعبة في مسيرتها، لتصل إلى ما هي عليه اليوم من علاقات متينة وإستراتيجية وتاريخية توجت باستجابة الحكومة الروسية لطلب الدولة السورية في عام 2015 عبر إرسالها مجموعة من قواتها الجوفضائية لمؤازرة الجيش العربي السوري وحلفائه في حربهم للقضاء على الإرهاب التكفيري الأسود، وقد عبر عنها السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبكين خلال مقابلة بالأمس على الإخبارية السورية ضمن برنامج “بلا خرائط” بالقول “العلاقات الروسية السورية هي علاقات إستراتيجية وقديمة غير قائمة على المصالح، وهي علاقات عميقة”، وأن ما يجري اليوم من فبركات إعلامية هي بحسب السفير أيضاً ” حلقة من مسلسل كبير بدء مع بداية الأحداث في سورية، مؤكدا أن روسيا منذ البداية لم تتراجع في مجلس الأمن وهي ثابتة في دعمها لسورية”.

تصريحات تعيد تأكيد ما قاله الكرملين عبر ناطقه الرسمي والخارجية أيضاً من نفي لهذه الإشاعات والمراهنات، إذاً لماذا كل الإصرار على إيجاد شرخ بين القيادتين والشعبين؟.

https://www.facebook.com/Alikhbaria.Sy/videos/263441351709260/

لقد شكلت الحرب الإعلامية خلال سنوات الأزمة السورية عاملاً رئيساً في تأجيجها منذ اللحظة الأولى لانطلاقها ولغاية اليوم من خلال بث كم هائل من الأقاويل والأكاذيب عن القيادة والجيش والشعب، وجميعها فشلت في الوصول إلى مرادها ومبتغاها، وما يجري اليوم من استهداف للعلاقات بين موسكو ودمشق لا ينفصل عن هذا السياق، فالأدوات الإرهابية التي استخدمتها هذه الدول فشلت تنفيذ مخططاتها لا بل وأصبحت عبئاً كبيراً عليها لا تدري كيف ستتخلص منها، وما نراه اليوم من نقل المرتزقة الإرهابيين إلى ليبيا إلا دليل واضح على ذلك، وبالتالي فقد وجدت في تضخيم الأحداث وبث الشائعات وتداولها على منصاتها الإعلامية فرصة لتحقيق خرق ما للاستفادة منه في الجولات القادمة، تصريحات المبعوث الأمريكي السامي إلى سورية جيمس جيفري مثال.

روسيا لن تبدل مواقفها تجاه سورية كما يحاول البعض أن يسوق ويتمنى والعلاقات بين البلدين أعمق من ذلك بكثير، وكما اختصرها السفير زاسبكين في حديثه بالأمس “إن قبول ما يتم طرحه حول تبديل روسيا لموقفها هو خسارة”، وعليه فإن العلاقات بين سورية وروسيا ستبقى راسخة ومتجذرة أما ما يتم تداوله فهو كما وصفته جريدة البعث في افتتاحيتها “في الضحك على اللحى” : إنّها تلفيقات فاشلة مسبقاً، وهي ليست أكثر من ضحك على لحى المأجورين وعبث بها وبهم بقصد التغرير بهم والتخلص منهم، وربما تكون هذه من بين الأسهم الأخيرة الخائبة في كنانة المشغلين والداعمين.

سنان حسن