جنون الأسعار وأثرها على روّاد المكتبات
طالت سنين الحرب التي عاشتها البلاد والتي أثرت في شتى نواحي الحياة ولم تترك جانبا إلا وكان لها بصمة خاصة عليه، وكان لدور النشر والمكتبات حصة لا بأس بها.
فسابقا في سنين الرخاء كان يقوم المرء بزيارة شارع المكتبات “الحلبوني” للاطلاع على عناوين كتب أو روايات جديدة ليشتري بعضا منها بمبلغ رصده من مرتبه الشهري، ولكن في السنوات الأخيرة بات هذا الأمر آخر همّ المواطن السوري نظرا للغلاء الفاحش وضعف المورد الذي بالكاد يكفي دفع أجار بيت أو شراء حليب ومستلزمات اطفاله، أو ربما كان إنجازا عظيما أن يصمد في جيبه حتى العشر الأولى من الشهر.
أثّرت الأزمة بشكل واضح على المكتبات فحين تزور بعضها ترى الغبار يكسو الكتب والروايات، والعناوين القديمة هي ذاتها لا جديد يذكر، حالة جمود سادت، أصحاب المكتبات يبرّرون سبب الركود في حركة البيع هذه، فبعضهم يعزو السبب إلى غلاء الورق وبأن معظمه مستورد والسعر يحدد وفق سعر الصرف، عدا عن ارتفاع أسعار المحابر الخاصة بالطباعة وأجور العمال والمواد الأولية الخاصة بصناعة الكتب.
ويرجع البعض السبب إلى انقطاع الكهرباء بشكل متكرر وطويل ما أثّر على عمليات الطباعة، وهذا بدوره أدى لارتفاع أسعار الكتب بأضعاف عمّا كانت عليه قبل الأزمة، هذه الأسباب مجتمعة جعلت بعض أصحاب المكتبات يحوّلون مكتباتهم إلى محلات أكثر جدوى لكسب المال أو باعوها وهجرو المهنة.
بعض أصحاب المكتبات أرجع جمود بيع الكتب والروايات لانتشار الانترنت ومنصّات التواصل الاجتماعي التي جذبت غالبية القراء والمهتمين لمتابعتها وسهّلت عليهم تصفّح الكتب الإلكترونية وقتلت الرغبة باقتناء الكتب الورقية.
وثمّة من يقول: إنّ الكتب التي تباع في شارع المكتبات وعلى الأرصفة غالبا تكون أرخص من المكتبات العريقة ذات الكتب القيّمة والغالية، لذلك تشهد إقبالا من المهتمين المقتدرين على اقتناء الكتب والروايات وهذا بدوره عامل مهم لجمود حركة البيع في المكتبات.
واضافة الى آثار الحرب على الاقتصاد السوري عموما وعلى دور الكتب والنشر خصوصا، أتى فيروس “كورونا” ليرخي بظلاله على ما تبقى من روح منهكة متعبة للمواطنين، ليبقى السؤال الذي يطرح نفسه هل نشهد عودة روّاد القراءة قريبا؟ وهل نرى طوابير المهتمّين مصطفين أمام المكتبات؟ وهل تنتعش جيب المواطن يوما ليتجاوز حلمه بشراء الأكل والشرب ويقتني كتابا بات آخر همّ يفكّر به؟ كل هذه الأمنيات تبقى رهن الأيام القادمة وما تخفيه في طيّاتها.
البعث ميديا || ليندا تلي