احذروا الأذرع الممتدة إلى سورية من وسط ” الحريق اللبناني”..
حقق مدير بنك لبناني يعمل في سورية رقما قياسيا بشراء الأراضي والعقارات في قريته بلبنان..وبات علامة فارقة هناك..والسر كما يوضح المطلعون على بواطن الأمور ..يكمن بالعلاوات التي يحصدها المدير الحاذق من عمليات ” الكومشن” التي برع بها بنكه كما باقي البنوك الخاصة السورية..وخاصة اللبنانية بعائديتها.
الحقيقة لم تهدأ ارتدادات ” الزلزال المالي” الذي عصف بالجار اللبناني..وهو الخاصرة – بل الحاضرة المالية لسورية – وغالباً ما تكون الهزات الارتدادية أكثر خطورة من الزلزال ذاته.
فقد كانت فاتورة خيار مالكي الرساميل السورية – أفراد ومؤسسات – باهظة بالاتجاه نحو البنوك اللبنانية، مأخوذين بنسب الفائدة العالية ” الفخ” التي كانت الطعم الدسم لاستقطاب ” أطنان” الدولارات وشفط موجودات السوق السورية من العملة الخضراء، في أحلك وأصعب ظرف قاهر تمرّ به البلاد..ورغم أن من الحكمة الشك بنيّات مصرف لبنان إزاء استقطاب ما بحوزة السوريين من العملة الأميركية، إلّا أن ما حصل قد حصل..لكن ثمة سؤال يلحّ حالياً على كلّ متابع لما جرى، مفاده استفسار حول مدى استفادتنا في سورية من الدرس باهظ الثمن؟؟
وسؤال أكثر إلحاحاً وهو: هل كفّ اللبنانيون عن اللعب بالاقتصاد السوري عبر البوّابة النقديّة..أي أليس في سوقنا أذرع ذات هويّة لبنانية تمعن – عفواً أو قصداً – في التلاعب بالليرة السورية وبشكل يزيد بإنهاكها أكثر مما هي منهكة؟؟
الواقع لا يملك أي متابع أو حتى صاحب قرار نفي مثل هذه الظنون – بل المعطيات – لأن في الميدان النقدي ما يشي بما يثير الهواجس و القلق..رغم أنها ظنون نطلب من الجهات المختصّة التأكد منها، ونرجو أن نكون مخطئين..لكن مصلحتنا كسوريين تقتضي التنبيه.
فلدينا في سورية أذرع مصرفية لبنانية الأداء والهوى والانتماء..سوريّة الهويّة والمنشأ، تعمل في سياق منظومة المصارف الخاصّة السورية..وهي الأكثر في السوق السورية في حسابات النسبة والتناسب بين المصارف العاملة هنا..بين خاص تقليدي برأسمال تأسيسي غير سوري و آخر إسلامي أيضاً مؤسسيه غير سوريين..وبإمكان أي متابع أن يحصي العدد الوافي من المصارف اللبنانية في السوق السورية، والتي هي استنساخ لذات المؤسسات المصرفية اللبنانية الأم..وهي قائمة لا يسعى أصحابها إلى مواراتها بتاتاً..بل كأنها مكاتب للمصارف اللبنانية..فهل سلمت الليرة السورية من سياسات غير معلنة لهذه المصارف..وهل استطاعت المصارف ” اللبنانية” العاملة في سورية، أن تتجاهل أنها لبنانية رأس المال والإدارة والنزعة المهنية للكوادر القائدة فيها؟؟؟
لا نظن أنه من الصعب تلمّس الأثر غير السليم الذي تسببت به هذه المصارف في الاقتصاد السوري منذ إحداثها ” تحويل الأموال والعائدات إلى المصارف الأم تحت بند نفقات الإدارة…ثم تحويل موجوداتها وترحيلها تحت عنوان تمويل وتسهيلات ائتمانية عندما انتزعت قراراً من حاكم مصرف سورية المركزي منذ حوالي 8 سنوات أو أكثر، يسمح لها بتمويل المستوردات بنسبة 10% من موجوداتها…إضافة إلى تحويل موجوداتها إلى دولار بمجرد اشتعال فتيل الأزمة في سورية، وكان لديها موجودات هائلة جداً، وهي أموال شركات التأمين ” التوأم للمصارف” وترحيلها إلى لبنان هرباً من الظرف الطارئ”..
باختصار تكفّلت هذه المصارف بإحداث فجوة مخيفة في موجودات القطع الأجنبي في سورية، ونحن على يقين أن معظم الإيداعات السورية في المصارف اللبنانية – وهي كبيرة جداً – كانت تعود للمصارف وشركات التأمين العاملة في السوق السورية باسم سوري وتكنيك لبناني بحت.
الآن وبعد حصول ما حصل في الأزمة المالية اللبنانية، وخسارة السوريين لأموالهم..تكمل المصارف اللبنانية العاملة في سورية، ” مهمة كارثيّة” بدأتها أمهاتها في لبنان..
إذ تطرح هذه المصارف هنا في السوق السورية، تمويلاتها السخيّة ..وقد طرحت أرقاماً كبيرة جداً، ربما يستطيع مصرف سورية المركزي حصرها بدقّة..لكنها تصل بمختلف مسمياتها التسليفيّة إلى حوالي 2000 مليار ليرة سورية، لم تذهب في قنوات استثمارية تنموية حقيقية لا زراعية ولا صناعية، بل في قنوات تجارية وتمويلات شبه وهمية – المهم أن تحصل على علاوات – وكلّها تثير التساؤلات عن اتجاهاتها ومصيرها..أين ذهبت ..وما هو المطرح الأكثر جدوى لاستثمارها؟؟
لا جواب أبداً لدى أحد، سوى أنها ذهبت للمضاربة في ” سوق الفوركس” وبالتالي التأثير بشكل قاهر على الليرة السورية المأزومة أساساً.؟؟؟!!
أداء هذه المصارف ” اللبنانية العاملة في السوق السورية”..وأيضا المصارف التي نسجت على منوالها طمعا بالعلاوات المجزية..يحتاج إلى ضبط ومراقبة ..رغم أنها تخضع لذات الضوابط التي يفرضها مصرف سورية المركزي..إلا أنها فعلت ما تبغي فعله..ونرجو أن تُسأل عن مطارح تمويلاتها التي تراكمت حتى الآن..وما هي القنوات التي وظفت فيها ملياراتها الممنوحة كتسهيلات..وإلى أي حد تبدو هذه الأموال و زبائنها ذات أثر في لعبة المضاربة على الدولار؟؟ المشكلة أن هذا الخلل بات نهجا هنا في السوق..ولم يعد من الحكمة ترك الحبل على الغارب.
موقع الخبير السوري