بعد تجديد تكليف المهندس عرنوس..سباق استحقاقات وشركاء جدد في المسؤولية
حُسم الانتظار على نتائج من طراز المقدّمات الطيبة..تكليف المهندس حسين عرنوس بتشكيل الوزارة المنتظرة بترقّب لحظي، وهو حدث غير تقليدي في أعرافنا نحن السوريين.
مرسوم التكليف بدا ذا صدى إيجابياً في الأوساط الشعبيّة – كما التنفيذية الرسمية – فالرجل المكلّف مجدداً يحظى بشعبيّة واسعة الطيف في الشارع السوري، وهو الارتسام الواقعي لشخصيته المتصالحة، وخطابه الذي يتسم دوماً بالمصافحة الدافئة التي تضفي النفحة الإيجابيّة اللازمة لالتقاط الأفكار، إن في سياق حواري أو توجيهي كان..وذات الخصال هي ما تكفّل بإتاحة قدر كبير له من القبول في الوسط التنفيذي والرسمي، خلال تجربته المديدة في المفاصل القيادية على المستويين النقابي والرسمي.
إلّا أن جولة ترقّب جديدة بدأت للتو، للحقائب التي سيطالها التعديل، والأسماء الجديدة المرشحة للدخول في مقصورة الإدارة التنفيذية، وهو ترقب مشروع سيما في سياق اعتبارات الفضول التي تستحكم بنا عادة نحن بني البشر، والتي تأبى إلّا أن تطفو على واجهة اهتماماتنا، حتى في مناسبات أقل شأناً بكثير مما نحن بصدد الحديث عنه الآن.
لكن في خضم ” تيارات الرؤية” أحادية الاتجاه المصوّبة نحو الفريق الحكومي ومسؤولياته وحجم التعويل عليه، يبدو ثمة اتجاه آخر راجع – لا يقل أهمية – وهو ما يتعلّق بالمهام المجتمعية المفترضة تحت عنوان التكامل الفاعل لكل قطاعات وبنى الدولة وصولاً إلى المواطن الفرد..فالمهام اليوم ليست حكومية خالصة على الإطلاق..إذ ليس من حكومة قادرة بمفردها على ” إخراج الزير من البير” في أفضل أوقات الاستقرار، فكيف في ظل خصوصية الظرف الراهن والاستحقاقات القادمة – وهي صعبة – بكل المعايير، لكنها بكل تأكيد ليست مستحيلة في مفردات الشعوب الديناميكية الحرّة.
فالحكومة تقود الحراك التنموي المجتمعي بكل مساراته وتفاصيله نعم، لكنها تتقاسم المسؤوليات في مضمار التطبيق مع الجميع..ونرجو أن نُفهم بموضوعية إن أشرنا إلى مسؤوليات المواطن فيما يخصّ تفاصيل حياته الشخصيّة والأسرية، رغم ما يعتري هذه التفاصيل من صعوبات قاهرة في الواقع، وتشوهات عميقة في مفرداته المعيشية..فثمة تحولات حادّة أنتجتها سنوات الحرب والأزمة، تحتّم خيارات سلوك إنتاجي أو استهلاكي مختلفة كثيراً عمّا كان عليه الحال في زمن الرخاء أو تجليات الدور الأبوي للدولة..
الواقع من الإجحاف بحق الحكومة – أي حكومة – والدولة، إطلاق العنان للاسترخاء في زمن الشدّ العصبي، والانكفاء عن أداء مهمة خاصّة وخصوصية اسمها ” المبادرات” وهي كلمة السرّ المفتاحية التي علينا إيجادها في الانطلاقة المزمعة نحو الأفق المأمول لسورية الجديدة..على مستوى الأفراد كما المؤسسات.
وإن المواطن واحتياجاته هي البوصلة الأدق في عمل و أداء الحكومة – أي حكومة – تبقى المبادرة والتدبير هما البوصلة المفترضة لتعاطي المواطن مع حياته ويومياته..لأن الجميع شركاء في الهم وفي تلبية الاستحقاقات الصعبة.
المهام ثقيلة أمام الحكومة، وهي ثقيلة أيضاً أمام المواطن..هذه حقيقة يجب ألا نتجاهلها ولا يمكن أن نتجاهلها أبداً.. وربما استنتجنا خلال تجربة الحرب والأزمة المريرة، كما استنتجنا أن التعويل على الفواصل الزمنية وضرب المواعيد مع مخارج الأزمة وبوابات الانفراج لم يعد ذي جدوى، إن لم نكن نحن فاعلون بعمق في تغيير أدبيات حياتنا..وعندما نتحدث عن المواطن ..نعني المواطن المستهلك والمواطن الموظف والمسؤول..فالبدهيات تؤكد أن أسّ التنمية هو المواطن ..مطلق مواطن ..وهدف ومبتغاها أيضاً هو المواطن..معادلة متوازنة لا يجوز أن يختل أي من طرفيها.
ناظم عيد – الخبير السوري