تكاليف الزواج ترعب الشباب وتبعدهم عن الفكرة
هدأ صخب الصيف كثيراً، وخف ضجيج حفلاته، وما كان يشهده هذا الموسم من أعراس وخطوبات قل كثيراُ، إلا لمن يملك القدرة على تحمل تكاليفها الباهظة، التي زادت بشكل “فظيع” بسبب ارتفاع الأسعار، وتضاعفت أعباءه بعد الإغلاق الذي سببه فيروس كورونا.
“فالحالة تعبانة” لدى الغالبية ومن أراد الزواج أجّلَ مشروعه، في حين ألغاه البعض من مخططاتهم، فالإقدام على هذه الخطوة بات يكلف كثيراً، وأغلب الأهالي لا يرضون أن تخرج ابنتهم من عندهم كيفما ما كان، ولا يتنازلون عن شي، من باب “البرستيج”، الذي يقنعون أنفسهم بأنه عادات وتقاليد لا يجوز تجاوزها، وهذا سبب نفوراً شديداً من قبل الشباب لموضوع الزواج، وتحول التفكير بالأمر بالنسبة لهم لرعب كبير.
البعث ميديا أجرت استطلاعاً حول موضوع الزواج التقت فيه عددا من الشباب، حيث أعرب كثيرون أنهم لا يفكرون بذلك على الإطلاق، فيما قال آخرون إنهم يتريثون في ذلك ريثما يقدرون على جمع مبلغ يمكنهم من الإقدام على هذه الخطوة..
علي، وهو طبيب أسنان متخرج حديثا ويعمل باختصاصه، بين أنه غير قادر في الوقت الراهن على الزواج كونه يتطلب مصاريف كبيرة، فهو ما زال يسدد القرض الذي حصل عليه أهله من أجل أن يفتح عيادته، هذا بالإضافة إلى أن ارتفاع أسعار المواد الخاصة بعلاج الأسنان لأكثر من 10 أضعاف، والتي هي بالأساس غالية، يجعل من الصعب على الطبيب أن يُجمع “قرشين” لنفسه، فكيف له أن يقدم على الزواج..
أما محمد، طالب جامعي، أوضح أنه حتى يقدم على ذلك فإنه بحاجة إلى عشر سنوات على أقل تقدير، حتى يتخرج وينهي خدمته الإلزامية وبعدها يبحث عن عمل، وهذا يحتاج وقتا طويلاً، وبالتالي لا يستطيع التفكير بالزواج ولا حتى الخطوبة، فلا أحد يعلم متى يتمكن من تأمين نفسه و”يفتح بيت”..
أما زين، والذي تزوج منذ فترة، لفت إلى أنه اضطر إلى أن يقسم منزل أهله ليحصل على مكان يسكن فيه هو وزوجته، مع ارتفاع أسعار المنازل وآجارها، ولولا مساعدة والده، الذي باع منزلا كان للعائلة، لما تمكن من تحمل نفقات العرس وغيره من الأمور..
أحد منظمي حفلات الزفاف، الذي فضل عدم ذكر أسمه، أفاد بأن نسبة الأشخاص القادرين على عمل حفلة زفاف بلغت حوالي 40% من العدد الطبيعي في هذا الموسم، مشيراً إلى أن تكاليف الحفل زادت بحوالي 200% وأكثر إذا صح التعبير، من أجار الصالات والأكل والورد، عملياً كل شيء زاد سعره أضعافاُ عما كان عليه في الموسم السابق.
ولتخفيف بعض النفقات، بين منظم الحفلات أن البعض قلل من عدد المعازيم بشكل كبير، فالحجز اليوم يكون على الكرسي ويبدأ من 5000 ليرة ويشمل فقط تقديم الكاسيتا والعصير، ويصل في عدد من الصالات أو الفنادق إلى 30 ألف مع بوفيه مفتوح، لذا من كان يعزم 400 شخص أصبحوا اليوم 100 فقط، حتى بدون كورونا والتباعد الاجتماعي وتخفيف التجمعات..
وبحسب منظم الحفلات، هناك من يحجز الصالة لكنه يتكفل بالطاولات والكراسي، لتخفيف التكاليف، وبالنسبة لسيارة زفة العروسين، كما أشار إلى أنه في السابق كانت تُستأجر سيارات خاصة لهذا الغرض أما حاليا فَيُنقل العرسان بإحدى سيارات الأقارب أو المعارف..
هذا كله يشمل تكاليف الصالة وحدها، ولم نتحدث هنا عن الورد والديكور والصوت والإضاءة والتصوير، فكلٌ له سعره الذي ارتفع بدوره، ليضاف عليها التجهيزات التي تسبق الحفل بالصالة، ففستان الزفاف يكلف، كحد أدنى، حوالي 200 ألف، وطبعا لم يعد أحدٌ يشتريه بل لجأ معظم المقبلين على الزواج لموضوع الآجار، وفقا لصاحب محل بيع فساتين الأعراس والحفلات، وحتى البدلة الرجالية أصبحت غالية هي الأخرى، وكذلك أصبح الاتجاه نحو الاستئجار، كونه يكلف أقل..
أجور صالونات الحلاقة لم تسلم من الارتفاع، إذ يكلف مكياج وتصفيفة شعر العروس وحدها، دون شقيقاتها وأمها، ما بين 100 و200 ألف ليرة، ويزيد على ذلك في بعض الصالونات التي تتواجد بمناطق معينة..
مهما كان وضع الشاب جيداً إلا أنه في النهاية سيكون منهك ماديا، فالمتطلبات كثيرة والأعباء ثقيلة، وهو من جهة يريد أن يؤسس أسرة ومن جهة أخرى غير قادر على ذلك، فالأمر لا ينتهي بانتهاء “شهر العسل” بل يستمر حتى أخر حياتهم نتيجة غلاء المعيشة بشكل عام..
رغد خضور