الجعفري: سورية أوفت بالتزامات انضمامها لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية
جدد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري التأكيد على زيف المزاعم التي تروج لها بعض الحكومات الغربية بشأن الملف الكيميائي في سورية مشدداً على أن سورية أوفت بالتزاماتها الناشئة عن انضمامها لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية ودمرت كامل مخزونها منذ العام 2014 ما يتطلب إغلاق هذا الملف نهائياً.
وقال الجعفري خلال جلسة لمجلس الأمن اليوم عبر الفيديو حول الحالة في الشرق الأوسط: يسجل وفد بلادي اعتراضه الشديد على مشاركة ممثل النظام التركي الراعي للإرهاب في هذه الجلسة ويذكر أعضاء المجلس بأنه ما كان للتنظيمات الإرهابية أن تتمكن من تنفيذ الكثير من جرائمها بما فيها تلك التي تمت باستخدام أسلحة كيميائية لولا دعم نظام أردوغان لتلك التنظيمات الإرهابية وهو الأمر الذي أكده الإعلام التركي بدءا بما نشرته صحيفة “يورت” في العام 2012 حول تصنيع الإرهابيين غازات سامة في مخبر بمدينة غازي عينتاب مرورا بالتقارير المتعلقة بتهريب عبوات من غاز السارين من ليبيا عبر الأراضي التركية على متن طائرة مدنية بواسطة عميل المخابرات التركية الإرهابي هيثم الكساب وتسليمها للتنظيمات الإرهابية وغير ذلك من جرائم لا يتسع المجال لسردها.
وأوضح الجعفري أنه منذ اعتماد قرار مجلس الأمن رقم 2118 في أيلول 2013 يواصل بعض أعضاء المجلس الدفع باتجاه عقد جلسات شهرية بلغ عددها حتى الآن 84 جلسة رسمية من دون غاية ولا نتيجة سوى السعي لابتزاز سورية وحلفائها على خلفية الملف الكيميائي وذلك لأن الحكومات الأمريكية والبريطانية والفرنسية لا تريد الاعتراف بالحقيقة الراسخة منذ حزيران 2014 حين قدمت رئيسة البعثة المشتركة للتخلص من الأسلحة الكيميائية في سورية سيغريد كاغ تقريرها النهائي أمام مجلس الأمن وأكدت فيه أن سورية التزمت وأوفت بجميع تعهداتها ودمرت كامل مخزونها الكيميائي على متن سفينة أمريكية الأمر الذي أكدته أيضا منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بأنه تم تدمير جميع مرافق الإنتاج الـ 27 وبالتالي فإن سورية التزمت بتعهداتها نصاً وروحاً ولم تعد تملك أي برنامج أو أسلحة كيميائية منذ العام 2014 وهذا هو الكلام اليقيني الوحيد الذي يجب الاعتداد به.
وبين الجعفري أن مجلس الأمن كان أغلق ملف ما يسمى “آلية التحقيق المشتركة جي آي إم” في تشرين الثاني من عام 2017 بسبب الممارسات الباطلة وغير المهنية التي شابت عمل تلك الآلية نتيجة ضغوط تعرض لها فريقها من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بهدف الاستمرار في إصدار تقارير غير موضوعية ومنحازة ضد سورية واتهامها بأي ثمن في الجرائم الشنيعة باستخدام مواد كيميائية ضد المدنيين كوسيلة للتشهير بسورية وتبرير أعمال عدائية ضدها لافتا إلى أن أحد تقارير ” جي آي إم” وجه اتهاماً لسورية في واحدة من حوادث استخدام مواد كيميائية سامة وهي حادثة “خان شيخون”وذلك بناء على سرديات وتقييمات استخدم فيها فنيو وخبراء تلك الآلية مصطلحات ظنية وغير يقينية مثل ” من المحتمل.. هناك اعتقاد.. قد يكون على الأرجح.. لا دليل قاطعا” حتى بلغ عدد مرات استخدام تلك المصطلحات في ذلك التقرير اثنتين وثلاثين مرة إلى جانب إجراء تحقيقات هوليوودية عن بعد دون زيارة موقع الجريمة وفشل معدي تقارير الآلية المذكورة في توفير أدلة وإثباتات علمية يقينية بخصوص صحة وسلامة تسلسل عهدة الأدلة التي تم الاستناد إليها في توجيه اتهامات زائفة ضد سورية.
وخاطب الجعفري أعضاء مجلس الأمن قائلاً: دعوني أذكركم بذلك اليوم المشؤوم الذي جاء فيه وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كولن باول إلى المجلس وكرر المصطلح ذاته غير اليقيني “معلومات ذات مصداقية عالية” قبل غزو قوات بلاده والقوات البريطانية العراق في العام 2003 ثم كرر زميله جون كيري ذات المصطلح المضلل أمام المجلس ضد سورية بشأن حادثة الغوطة في آب 2013 وكأن سيادة وسلامة ووحدة أراضي الدول الأعضاء هي رهن مصطلحات ظنية غير يقينية يستخدمها هذا المسؤول الغربي أو الأممي أو ذاك.
ولفت الجعفري إلى أنه كان الاعتقاد حينها وبعد إنهاء ولاية الـ “جي آي إم” بأن قطع الطريق أمام أساليب العمل غير المتوازنة وغير المهنية التي اتبعتها تلك “الآلية” سيسهم في إعادة الأمانة العامة والمسؤولين فيها عن هذا الملف إلى جادة الصواب إلا أن هذا الوضع المؤسف لم يتغير فبقي مكتب الممثل الأعلى لشؤون نزع السلاح في الأمانة العامة للأمم المتحدة وبقيت الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية أسيرين لرغبات وأهواء وجنوح حكومات معادية لا تزال تعيش إلى اليوم حالة الهوس العدائي ضد سورية.
واستغرب الجعفري عدم نأي مسؤولين رفيعي المستوى في الأمم المتحدة بأنفسهم ومركزهم الرفيع والحساس وتحديدا وكيلة الأمين العام المفوض الأعلى لشؤون نزع السلاح إيزومي ناكاميتسو ممن لا يملكون الحد المطلوب من الاستقلالية والمهنية عن محاولات تسييس الملف الكيميائي وابقائه سيفاً مسلطاً على سورية وحلفائها وكأنهم ينسون ماذا فعلت الولايات المتحدة وبريطانيا من أجل تدمير بلد مثل العراق باستخدام الأساليب المضللة ذاتها مشيراً إلى أنه كان حريا بناكاميتسو أن تتعامل بشكل مهني وإيجابي مع المعلومات الموثقة والدقيقة التي تقدمها سورية لها حول حيازة واستخدام المجموعات الإرهابية مواد وأسلحة كيميائية وأن تستحضر وتقتدي بتلك التجربة التاريخية النزيهة لمفتش الأمم المتحدة سكوت ريتر الذي عمل في إطار الفريق المكلف البحث عن أسلحة الدمار الشامل في العراق “اونسكوم” وهانز بليكس الذي ترأس فريق الأمم المتحدة للبحث عن أسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة “اونموفيك” فهذان المسؤولان الأمميان رفضا حينها الخضوع للضغط والابتزاز السياسي الذي مارسته الولايات المتحدة وبريطانيا بقصد تبرير الغزو العسكري للعراق حين أعلنا أن لا أدلة على وجود أسلحة دمار شامل في ذلك البلد الشقيق.
وشدد الجعفري على أن سورية أوفت بالتزاماتها الناشئة عن انضمامها لمعاهدة حظر الأسلحة الكيميائية وحرصت دوما على التعاون بشكل إيجابي ومهني وشفاف مع المدير العام للمنظمة والأمانة الفنية وفرق التفتيش وفريق تقييم الإعلان وبعثة تقصي الحقائق لتنفيذ التزاماتها بموجب اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية رغم التحديات الكبيرة الناجمة عن تبعات الاحتلالين الأمريكي والتركي لأجزاء من أراضيها والسلوك الاستفزازي العدائي الذي انتهجته بعض الأطراف الإقليمية والدولية علاوة على فرض إجراءات قسرية أحادية الجانب ضد الشعب السوري مجددا ترحيب سورية بزيارة فريق تقييم الإعلان لعقد جولة المشاورات الـ 23 والتي أجلتها الأمانة الفنية نتيجة تفشي وباء كورونا بهدف حل جميع المسائل المعلقة فذلك الحوار المنظم أدى إلى إحراز تقدم كبير في العمل وسورية تأمل أن يتم إغلاق هذا الملف نهائيا حيث أن المشاورات حول المسائل العالقة قد أشبعت نقاشا لكن الدول الغربية في مجلس الأمن لا تريد إغلاق هذا الملف لأنها تستخدمه للابتزاز السياسي منذ ثماني سنوات حتى الآن.
وأشار الجعفري إلى أن سورية لا تزال بانتظار تقديم إجابات واضحة من جانب الفريق حول المعلومات التي تقدمت بها الأمانة الفنية للمنظمة بتاريخ 22 حزيران 2020 عن حصول تسريب في العينات التي جمعها الفريق خلال جولة المشاورات الـ 22 والتي كانت موجودة في مخبر المنظمة الذي يفترض أنه مؤهل ويعمل وفق أعلى المعايير العلمية الدولية مشددا على تمسك سورية القوي بمبدأ عدم الخلط بين ولايات واختصاصات الهيئات الدولية المختلفة ورفضها أي محاولة لإقحام مجلس الأمن في قضايا فنية بحتة تعالجها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ولهذه الاعتبارات والحقائق مجتمعة تعرب عن أسفها وقلقها حيال المخالفات والتجاوزات القانونية والإجرائية التي أقدمت عليها المنظمة حين خرقت نص الاتفاقية وأنشأت ما يسمى “فريق التحقيق وتحديد الهوية” في الدورة الاستثنائية لمؤتمر الدول الأطراف في حزيران عام 2018 وهو القرار غير التوافقي الذي اتخذ بأغلبية مصطنعة وفي غياب ممثلي 87 دولة عضو عن التصويت.
وجدد الجعفري تأكيد سورية أن الاستنتاجات التي خلص إليها ما يسمى “فريق التحقيق وتحديد الهوية” ليست ذات مصداقية ولا أساس قانونيا ولا واقعياً لها.. وهذا تقييم ثابت بشكل قاطع وتعلم الدول الأعضاء في المنظمة وفي مجلس الامن أن هذا الفريق بنى اتهاماته المزيفة ضد سورية على أساس تقرير لـ بعثة تقصي الحقائق التي لم تقم بزيارة ميدانية لمنطقة “اللطامنة” وأجرت تحقيقات عن بعد انطلاقا من الأراضي التركية وفي غياب المعايير المعتمدة فنيا وقانونيا لضمان سلامة عهدة الأدلة في عملية جمع وحفظ الدلائل المادية وكذلك عدم وجود سلسلة قانونية لحضانة العينات إلى جانب الاستناد إلى مقاطع فيديو وصور مفبركة نشرت على صفحات الإنترنت أو إفادات شهود ومصادر مفتوحة قدمتها المجموعات الإرهابية وذراعها الإعلامي تنظيم “الخوذ البيضاء” الإرهابي وما وفرته الولايات المتحدة ودول غربية من معلومات ملفقة وهي الحكومات المتورطة أصلا بدعم المجموعات الإرهابية في سورية.. ثم تكرر المشهد ذاته والممارسات الخاطئة في حوادث أخرى مثل حادثة “خان شيخون” علما أن سورية هي التي بادرت إلى الطلب من الأمين العام الأسبق لتشكيل فريق تحقيق علمي وموضوعي للتحقيق في استخدام “سلاح كيميائي” في بلدة خان العسل بتاريخ 19 آذار 2013.
وشدد الجعفري على أن القرار الذي ترفضه سورية والذي اعتمده المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في التاسع من تموز الماضي والمبني على تقرير مفبرك غير مهني ولا يحوي أي أدلة مادية أعده ما يسمى “فريق التحقيق وتحديد الهوية” سيكرس منهجية للعمل داخل منظمة الحظر تهدف للمزيد من التلاعب بنصوص الاتفاقية وفقا لأهواء بعض الدول ما يؤدي إلى تعزيز حالة الانقسام داخل المنظمة ويعطي الضوء الأخضر للمجموعات الإرهابية للاستمرار بإرهابها وللقيام بمزيد من المسرحيات الكيميائية المفبركة لاتهام الجيش العربي السوري مشيرا إلى أن القرار المذكور مسيس ويستهدف دولة عضوا في الاتفاقية لتحقيق أغراض سياسية وأجندات معروفة ويزيد من تسييس عمل المنظمة ويؤدي إلى إضعاف دورها ويلحق أضرارا جسيمة بعملها وولايتها.
وبين الجعفري أن سورية كانت ولا تزال تربأ بمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية وأمانتها الفنية أن تصبح أداة تستخدمها بعض الدول الغربية النافذة لكن واقع الحال أفرز للأسف أمثلة ونماذج سلبية في هذا المجال من بينها التقرير المفبرك عن الحادثة المزعومة في دوما 2018 والذي تم تغيير كل معطياته التي تقدم بها الخبراء الذين شاركوا في الزيارة الميدانية لفريق “بعثة تقصي الحقائق” إلى دوما لافتا إلى أن ذلك التقرير صور حادثة دوما المزعومة بشكل هوليوودي حيث تسقط أسطوانة من السماء وتصطدم بسطح منزل ولا تنفجر ولا يتشوه جسمها ثم تستلقي على سرير دون أن يتحطم السرير أو الزجاجيات الموجودة على بعد لا يتجاوز المتر منها.
وأعرب الجعفري عن استغراب سورية محاولات الأمانة الفنية لمنظمة الحظر تأخير إصدار تقرير “بعثة تقصي الحقائق” فيما يتعلق بحادثة حلب في 24 تشرين الثاني 2018 رغم تقديم الجانبين السوري والروسي كل المعلومات المتوافرة لديهما إلى البعثة حول تلك الحادثة وهي المعلومات التي تؤكد استخدام المجموعات الإرهابية أسلحة كيميائية في تلك الحادثة ومع ذلك لا يزال تردد وتلكؤء “بعثة تقصي الحقائق” في إصدار التقرير هو سيد الموقف.
وردا على ممثلة الولايات المتحدة قال الجعفري: وصل مؤخرا الموفد الأمريكي جون رابيون إلى تركيا واجتمع مع ضباط المخابرات التركية وإرهابيي “الخوذ البيضاء” وأكد دعم الحكومة الأمريكية لهم وزودهم بتعليمات مهمة وسرية حول نية استخدام أسلحة كيميائية في إحدى مناطق محافظة ادلب والتي يوجد فيها عدد كبير من السكان وخصوصا الأطفال على أن يتم تحديدها من قبل عناصر تنظيم “الخوذ البيضاء” الإرهابي وستكون تحت إشراف تنظيم جبهة النصرة الإرهابي والمخابرات التركية وسيتم نقل المواد السامة عن طريق شاحنات الطعام والمعونات.. وتضيف المعلومات أنه تم توزيع 2000 قناع واق من المواد الكيميائية والغازات و3000 حقنة على الإرهابيين الموجودين على خطوط التماس في منطقة جبل الزاوية لاستخدامها أثناء الضربة الكيميائية المفترض تنفيذها.
وختم الجعفري بالقول: إننا في سورية واقعيون ونؤمن بعدالة قضيتنا وبأن هذا العالم ليس غابة يفرض فيها قانون القوة بدلا من قوة القانون ولذلك لن نسمح نحن وأصدقاؤنا بأن تكون هناك صناديق حديدية جديدة في مجلس الأمن تغلق لمدة ستين عاما حتى لا يكشف العالم الفضائح التي ارتكبتها الولايات المتحدة وبريطانيا حين فبركتا ملف أسلحة الدمار الشامل في العراق لغزو ذلك البلد الشقيق وتدميره ثم خرجتا مع بعض المنافقين في جنازة تشييع القانون الدولي والميثاق إلى مثواهما الأخير في مقبرة الشهداء في بغداد إلى جانب جثامين ملايين العراقيين الأبرياء.