بعد صفعة بنوك بيروت..مليارات دولارات السوريين مهددة بالضياع في تركيا..تحذيرات بالوثيقة والبرهان..
ناظم عيد
تلوح في الأفق نذر صفعة ثانية موجعة أكثر للمتمولين السوريين الذين أخرجوا أموالهم إلى بنوك الجار اللبناني، فثمة متغيرات جرت هناك وخلل لا نظنه إداري على مستوى الإدارة النقدية الحاذقة والماهرة في بلد يصفه أهله ” سويسرا الشرق” بعد تحوّل اقتصاده إلى مالي شبه بحت واعتماده في النمو على البنوك..بل يبدو أن الخلل سياسي يعود لارتباطات ووعود من الخارج حوّلت النظام المصرفي في ” سويسرا الشرق” إلى أداة لضرب اقتصادات المنطقة ومنها سورية.
ما مضى قد مضى وانقضى، مهما تكن النتائج قاهرة وهدامة بكل معنى الكلمة، لكن ما يهمنا اليوم هو توخّي صدّ الصفعة الثانية التي ستضرب متمولين آخرين و أموال سورية ” بالأطنان” في تركيا..نعم تركيا التي حرص الإعلاميون السوريون الهاربون إليها على اتهام ” موقع الخبير السوري” بالفبركة سياسية الأهداف، عندما حذّرنا عبره من ضربة قادمة للمودعين السوريين في لبنان، وبناء على رؤى واقعية وليس نبوءات..
والحقيقة كان أول رجل أعمال أو – حتى مؤسسة في سورية – يطلق التحذيرات بشأن إيداعات السوريين في لبنان، هو رجل الأعمال محمد ناصر السواح، الذي أعلى الصوت بالتحذير لكن ضاع صدى صوته في زحام هدير محركات السيارات التي تهرّب الأموال السورية إلى بنوك بيروت.
واليوم هاهو الرجل يعيد التحذير – وبشكل مبكر – من أزمة مشابهة في تركيا، إذ نشر في صفحته الشخصيّة على فيسبوك تحذيراً واضحاً بعنوان ” الاحتياط واجب”.
يقول السواح: منذ أكثر من ثلاث سنوات كنا نحذر بأن هنالك مشكلة اقتصادية ستحل على الاقتصاد اللبناني و على ودائع السوريين و استثماراتهم و عقاراتهم في لبنان.
وكان يُنظر لهذه التحذيرات و كأنها ضرب من التبصير.
علماً أن هذه التحذيرات تستند إلى تقارير دورية للاقتصاديين الأحرار في لبنان الخارجين عن هيمنة الإعلام الموجه و خارج لبنان و وكالات التصنيف الائتماني و المؤسسات المالية العالمية ، وتستند أيضاً على الوضع الاقتصادي على أرض الواقع في لبنان وكان الأمر في غاية الوضوح للمتابعين .
و ويضيف بلغة الخبير المتيقّن من قراءاته: المشهد يتكرر اليوم في تركيا على الرغم من التصريحات المتفائلة من فريق حكومتهم الاقتصادي و الذي لابد من أن يكون كذلك على الرغم من ظهور أعراض الأزمة.
حيث أن جميع التقارير العالمية الصادرة عن وكالات التصنيف الائتماني و الاقتصاديين الأحرار في تركيا الخارجين عن هيمنة الإعلام الموجه و الوضع الاقتصادي على أرض الواقع في تركيا ينذر بوجوب أخذ الاحتياط لما هو قادم على الودائع و الاستثمارات و العقارات في هذا البلد .
ويؤكّد أن الاحتياط واجب لكي لا يتكرر في تركيا ما حدث في لبنان.
والنصيحة أن يحتاط الجميع لما هو قادم لهذا الاقتصاد الذي بدأت عوارض الأزمة تظهر عليه من خلال :
انخفاض كبير لسعر صرف الليرة التركية
صعوبة سحب الكاش من المصارف و البنوك
ظهور سوق سوداء للعملات.
وهذه الأعراض المعروفة جداً للمتابعين تنذر بأن هنالك أزمة اقتصادية تلوح بالأفق فمن الكياسة و الفطنة أن يتحوط المرء “و الله أعلم و غالب على أمره”.
في السياق ..سلطت قناة إكسترا نيوز الضوء على انهيار الاقتصاد التركى بسبب السياسات المرتبكة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وارتفاع معدلات التضخم، بجانب ارتفاع الديون الخارجية على تركيا بسبب استمرار الأزمة الاقتصادية التي تمر بها أنقرة.
وذكر تقرير قناة إكسترا نيوز أن الميزانية التركية سجلت 2,53 مليار دولار عجزا خلال شهر مايو، موضحة أن عجز الميزانية التركية يسجل 6,6 مليار دولار فى 5 أشهر وهو ما انعكس على التقارير الدولية الخاصة بالاقتصاد التركي.
وأشار تقرير القناة إلى فقدان استقلالية البنك المركزى التركي دفع المستثمرين الأجانب للخروج من السوق، موضحة أن مبيعات المنازل التركية إلى الأجانب تسجل تراجعها بنسبة 76% فى 5 أشهر، لافتا إلى أن الديون الخارجية لتركيا ترتفع بنسبة 210% منذ تولى أردوغان الحكم.
أيضاً أكد تقرير أممى، أن هناك تراجعاً حاداً في الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تركيا أخر 3 سنوات.
وكشف التقرير عن تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى تركيا في الفترة من عام 2016 حتى نهاية عام 2018.
وأظهر تقرر منظمة الاونتكاد التابعة للأمم المتحدة إنه فى عام 2015 جذبت تركيا نحو 18.989 مليار دولار ثم بدأت الاستثمارات تتراجع بشكل حاد.
وقال التقرير، إنه فى عام 2016 تراجعت الاستثمارات فى تركيا إلى نحو 13.705 مليار دولار ثم تراجعت أيضا فى عام 2017 لنحو 11.478 مليار دولار.
وواصلت الاستثمارات التراجع لتسجل نحو 12.944 مليار دولار بنهاية عام 2018.
وتدهور الاستثمارات لا ينفصل عن رؤية المؤسسات الدولية حول تراجع الاقتصاد التركي حيث خفضت وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية تصنيفها للديون السيادية لتركيا من (BB) إلى (BB-) مع نظرة مستقبلية سلبية، موضحة أن عزل محافظ البنك المركزي يسلط الضوء على تدهور فى استقلالية البنك وتماسك السياسة الاقتصادية ومصداقيتها.
كل هذا كان مقدمات لتحفظ البنوك التركية على الإيداعات والتشدد في الإفراج عنها..وبالتالي نشوء سوق سوداء موازية..
هامش: تجدر الإشارة إلى أن عدد الشركات السورية التي تم إنشاؤها العام الماضي بلغت 1599 شركة، في حين تم تسجيل قرابة 227 مطلع العام الحالي 2020، ليصل عدد الشركات السورية العاملة رسميًا في تركيا 4000 شركة، في حين يرى خبراء أن هذا العدد يتجاوز 10 آلاف شركة عند إضافة الشركات غير المسجلة والشركات التي لديها شركاء من المواطنين الأتراك، وتتركز أغلب هذه الشركات في مدينة إسطنبول، وغازي عنتاب، واللواء، وأورفة، ومرسين، وكيليس.