“رأس الحصان” بين مطرقة النقد وسندان العمل الفني
وضعت منحوتة “رأس الحصان” في ساحة المالكي بدمشق لساعات،لتبدأ وجهات النظر والانتقادات موجة هجوم عنيف عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وما زاد في شراسة المهاجمين هو إزالتها بعد ساعات من وضعها، ما جعل الاعتقاد بأنها أزيلت استجابة لحملة الانتقاد تلك، إلا أن المكتب الإعلامي لمحافظة دمشق وضح عبر صفحته الرسمية على فيس بوك أن عملية وضع المنحوتة كانت عبارة عن تجربة مبدئية قبل الوضع النهائي، وبالتالي تكون الازالة في اطار استكمال الاعمال الفنية اللازمة لانهاء العمل.
ولكن بعد هذه التعليقات التي انتشرت على كل الوسائل الاجتماعية، منهم من فضل أن تكون هذه الأموال التي صرفت على النصب قد دفعت لأمور أهم بكثير من الاعتناء بالمظهر العام للساحات.
ومنهم من امتعض من اختيار رأس الحصان فقط ، لصعوبة تمييزه إذا كان حصاناً أم لا، وآخرون انتقدوه فقط لمجرد الانضمام مع الجماعة “جماعة سوق مع السوق”.
أما من تبقى من المنتقدين فلم يهن عليهم أن يكون هناك نصب في ساحاتهم مشابهة لأفكار ساحات عالمية وأوروبية، في ظل أننا بلد عريق ذو ثقافة وتاريخ. ولكن بعد تناولنا لموضوع المنحوتة بحد ذاته للنحات حسام جنود نرى أنها تعبر عن الخيل العربي الأصيل، وتاريخنا وشعراؤنا أكبر شاهد على ما سطّروه من وصف لهذه الخيول، وعدم القدرة على تمييز رأس الحصان العربي هو نذير على تراجع الثقافة العامة لدى البعض منا، بسبب ضغوط الحياة و الانصراف إلى ما هو أهم باعتقادهم.
من جهة أخرى عبر العديد من الفنانين عن إعجابهم بهذا العمل الذي صنعه النحات حسام جنود ووصفوه بانه عمل رائع ذو مقاييس احترافية، فإتقان منحوتة بأربع أمتار ليس سهلا على الإطلاق.
في النهاية يبقى النقد المبني على أسس صحيحة هو الثقافة الحقيقية، والتي يجب أن تستوقف كل منا، أما صعوبة تقبل التكلفة المادية على أمور تجميلية لساحاتنا و حوارينا وبلدنا بالعموم، تماما كالاهتمام بالمنزل إذا كان مرتباً أم في حالة من الفوضى، فهذا الجهد جزء لا يتجزأ من الاحتياجات الوطنية الأخرى كما أنها مهنة لكثيرين تخصصوا بهذا المجال، وسيصبحون عاطلين عن العمل إذا لم يقدموا أعمالهم بالشكل المطلوب، فالفن ليس شيء ثانوي أبدا فله حضوره وتأثيره وضروراته.