” ثنائية حلم” تمازج بين الورقيات ووجوه رمزية في – أبو رمانة –
ملده شويكاني
“ثنائية حلم” المعرض المشترك المقام في المركز الثقافي العربي –أبو رمانة- بين الفنانتين المدرستين في مركز الفنون في مخيم الوافدين الذي انطلق من رحم الألم وتصدى للقذائف وتوج بنصر سورية، إذ شاركت سوسن المصطفى بتركيب أشكال تطبيقية من الورق الملون تندرج ضمن الفن التطبيقي، واتخذت من الألوان المتوهجة الأحمر القاني والأرجواني بناء لتشكل منها وروداً تومئ بالحلم الذي يرافق كل الناس من زاوية معينة، كما جسدت جماليات واقعية للحالة التكوينية والاجتماعية للحارة.
التقت مع وجوه غريبة جسدتها فاطمة السودي بألوانها الزيتية غير الواقعية بتعبيرية رمزية تبوح بأسرار ومعاناة وتثير فكر المتلقي منذ الوهلة الأولى لتستحضر من الذاكرة وجوه أفاتار الزرقاء بتقنيتها السينمائية، وبحوارية لونية غلب عليها الأزرق والأحمر والأرجواني مركزة على العين الكبيرة والشفاه الضخمة والأقراط الدائرية لتكون عناصر للحامل البصري لرسالة الفنانة وأفكارها التي استوحتها من المجتمع.
فعبّرت وبرؤيتها الخاصة عن الحب والغيرة والصداقة والمودة، وتطرقت إلى الفوارق الاجتماعية والواقع الذي يعيشه الأثرياء برموز تعبيرية مثل الكؤوس الفاخرة وتسربت بألوانها ووجوها إلى قصص سردية لونية تطرق عوالم المرأة، واستحضرت صورة عروسين من زمن الجدات من صورها البصرية المختزنة بالذاكرة مع صورة عروسين في وقتنا الحالي بنوع من المقاربة لتغيير مفاهيم سيطرة الرجل على المرأة وتطور نظرة المجتمع والواقع تجاه المرأة .
كما جسدت حالات اجتماعية مختلفة لعلاقات وجدانية تحكمها المودة وبيّنت أيضاً سلبيات تعيشها المرأة مثل لوحة المرأة المغرورة.
وتناولت بجرأة التمييز الأنثوي الذي يحكمه الجمال فتواجهه الأنثى في كل السلوكيات المجتمعية وفي العمل والحب والزواج، رمزت إلى ذلك بالبشرة الداكنة لبورتريه الأنثى في إحدى اللوحات مقابل بورتريهات أخرى تتدرج فيها مقاييس الجمال.
وحفل المعرض بتقنية الأشكال الهندسية المؤطرة على خلفية الوجوه وبقيت العين هي مفتاح الحوار.
فترى فاطمة السودي في حديثها لـ “البعث ميديا” أن العين ترمز إلى الوحدة أو الحزن وحتى الفرح، وتتابع: ابتعدتُ عن المدرسة الواقعية بالتعبيرية واعتمد على الخيال باللون أحب الألوان التي تجذب المتلقي لذلك أبتعد عن اللون الموحد المألوف الذي يدل على حالة تقليدية ، وأعبّر بالمختلف عن اختلاف الحالة الاجتماعية.
أما الشفاه الصامتة من وراء القضبان فنقلت من رؤيتي الحالة النفسية التي يعيشها السجناء والسجينات في سجن عدرا بعد زيارتنا لهم مع فرقة موسيقية، فالصمت يعبر عن المعاناة المسكونة بداخلهم، ولكل شخص فيهم قصة أوصلته إلى هذا المكان ليشعر بمرارة السجن.
وبدت الوجوه في لوحات أخرى دون قضبان فتشير إلى واقع أفضل.
تعبيرية أوضح
وأوضحت السيدة رباب أحمد أن تجربة التشكيلية فاطمة السودي المدرسة في كادر الموسيقا والخط في مخيم الوافدين تطورت، وأصبحت تعبيرية أوضح من حيث تعبيرية الوجوه والتركيز على العين الواحدة حتى تنشئ حوارية مع المتلقي من خلال تموضع العيون ضمن تبسيط محدد. فتعبيرية الوجوه ليست واقعية حرفية ولكن يوجد تحوير بطريقة مبسطة ولكنها عميقة التعبير، وتتميز بلونية أقرب إلى المدرسة الوحشية التي تتعامل مع اللون الواحد الصريح، ورغم وجود لوحات تمازجت فيها الألوان إلا أن الألوان الحارة الصريحة غلبت.
ويبدو تأثرها الواضح من وحي كوكان برسم الوجوه بطريقة معينة، فنظرة الوجوه الحالمة حالة من التلاحم والتعاضد المجتمعي والفنان يعبّرعن تفاعله بمجتمعه بالتعبيرية، والتعبيرية مهمة لأنه ينشأ عنها التعبيرية الرمزية والسريالية.