ورشة التشبيك الزراعي في حلب توصي بتأهيل الموارد البشرية وتبادل الخبرات والمعرفة
حلب ـ غالية خوجة
كيف يبدو مستقبل التشبيك الزراعي؟ لماذا لم تحقق المشاريع الزراعية المنزلية الطموح المنشود؟ وكيف يعود المزارعون إلى استقرارهم؟ ما العوامل الرئيسة والمساعدة للانتقال بالواقع الراهن إلى آفاقه المتجددة؟ كيف يتم تشبيك الطاقة الزراعية للجهات المعنية مع بعضها البعض، ومن ناحية أخرى، كيف يتم تشبيكها مع الطاقة الزراعية للأفراد والأُسر ليرتفع منسوب الخط البياني الأخضر؟ ما الخطة الاستراتيجية الشاملة لتجاوز ثغرات التجارب السابقة، وإضافة تجارب مستدامة تنجز الأمن الغذائي والدوائي والزراعي والنفسي والاجتماعي والصناعي والتجاري والاقتصادي؟.
ضمن هذه الفضاءات الاستفهامية، استكملتْ جلساتِها الورشةُ التخصصية التي عقدتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بعنوان “التشبيك بين كليات الزراعة في الجامعات السورية والمؤسسات المعنية، لتعزيز دور الزراعات الأسرية ـ المنزلية في تحقيق الأمن الغذائي والاستقرار الأسري، وذلك بمبادرة من الاتحاد الوطني لطلبة سورية، وبالتعاون معه، وضمن مبادرة “الابتكار في الزراعة الأسرية”.
وجاء اليوم الثاني الختامي متحدثاً عن الاحتمالات الأساسية والبديلة، من خلال جلستين عقدتا في قاعة أبو بكر الرازي بكلية الطب.
افتتح فعاليات اليوم الأخير الرفيق أمين الحزب بجامعة حلب إبراهيم حديد، بحضور الدكتور ماهر كرمان رئيس الجامعة ، وأكد الرفيق حديد على رموز الشجرة كثروة نفسية ورمزية وثروة بيئية وغذائية، وتمثل القيمة المضافة التي تتحدى مشعلي الحرائق سواء اعتداء أو إهمالاً.
وأضاف: نتمنى أن نكون جميعاً بمستوى طموح قائدنا العظيم سيادة الرئيس الدكتور بشار الأسد، لأن توجيهاته تتضمن رؤى بعيدة جداً.
ولفت حديد إلى الزراعة المنزلية المألوفة في حياتنا، فذاكرتنا تفيض بصور أمهاتنا اللواتي يقطفن الخضار، ويربين الدواجن، كما لا ننسى مشهد تنور الحطب والطين.
وأضاف أثناء مداخلاته في الجلسات: لنتساءل: هل تم تقييم هذا المشروع في حال التمويل أو الإقراض؟ ما مدى الاستفادة من المبلغ؟ وما هي النتائج؟.
كما أكد الرفيق إبراهيم حديد: لا ينقصنا سوى وضع الخطط، والبحث في الجدوى الاقتصادية، والحاجة لاستراتيجية واضحة ومنتجة ومستدامة نعمل عليها جميعاً، والتركيز على التحديات البيئية والإنتاجية والإجرائية، وأهمها إعادة تأهيل الموارد البشرية التي ستعمل، ملفتاً إلى أن سيد الوطن يعمل، ومنذ 2017، على مشروع إداري تنموي شامل وشمولي.
واختتم: نتمنى توصياتكم ومقترحاتكم وما تتضمنه لتكون مبادرات على أرض الواقع، لأننا بحاجة إلى مبادرات تنفيذية، وتظل المعاناة أمّ الاختراعات والمبادرات، مع ضرورة الاهتمام بالجيل الجديد.
وبإدارة متناغمة.
وترأس الدكتور عبد المحسن السيد عمر عميد كلية الزراعة، فعاليات الورشة، مفتتحاً محور الجلسة الأولى من اليوم الختامي والتي تتمركز حول “المبادرات والتجارب السابقة”، متفرعة إلى ثلاثة عناوين (برامج الإقراض والمنح الحكومية، برامج الإقراض والتمويل للمؤسسات الدولية وغير الحكومية، المبادرات التطوعية والأهلية).
بينما ناقشت الجلسة الثانية والأخيرة محورين، أولهما: “التنمية الريفية والاقتصاد المحلي ـ دور المشروعات الصغيرة والمتوسطة”، وذلك من خلال عنوانين (المرأة الريفية والزراعات المنزلية، سلاسل الإنتاج والتوريد والتسويق)، وثانيهما: “التدريب والتأهيل والابتكار والعلوم” وذلك من خلال ثلاثة عناوين (التجارب العلمية في الزراعات الأسرية والمنزلية، البحث العلمي وتقنيات الإنتاج الزراعي، التشبيك والتواصل لنقل المعارف والخبرات).
وبهذه المناسبة خصّ د.رامي العلي ممثل وزارة الزراعة: كوزارة زراعة، تعتبر رائدة في مجال الزراعة الأسرية، وحكماً نحن، الآن، نعرف إذا كان هناك شركاء معنا مثل الجامعة والمنظمات الدولية، ولنتفق على النواة الأساسية بين الزراعة المنزلية والأسرية والعائلية، لتكون الدلالات واضحة وكذلك المعايير، لأن هذه الزراعة تعتبر النواة الأساسية التي ستبنى عليها المشاريع والبرامج القادمة، والمحور الهام الثاني هو ربط الجامعة بالمجتمع عن طريق أبحاث الدكتوراه لتنفيذ مشاريع تحفيزية ونظرية وتطبيقية.
وأكد للبعث ميديا متابعاً: يجب العمل في المرحلة القادمة على تحويل إنتاج هذه الزراعات إلى زراعات عضوية لتصل إلى المستهلك بعد مرورها بكافة المراحل ومنها التسويق. وهذا أحد المقترحات والتوصيات، وتنفيذ ذلك على الواقع من خلال الفنيين العاملين في الوحدات الإرشادية وتشبيك هذه العوامل مع تنمية لجان المجتمع المحلي، لأنهم صلة الوصل بين المزارعين والمربين في القرية، مع ضرورة التشبيك مع كل من وزارة الزراعة ووزارة الإدارة المحلية ووزارة التعليم العالي وتمثّلها الجامعات.
وبدوره، قال للبعث ميديا ياسر جاويش رئيس فرع حلب لاتحاد الطلبة: سنستمر حتى ما بعد فعاليات الورشة، وذلك بناء على المقترحات والتوصيات التي ستنتج عن مشاركة وحضور جميع المعنيين بالقطاع الزراعي، وستُرفع هذه الاقتراحات إلى الوزارة وقيادة الاتحاد الوطني لطلبة سورية وفق خطط استراتيجية.
وخصت البعث المهندسة فاطمة أكتع المشرفة التطوعية لتجربة فريق الأيادي الخضراء التطوعي، بحديثها عن الأعمال التطوعية وعدم انتظامها لأسباب عدة، منها العراقيل مثل “الروتين”، ومنهم من يرفضون الفكرة، أو يقفون حاجزاً في طريقها، والأهم أن هكذا مشاريع ليست بحاجة لتمويل، حفاظاً على شرط الاكتفاء الذاتي.
واختتمت فعاليات الورشة وجلساتها الحوارية بقراءة وصياغة المقترحات والتوصيات المستنتَجة، ومنها الاهتمام بعملية التصنيع الغذائي، وتأمين ما يلزمها من أدوات وفرق عمل وتأهيل وتدريب، لا سيما ما يخص المرأة الريفية، مع اقتراح الإعفاء من تكاليف التحاليل الخاصة بالمطابقة للمواصفات القياسية السورية. دراسة الجدوى الاقتصادية لأي مشروع مع المفاضلة إذا كانت منتجة أم لا؟ كيف يتم التشبيك بين التمويل الذاتي من المصادر الداخلية كالأرباح والهبات والمنح، والمصادر الخارجية ومنها الدولية؟ وهل من الممكن استحداث صندوق تمويلي خاص بمشاريع الزراعة المنزلية ويكون تابعاً لوزارة الزراعة والمصرف الزراعي التعاوني، مع ضرورة تشكيل لجان تقييمية، ولجان متابعة، وتسهيل عملية القروض قصيرة الأجل والمتوسطة وطويلة الأجل، لكن، بعد الدراسة التمحيصية، وهذا يتطلب جداول احتياج، وبرنامجاً لتحقيق استمرارية العمل الزراعي.
أيضاً، تمّ التركيز على آليات الإنتاج العمودي والأفقي، ومراحل الإنتاج بدءاً من الزراعة وتربية الحيوانات، وصولاً إلى التسويق، ومن ضمن هذه الآليات التعامل بفنية مع الزراعة، وهذا يحتاج إلى تدريب وتأهيل، وأفكار جديدة مثل تجفيف المنتجات الفائضة وبيعها لا رميها، وتوظيف بقايا المحاصيل، واستصلاح الأراضي، وعدم تحويل الأراضي الخصبة إلى مشاريع تجارية لتكون مثلاً معارض للسيارات! والاهتمام بالهندسة الريفية، وجعلها محوراً من محاور التشبيك بمراحله المختلفة وجهاته المتنوعة، مع الاستفادة العملية من نتائج الأبحاث في الجامعات وكليات الزراعة، وهذا ينطبق على المنتجَيْن الزراعي والحيواني.
كما لفت المتحاورون إلى ضرورة التركيز على العمل الجماعي والمجموعات وتأليف تشكيلات من النوى الأسرية، مؤكدين على ضرورة تحدي جميع الظروف بفنية وثقافة وتقنية وتضافر وتشابُك وتشبيك من خلال إدارة سوء المخاطر، والتركيز على التطوعية والأهلية، وحضور الدور الفاعل لمديرية الإرشاد الزراعي من خلال البرامج الإعلامية، إضافة إلى تفعيل لجان تنمية المجتمع المحلي، خصوصاً في بعض المجتمعات الذكورية، لا سيما وأن التركيبة السكانية الحالية تؤكد ارتفاع مؤشر النساء المعيلات على نسبة مؤشر الذكور، وهذا مما خلفه الإرهاب، والانطلاق من الراهن إلى الاستدامة مع الاستفادة من تجارب المشاريع السابقة.
ورأى المتحاورون ضرورة إشراك القطاع الخاص في تمويل الزراعات الأسرية، ومن الممكن أن تساهم وزارة الأوقاف أيضاً، ووزارة التربية في المشاركة تشبيكياً، ولا بد من إنشاء مدارس صغيرة في الأرياف للمساعدة والاستكشاف والبحث والتدريب والاقتراحات، وذلك لمعرفة ما تحتاجه كل قرية، ليتمّ تأسيس المناسب لها من المشاريع الصغيرة.