المركزي يؤكد أن التطبيق العملي للمعيارين “9 و30” نجح بالحفاظ على نسب الضوابط الاحترازية على مستوى القطاع المصرفي
دمشق – البعث ميديا: بادر مصرف سورية المركزي إلى اتخاذ حزمة من الإجراءات والتدابير الاحترازية ومنها اعتماد أحدث المعايير الصادرة في مجال العمل المصرفي لمواجهة التحديات، ولعل الخطوة الأبرز التي اتخذها المركزي مؤخراً في هذا المجال هي اعتماد التعليمات الخاصة بتطبيق معيار التقارير المالية الدولية رقم 9، وكذلك معيار المحاسبة المالية الإسلامي رقم 30 (الصادرين بقرار مجلس النقد والتسليف رقم 4 لعام 2019) وذلك لرفع مستوى الأمان، والوصول إلى مستويات أعلى من الملاءة المالية للمصارف وتعزيز قدرتها على مواجهة المخاطر المحتملة كخطوة ثابتة واثقة لتعزيز متانة القطاع المصرفي وضمان استمرارية عمله وامتصاص نتائج الحرب والعقوبات وتداعياتهما، ليس فقط على المصارف السورية، وإنما أيضاً على أي مؤسسة تتعامل مع تلك المؤسسات.
وبين المركزي في بيان له أن اعتماد تعليمات هذين المعيارين (رقم 9 دولي ورقم 30 إسلامي)، نقل عمل القطاع المصرفي السوري إلى منحى جديد ركيزته الأساسية ربط المعالجة المحاسبية بأنشطة إدارة المخاطر، من خلال بناء نموذج جديد لتكوين المخصصات يقوم على أساس تقدير الخسائر الائتمانية المتوقعة وليس المحققة، وعليه فقد تم رفع سوية المخصصات الاحترازية للخسائر المتوقعة على جميع التسهيلات الائتمانية خلال مراحل العمر الائتماني المتوقع.
أما بالنسبة للتصنيف الائتماني فيتم تصنيف العميل ائتمانياً على ثلاث مراحل تأسيساً وفق مؤشرات كمية ونوعية؛ ففي المرحلة الأولى يتم تصنيف العميل حال التزامه بعدد من الشروط مجتمعة، ومنها التزامه بشروط منح التسهيل الائتماني، وسداد أصل الدين وفوائده ضمن المهل مع السماح بمدة تأخير لا تتجاوز 30 يوم وشروط أخرى سواها، ومع ذلك يُطلب من المصرف تشكيل مخصص يتناسب مع احتمالية تعثر العميل، أما في المرحلة الثانية فيتم تصنيف العميل في حال وقوع مجموعة من الحالات، كتأخر العميل في سداد أصل الدين أو الفوائد لمدة تزيد عن 30 يوم، والتغيرات المهمة في مؤشرات السوق، وجدول التسهيلات، وغيرها، مع الأخذ بعين الاعتبار (في هذه المرحلة) منع المصرف من منح أي تسهيلات ائتمانية إضافية للعميل إلى حين تحسين تصنيفه الائتماني ليصل إلى المرحلة الأولى، مع الطب إليه (أي المصرف) حجز مخصصات إضافية للمخصصات المطلوبة للعملاء المصنفين ضمن المرحلة الأولى.
أما في المرحلة الثالثة فيتم تصنيف العميل في حال نهوض بعض الظروف كعدم قدرة العميل أو عدم رغبته بالسداد، أو تأخره بسداد أصل الدين أو الفوائد لمدة تزيد عن 90 يوم، وسواها من الظروف المشابهة، وتطويقاً لآثار هذه المرحلة، تم حظر العملاء المصنفين ضمن هذه المرحلة من الحصول على أي تسهيلات ائتمانية جديدة من القطاع المصرفي، مع الطلب إلى المصرف حجز مؤونات تعادل كامل قيمة الدين مع الأخذ بالاعتبار قيمة الضمانات المأخوذة، ولا يغيب عن الذهن أن تحسين تصنيف العميل يتم وفق ضوابط صارمة (محددة بقرار مجلس النقد والتسليف المذكور أعلاه).
تطبيق المعيارين أطلق احتمال زيادة حجم المخصصات الأمر الذي من شأنه أن يؤثر في أرباح المصارف وبالتالي التأثير في رأس المال النظامي، أو الحد من قدرة المصارف على الإقراض، إلا أن التطبيق العملي نجح بالحفاظ على نسب الضوابط الاحترازية على مستوى القطاع المصرفي ككل ولكل مصرف على حدة ضمن النسب والحدود النظامية (الصادرة بقرارات مجلس النقد والتسليف) التي تتوافق مع المعايير الصادرة عن المنظمات الدولية التي تعنى بالعمل الرقابي المصرفي والمعايير العالمية المثلى، وهي نتيجة نموذجية تم تحقيقها بالنظر إلى أن مصرف سورية المركزي اعتمد في توجيهاته للمصارف سياسةً قائمةً على تعزيز التنسيق بين إدارات المخاطر والائتمان والمالية والالتزام وتكنولوجيا المعلومات، بغرض تحقيق التكامل والتوافق بين المالية والمخاطر وحفظ البيانات التاريخية، وبالتالي خلق البنية التحتية والأنظمة وتقنيات تقييم المخاطر كأساس للانتقال إلى تطبيق المعيار والبدء بحصاد نتائجه الإيجابية في تدعيم أسس العمل المصرفي.
أما بالنسبة لآثار تطبيق تلك التعليمات وبتدقيق تحليلي تفصيلي لها يلاحظ أن الأثر المباشر انعكس في زيادة المخصصات، أما الأثر غير المباشر فتجلى باستهداف ذراعي العمل المصرفي (الودائع والقروض) في آن معاً، وبالنسبة للودائع فإن من شأن تطبيق المعيار رقم 9 تعزيز ثقة المودعين بالمصارف لكون هذه الأخيرة ستوفر ضمانات أكثر وحماية أوفر الأمر الذي يمكّن المصارف من توفير السيولة والوفاء بالتزاماتها تجاه العملاء في أي وقت، في حين يؤدي تطبيق المعيار (بالنسبة للقروض) إلى تعزيز الدراسة السليمة لملاءة العملاء الائتمانية مما يمثل حمايةً لأصول المصارف من مخاطر عدم السداد، فضلاً عن آثار تطبيق المعيار في مكونات كفاية رأس المال وبالتالي زيادة قدرة المصارف على مواجهة المخاطر وإجراء حوكمة سليمة على مستوى اتخاذ قرار المنح الائتماني.
بالأرقام التفصيلية وبتدقيق مدى كفاءة قرارات مصرف سورية المركزي ومنعكساتها على أداء القطاع المصرفي، يُلاحظ توليفة متنوعة من المؤشرات والتي يبرز منها انخفاض نسبة الديون المتعثرة من إجمالي الديون في عام 2019 إلى 16.2% مقارنة بنسبة 41.89% في عام 2016، إلى جانب انخفاض نسبة السيولة القانونية بالليرة السورية من 56.9% في عام 2016 إلى 52.5%، وانخفاض نسبة المؤونات إلى إجمالي التسهيلات من 11.9% في عام 2016 إلى 6.8% عام 2019، حيث حافظت نسبة كفاية رأس المال على قيم مرتفعة بلغت نحو 16.5% ، في حين حقق إجمالي الموجودات نمواً بنسبة 19.4% في عام 2019 وبنسبة 74.6% منذ عام 2016 حتى نهاية عام 2019، ومن جانب آخر فقد حقق إجمالي الودائع لدى القطاع المصرفي نمواً بلغ 18% في عام 2019 ونسبة 89% منذ عام 2016 حتى نهاية عام 2019، أما إجمالي التسهيلات فقد حقق نمواً بلغ 44% في عام 2019 ونسبة 58.6% منذ عام 2016 حتى نهاية عام 2019.
بالنتيجة وتأسيساً على ما سبق فإن المصارف وبموجب تطبيقها للمعيارين السابقين والقرارات الناظمة لعملها قد حققت مؤشرات إيجابية انعكست على ميزانياتها سواء لجهة منح القروض، أم انخفاض نسبة القروض المتعثرة مقارنة بحجم المحفظة الائتمانية، أو تحقيق نسبة كفاية رأس المال تفوق الحد الأدنى المحدد عالمياً وحسب قرارات مجلس النقد والتسليف بـ8%، أو توفر سيولة نقدية متاحة للتوظيف وتجلت بارتفاع نسب التسهيلات الائتمانية الممنوحة للأنشطة الاقتصادية.