“ماما” هنودة تزرع الفرح في قلوب الأطفال
صباح الثلاثاء الماضي لم يكن عاديا في حياة أطفال روضة (الحسين الثانية) في اللاذقية، فقد كانوا ينتظرون (ماما هنودة) وكلهم شوق لسماع قصصها والسفر في عالمها الملون بأجمل ألوان الطفولة..وعندما وصلت في الموعد المحدد، شهدت الروضة نشاطا نوعيا تفاعليا مع الزائرة المتميزة التي عرفت كيف تثير اهتمامهم و تمنحهم وقتا جميلا تمتزج فيه الفائدة بالمتعة.
فقد أخذت في تعليمهم مجموعة من القيم بأسلوب قصصي شائق يعتمد على الكلمات والرسوم.. وينتهي بتوزيع القصص والسكاكر عليهم قبل خروج الجميع إلى الباحة حيث تحلق الأطفال حول ماما هنودة وأخذوا يدورون ويغنون: (فتحي ياوردة ضمي ياوردة)…
المديرة نادين هاشم درويش ثمنت فائدة ما تقوم به الدكتورة هند بقولها: إن ماما هنودة تزود الأطفال بالمهارات كسلوكيات صحية واجتماعية وتعلمهم المشاركة وحب الاستماع للقصص واحترام الرأي الآخر.. والتقيد بالنظام وحب النظافة.. الخ.
وكان لا بد أن أعرف أكثر عن هذه التجربة التطوعية الرائدة وخاصة بعد أن علمت أن د.هند تعاني من مشكلة في السمع بسبب حادث سير ولكن ذلك لم يمنعها من تحقيق حلمها التربوي الجميل..
هي د.هند حيدر، من مواليد مدينة جبلة 1965، درست هندسة الطاقة الكهربائية. كما حصلت على إجازة في التربية وعلم النفس، ثم على الدكتوراه واختارتها منظمة سلسلة السلام العالمي سفيرة لها لمدة عامين(2020-2022)..
تقول عن اهتمامها التربوي: لطالما أحببت الطفولة والأطفال، واهتممت بأساليب التربية وفنونها واضطراب طيف التوحد وصعوبات التعلم، والتحقت بالعديد من الدورات التدريبية الميدانية والالكترونية في هذا المجال، وكتبت العديد من قصص الأطفال.ولست أدري هل أنا التي اخترت الكتابة للأطفال أم هم اختاروني….
وعن مجموعة ” احكيلي احكيلي” الإلكترونية أضافت: لقد لاحظت وجود فقر أدب الطفل في وطننا، فمعظم القصص هي عبارة عن أدب مترجم تنقل واقعاً لا يشبه واقعنا مما يخلق تناقضا لدى الطفل القارئ. فوجدت أننا بحاجة ماسة إلى قصص هادفة تحمل بين طياتها الأهداف التربوية والقيمية والثقافية التي نصبو اليها.
ولهذا أنشأت عام 2018 مجموعة ” احكيلي احكيلي ” التطوعية. وكانت البداية عبر نشر قصص للأطفال من تأليفي على شبكة الانترنت ومختلف وسائل التواصل الاجتماعي. وأرفقت كل قصة بفيديو وصور لكي تصل فكرتها بطريقة أسلس إلى أذهان الأطفال. و يوجد لحد الآن على الصفحة حوالي(120)قصة.
كما أصدرت مجلة الكترونية باسم “مجلة احكيلي احكيلي للأطفال” فيها قصص ومعلومات عامة ومقالات تربوية ومشاركات من الأطفال وهي موجودة على الموقع بشكل مجاني أيضا …
ومع أن قصصي نشرت في العديد من الصحف العربية الورقية والمجلات مثل صحيفة أسرار المصرية ومجلة الهيكل. وأني نلت العديد من التكريمات والأوسمة، فإن أكبر وسام حصلت عليه هو قلوب الأطفال، وقد طبعت الجزء الأول من مجموعة قصصية اسمها الغابة الخضراء.
ثم انتقلنا إلى المرحلة الثانية من مشروعنا التربوي عبر إجراء زيارات ميدانية إلى مدارس وروضات مدينتي اللاذقية وجبلة وريفهما، والمعاهد ومراكز ذوي الاحتياجات الخاصة.
وتوجهت د.هند بالشكر إلى نقيب المعلمين في اللاذقية على إسبر والمكتب الفرعي على دعمهم وتشجيعهم لها، وأضافت: انضم إلينا العديد من المتطوعين من كافة الاختصاصات من أطباء ومهندسين وطلاب ماجستير وطلاب جامعات الذين أوجه لهم الشكر الكبير من هذا المنبر.
وقد تلقينا العديد من الدعوات من جميع مدن بلدنا الحبيب ونحن نلبي هذه الدعوات تباعاً. ولدينا حتى الآن حوالي (40)نشاطا جميعها تطوعية ومجانية.
ويتضمن النشاط قراءة قصص للأطفال من تأليفي ومناقشة الأهداف التربوية مع الأطفال. يلي هذا محاضرة توعية طبية من قبل أطباء متطوعين معنا و من ثم إجراء مسابقة أسئلة وأجوبة مع تقديم جوائز .
ونظمت أيضاً العديد من المسابقات على صفحتنا على فيسبوك (احكيلي احكيلي-قصص أطفال هادفة) تضمنت مواهب الأطفال من رسم وموسيقا وشعر ورياضة وأدب وغير ذلك. فالأطفال يرسلون إلينا إبداعاتهم والمجموعة تمنحم شهادات تميز و تقدير مصدقة من الإدارة وكل هذا لتشجيعهم على الإبداع والتميز…
وعن الصعوبات التي تواجهها هذه التجربة الرائدة ختمت د.هند حديثها بالقول إن أبرزها يتمثل في صعوبة الحصول على موافقة مديريات التربية المعنية للقيام بالنشاط في الروضات والمدارس الحكومية، وصعوبة النقل والمواصلات…
من جهتي وبعد أن حضرت هذا النوع من النشاط التطوعي الراقي لا أملك إلا القول إننا أمام قلب كبير يسعى بحس وطني وإنساني جارف لإثراء عالم الطفل وتشجيعه على الإبداع.. وكم أتمنى أن تلقى مثل هذه المبادرات الدعم من الجهات التربوية المختصة، ولا سيما أنها مبادرات تطوعية لا هدف لها إلا خير هذا الوطن وأطفاله.
ندى الحوراني