هل ستنطفئ نيران ترامب المشتعلة؟؟
لم يكن يوم اجتماع الكونغرس للمصادقة على الرئيس المنتخب الجديد للولايات المتحدة، أمس، كسابقاته من الأيام، فما كان روتينياً عادياً تحول إلى مشاحنات واحتجاجات وتظاهرات، بسبب رفض الرئيس المنتهية ولايته القبول بالهزيمة..
ترامب قالها علانية وبكل وضوح، قبل موعد الانتخابات، بأنه لن يسلم السلطة بشكل سلمي في حال عدم فوزه، ورغم كل ثرثراته وتهديداته الفارغة إلا أن ذلك كان مختلف، أثبته مع بدء الانتخابات وإعلان فوزر جو بايدن بالرئاسة..
ما حدث أن ترامب حث مؤيديه على عدم السكوت عن نتائج الانتخابات، والاعتراض على المصادقة في الجلسة الخاصة المشتركة لمجلسي النواب والشيوخ، خاصة بعد خيبته التي مُني بها من قبل نائبه مايك بنس، الذي أعلن بأنه لايملك الصلاحيات لوقف العملية، لذا لجأ الرئيس المنتهية ولايته إلى طريق أخر لقلب الطاولة..
وهذا ما كان فعلا، مئات المتظاهرين احتشدوا أمام مبنى الكابيتول وعطلوا الجلسة، واقتحموا المبنى، وشهدت واشنطن أعمال عنف مع فضّ الشرطة اشتباكات متفرقة، نتج عن ذلك قتل عدد من الأشخاص واعتقال العشرات.. أسلحة وذخيرة واعتداء على الشرطة كان رد مؤيدي ترامب على فوز بايدن..
ترامب دنس التقاليد السياسية الأمريكية، والحشود التي اقتحمت مبنى الكابيتول تعكس رغبته في السلطة بأي ثمن، وهذا الإرث الذي تركه الرئيس الخامس والأربعون يمثل واحدة من أحلك اللحظات في التاريخ السياسي الحديث للولايات المتحدة، هذا ما عنونت به الصحف الأمريكية ونشرته على صفحاتها، تعبيرا عن المشهد المخزي الذي عم أرجاء العاصمة وبعض الولايات الأخرى..
ورغم كلمته المصورة التي بثها على صفحاته على منصات التواصل الاجتماعي ودعا فيها أنصاره للعودة إلى منازلهم، إلا أنها لم تكن صادقة وصبت الزيت على النار، بحسب الكثير من المحللين والمراقبين، إذ يجب أن يكون الخطاب أكثر مباشرة وعبر شاشات التلفزة والإعلام وليس عبر منصات التواصل الرقمي والتي من الممكن أن لا تشاهد من قبل المحتجين..
ردود الأفعال على أحداث أمس كانت تعبر عن حاله استنكار واستهجان لما حصل، فأعضاء الكونغرس، وعلى رأسهم الجمهوريون، ألقوا باللوم على ترامب واتهموه بالتحريض على إثارة الشغب، حيث ذكر الكثيرون منهم، في تصريحات لوسائل الإعلام المختلفة، أن الرئيس المنتهية ولايته اختار نشر الأكاذيب تضليل الشعب الأمريكي بشأن تزوير وسرقة الانتخابات، مشددين على أن الوقت حان لكي يقبل النتائج ويتوقف عن ذلك، في حين طالب البعض منهم بتنازله.
وفي هذا السياق، بحث عدد من وزراء إدارته إمكانية تفعيل التعديل الخامس والعشرين للدستور الأمريكي الذي يسمح لنائب الرئيس وأغلبية أعضاء الحكومة أن يقيلوا الرئيس إذا ما وجدوا أنه “غير قادر على تحمل أعباء منصبه”، ويتطلب تفعيله أن تجتمع الحكومة برئاسة نائب الرئيس مايك بنس للتصويت على قرار تنحية ترامب.
استهجان دولي لأحداث واشنطن، فلندن وعلى لسان رئيس وزرائها، بوريس جونسون، اعتبرت أن ما حصل مخزي جداً، ويجب نقل السلطة سلميا إلى بايدن، فيما شدد حلف الناتو على ضرورة احترام نتائج الانتخابات، فالديمقراطية الأمريكية اليوم تحت الحصار بسبب عناد ترامب وإصراره على عدم القبول بالهزيمة، وهذا الموقف أيضا ينطبق على كل من فرنسا والألمانية اللتين طالبتا بإيقاف أنصار ترامب وقبول قرار الناخبين واحترام رغبة الشعب الأمريكي..
بعد ليلة من الفوضى التي ضربت قلب “الديمقراطية” العالمية و”احترام الحريات”، عاد الهدوء نسبيا إلى تلك الميادين المشتعلة، وتم تأمين مبنى الكابيتول، ليصادق الكونغرس رسميا على فوز بايدن بانتخابات الرئاسة بأغلبية 306 من أصوات المجمع الانتخابي، فهل يقبل دونالد ترامب بذلك ويقر بهزيمته ويكف أتباعه عن إثارة الشغب، أم سنشهد احتجاجات جديدة يوم تنصيب الرئيس الجديد؟؟؟..
تقرير – البعث ميديا