ضمّ الكيان الإسرائيلي إلى “سنتكوم”.. الأبعاد والمخاطر
يصرّ ترامب أن يستثمر ساعاته الأخيرة في البيت الأبيض من أجل تمرير صفقاته المشبوهة، لاسيما تلك المتعلّقة منها بكيان الاحتلال الإسرائيلي ومصالحه في المنطقة، ليصدر مؤخراً قراراً يفضي بضمّ كيان الاحتلال إلى منطقة عمليات القيادة المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط ، “سنتكوم”، ومقرّها قطر، بعدما كان يتبع قيادة القوات الأمريكية في أوروبا، ليصبح إلى جانب دول عربية كانت قد طبّعت علاقاتها معه منذ وقت قريب، وبموجب القرار، ستُشرف القيادة المركزية على كلّ من الكيان الإسرائيلي والدول العربية، في توجّه يُشكّل تغييراً طارئاً في سياسة القيادة العسكرية الأمريكية المتّبعة منذ عقود، ليُمثّل القرار خطوة أخرى جديدة لها لا تقلّ خطراً عن سابقاتها..
الواضح أن ترامب، ومن خلال القرار الأخير، يسابق الوقت من أجل تثبيت اتفاقات التطبيع بين كيان الاحتلال والدول العربية التي تمت بإشرافه وتحت رعايته، وهو ما أكده “البنتاغون”، الذي عزا هذه الخطوة إلى محاولة “خفض التوتّر” بين “إسرائيل” و”جيرانها” بعد اتفاقات “أبراهام”، وبهذا القرار أصبح كيان الاحتلال صاحب الرقم 21 في قائمة الدول التي تشملها عمليات القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم)، ليشكل مظلة لحماية الكيان الإسرائيلي والدفاع عنه في أي مواجهة محتملة، كما يعزز قدرة العدو على التحكم بالقوى العسكرية الأمريكية الموجودة تحت تصرفه بالمنطقة، إلى جانب فرض إرادته في المرحلة القادمة من خلال التدخل بسياسات الدول المشمولة بالعمليات، وفرض املاءاته عليها بما تقتضيه مصالحه وسياساته.
تكمن الخطورة في ملامح المرحلة المقبلة التي عبرت عنها صحيفة «يسرائيل هيوم»، حين نقلت عن مسؤول أمريكي قوله: «الآن، بات في إمكان الجنرال فرانك ماكنزي (قائد سنتكوم) الذهاب إلى السعودية والإمارات و”إسرائيل” وزيارة الجميع في “أبرشيته” الموسّعة حديثاً»، فيما اعتبر أنطوني زيني، القائد السابق للقيادة المركزية، « يمكننا أن نرى مزيداً من الدول العربية تعترف بـ “إسرائيل”، لذا فمن المنطقي وضعها جميعاً تحت قيادة أمريكية موحّدة»،
بات من الجليّ أن إيران هي الهدف الأكبر في هذه المرحلة؛ فالمراد هو ممارسة شتى أشكال الضغط عليها ومحاولة تهديدها بأمنها، فالأمر لن يتوقف فقط على التطبيع ومحاولة تكريسه في الشرق الأوسط، بل الذهاب أيضاً إلى استغلال هذا التطبيع من أجل تمرير سياسات واشنطن وكيان الاحتلال في المنطقة وتشكيل اصطفافات لمواجهة إيران، إضافة لتشكيل الضغط المتعدد السقوف على الحكومات الرافضة للاستجابة للإملاءات الأمريكية.
يضع القرار الأخير لترامب خلَفَه الرئيس المنتخب الجديد بايدن في خانة الأمر الواقع، وإن كان هدف ترامب وضع العقبات أمام بايدن من أجل عدم التوصل للاتفاق مع إيران عبر التصعيد والتعقيد العسكري في المنطقة ومنعه من العودة الی الاتفاق النووي، إلا أنه من المستبعد أيضاً أن يتراجع بايدن عن أي قرار قد يصب في مصلحة كيان الاحتلال.
الرئيس الأمريكي المقبل، بحسب ما كشف مصدر مقرّب من فريقه الانتقالي، في حديث إلى صحيفة “يسرائيل هيوم”،يعتزم إجراء مشاورات مع الكيان الإسرائيلي قبل أن يصوغ استراتيجية إدارته تجاه إيران، إذ ما يزال فريقه يبحث في كيفية التعامل مع طهران، وأكّد المصدر أن الهدف الشامل الذي حدّدته الإدارة المقبلة، ليس منع طهران من تسليح نفسها بأسلحة نووية فحسب، ولكن أيضاً “وقف برنامجها الصاروخي وتحركاتها الإقليمية.
لا تقل تصورات المرحلة القادمة خطورة عن سابقتها، فالتطورات الأخيرة من اتفاقات تطبيع وما رافقها من تصريحات ولقاءات وقرارات يطرح الكثير من التساؤلات ويشي بالكثير من التبعات التي تستهدف المنطقة العربية، وكالعادة، بإشراف واشنطن، التي ترسم مخططاتها وتنفذها عبر أدواتها في المنطقة، ليأتي القرار الأمريكي الجديد ضمن سلسلة من القرارات التي سبقت والتي ستلحق، والتي تصب كلها في بوتقة واحدة، وتحمل الهدف ذاته..
البعث ميديا || خاص