رؤى وأفكار بحثية في آفاق التجديد الفكري والسلوكي للبعث بمحاضرة بثقافي طرطوس
لم تكن المحاضرة الفكرية التي قدمها الدكتور سومر صالح، بمناسبة إحياء ثورة الثامن من آذار المجيدة مجرد تذكير باحتفالية ومحطة وطنية تحييها جماهير حزب البعث العربي الاشتراكي في كل عام، بل كانت دعوة وطنية صادقة للتجديد الفكري والسلوكي في منهجية عمل حزب البعث العربي الاشتراكي، وأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية، والوقوف أمام أدوار أكثر صعوبة في المراحل القادمة لحماية عقيدة حزب، ومنحه حيوية فكرية، وحالة من التجديد السلوكي المستمر لمواكبة تغيرات العصر.
المحاضرة التي حملت عنوان (آفاق التجديد الفكري والسلوكي في البعث) على مدرج ثقافي طرطوس بدعوة من قيادة فرع الجبهة الوطنية التقدمية، ورعاية د. محمد حبيب حسين أمين فرع حزب البعث العربي الاشتراكي، وحضور محافظ طرطوس صفوان أبو سعدى، وأمناء وأعضاء الجبهة الوطنية التقدمية، وفعاليات رسمية وشعبية. حملت من الباحث المحاضر طابعا نقديا، ومراجعة لسلوكيات سابقة في عمل حزب البعث العربي الاشتراكي وأحزاب الجبهة، كما قدمت خطة عمل ومنهجية مطلوبة في المرحلة المقبلة الأكثر خطورة كما وصفها الباحث.
الدكتور سومر صالح بيّن في حديثه أن ذكرى ثورة الثامن من آذار المتجددة ليست مجرد خطاب إعلامي، لكنها نقطة مفصلية مهدت لتحولات كبيرة كان من ثمارها الصمود السوري في وجه أشرس هجمة وأكبر حرب عرفتها سورية، فالثورة التي كانت ضد الاستعمار في ذلك الوقت كانت أيضا من أجل التنمية والارتقاء بالجماهير، وهو الدور الذي لعبه حزب البعث العربي الاشتراكي بشكل طليعي، وهذا الدور لم يكن فقط لكونه أكثرية عددية بل لأنه حالة فكرية مستمرة، واستمر التجديد النابع من عقيدة البعث حيث تجلت ملامحه في بداية الأزمة من خلال منتديات البعث التخصصية، وعمليات الاستئناس الحزبي لاختيار قيادات مؤهلة فالمطلوب اليوم مواكبة التغيرات التي تحدث خاصة في عصر تحطيم الإيديولوجيات، وفي ظل وجود جيل لا منتمي، وجيل صنعته مفرزات الحرب، فالمطلوب إذا تحصين الثقافة واللغة، ووضع استراتيجية مواجهة وتقديم أوراق عمل من أصحاب الفكر، فالفراغ يشغله الآخرون في حال لم نكن على حجم التحدي، والقيام بتغيير كامل للأدوات والوسائل من خلال مقاربات جديدة.
وبين الباحث أن التجديد ليس تخل عن الفكر القديم بل هو تطوير له، وملامح التجديد الفكري تصبح مطلوبة أكثر من أجل مواجهة تغيرات كبرى تحدث في العالم (ثورة صناعية رابعة، وثورة رقمية جديدة) فالتجدد ضرورة موضوعية للحزب تمنحه القدرة على مواجهة الصعوبات والتحديات مهما كانت، ,أضاف التجديد الفكري يجب أن يرافقه تجديد سلوكي، وهي حالة يمكن للحزب تحقيقها من خلال امتلاكها لبنية تحتية مجهزة، فالعمل من خلال مدارس الإعداد الحزبي والحوارات الثقافية يجب أن يستمر لتعزيز دور الرفيق البعثي القدوة الذي يؤمن برفاقه والقاعدة الشعبية وليس بالمنصب فقط.
وأكد صالح صحيح أن الأولوية اليوم للوضع الاقتصادي والمعاشي ولكن الوعي مطلوب أيضا فعندما توضح الحقائق ويقف الناس على حقيقة ما يحدث، يدركون المشروع الخطير الذي يتم التخطيط له، فالمطلوب وضع منهجية عمل متكاملة، من الحزب، وكذلك من أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية، فمسؤولية الأحزاب كبيرة وخاصة أحزاب الجبهة فهي نموذج وطني يجب أن يطور ويفعل لمواكبة التطورات، والمرحلة المقبلة، وختم الباحث من المهم جدا طرح خطاب بعثي للجيل الجديد والحفاظ على الثورة لأنها تعمل معاني متجددة ومطلوبة في كل مرحلة.
طرطوس- محمد محمود