“أما زال البعث راهناً؟” ندوة بمناسبة الذكرى 74 لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي
قال الدكتور مهدي دخل الله في ندوة حملت عنوان “أما زال البعث راهناً” والتي عقدت بمناسبة الذكرى 74 لتأسيس الحزب، أن مضمون البعث له ثلاثة جوانب، فكري وسلوكي وسياسي (والسياسة جزء من السلوك). والفكر حسب رأيه ينبغي أن يتحرر من النسق الإيديولوجي المسبق الذي يتصور الواقع مسبقاً قبل الوصول إليه. خاصة باستناد هذا الفكر إلى المبادئ العامة التي تدخل في حدس العامة من الناس، مثل الوطنية والقومية والعروبة والعدالة الاجتماعية وغيرها.
وبنى مثالاً على ذلك ما فعله التصور الإيديولوجي المسبق بأحزاب عريقة في الاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية. وما فعله الارتزاق واللامبدئية بأحزاب قوية كالأحزاب الاشتراكية في أوروبا الغربية، والتي أصبحت اليوم مجرد تابع مطيع للشركات متعددة الجنسيات ولآليات العولمة ومفاهيمها الليبرالية الجديدة.
أقيمت الندوة بالتعاون مع اللجنة الشعبية العربية السورية لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومة المشروع الصهيوني ومؤسسة القدس الدولية وتحالف قوى المقاومة الفلسطينية على مدرج دار البعث، والتي أدارها صابر فلحوط رئيس اللجنة الشعبية العربية السورية لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومة المشروع الصهيوني، وقدمها الدكتور مهدي دخل الله عضو القيادة المركزية للحزب ورئيس مكتب الإعداد والثقافة والإعلام المركزي.
وتناولت هذه الندوة أسئلة كثيرة تطرح اليوم حول المنهج في الحزب، وإذا كان الحزب في أزمة أم لا؟، وهل لديه القدرة على تجاوز هذه الأزمة؟ وأين تكمن هذه القدرة؟
وعن المنهجية والمضمونية التي يمكن أن تسهم في إدخال البعث إلى العصر من بوابة عريضة، بيّن د.دخل الله أن المنهج النقدي المقارن في مقاربة الواقع ، وهو منهج يبنى على نهج المبدئية الواقعية العريض . ويستمد معلوماته من الواقعية ليساعد في سهولة البحث والاستقصاء ومن ثم المعالجة والاستقواء. ولا شك في أن هذا يحقق مقولة الأمين العام للحزب حول القدرة على تحويل الأزمة إلى فرصة ..
أما بالنسبة إلى كون الحزب في أزمة أجاب الدكتور مهدي “بأن الحركة الحزبية العالمية نفسها تعيش أزمة بنيوية صعبة، خصوصاً في فرنسا وإسبانيا، ونحن جزء من هذه الحركة ..إضافة إلى أن الوطن كله في أزمة فمن الطبيعي أن يكون البعث في أزمة ، خاصة أن هذا الحزب مسؤول عن تاريخ سورية المعاصر” .
وفي مداخلة للدكتور خلف المفتاح المدير العام لمؤسسة القدس الدولية، شدّد على أن تأطير الحزب ووضعه داخل دستور لم يأتي من فراغ، لأن البعث أثبت أن هناك أمة عربية للرد على الفكرة الإخوانية والعثمانية، ووجوده كان مهماً لإثبات الهوية القومية، وعزا أن الأزمة كان سببها الأدوات وليس الأفكار، وأننا بحاجة اليوم إلى مرحلة جديدة في ذات القيادة تعيد تفعيل برنامج التحديث وهو المخرج والخلاص لنا من الأزمة.
الدكتور عبد اللطيف عمران مدير عام دار البعث، أكد في مداخلة له “أن البعث فكرة والأفكار لها مرحليتها، تتطور دائما، وهي محدودة بظروفها وشروطها التاريخية، ما جعل الحزب يواجه هذا التحدي”، كما نوّه إلى التغيّر الذي لحق التركيبة الاجتماعية للحزب أمام جيل جديد، والذي أصبح غير متساو طبقياً وفكرياً، والحل هو استبدال العلاقة الجدلية بين الوحدة التنظيمية والوحدة الفكرية في الحزب بعلاقة عضوية قوية.