“المكان”.. تجسيد لقصة فلسطين
بالتوازي مع ضربات المقاومة على الأرض للتصدى لهجمات الاحتلال، كانت حربٌ أخرى تشن في فضاءات العالم الرقمي، باستخدام أسلحة مختلفة، لمقاومة التهميش والتشويه وقلب الحقائق الذي يعمد إليه العدو، فظهرت الوسوم المؤيدة لفلسطين ونصرة أبناء غزة وحي الشيخ جراح وتفاعل المتابعون معها، وانتشرت مقاطع الفيديو والصور لإيصال الصورة الحقيقة لما يحدث في قطاع غزة المحاصر والضفة الغربية والأراضي الفلسطينية المحتلة.
“المكان”، أحد الأعمال التي تصدى من خلالها المخرج الفلسطيني، عمر الرّمال، لمحاولات ماكينات الكيان الإعلامية تشويه الواقع، حيث قدم سردية اختصرت ما يقع تحته الفلسطيني من استيطان وتهجير واعتداء، بفكرة بسيطة ومبتكرة وصفت تعلّق الأهالي بالأرض والوطن..
والفيلم، الذي لم يتجاوز الدقيقة والنصف، روى مأساة شعب كامل، مصوراً عائلة يتحدث كل فرد فيها عن أكثر مكان محبب إليه في المنزل، من الأم إلى الابن والابنة وصولا إلى الأب، وبحنين وحب عرفنا ذكرياتهم وأحلامهم وأمانيهم، وفي خلفية المشهد مجموعة من الصهاينة يُخربون المكان ويسرقون أثاثه غير مبالين بأصحابه، في مقاربة للفكر الاستيطاني التوسعي للكيان المحتل..
ومن تأثره بأحداث الشيخ جراح استمد الرّمال فكرته، إلا أنه لخص قصة سرقة وطن كامل من قبل الاحتلال منذ أيام النكبة، والتي كان يوم ذكراها موعد بث الفيلم على منصات التواصل الاجتماعي، ونقل في تفاصيله واقع القضية الفلسطينية، ومعاناة وآلام المهجرين.
ورغم الهجوم الشرس في العالم الرقمي على أي محتوى يخص القضية الفلسطينية وينقل واقع حي الشيخ جراح والقصف العنيف على قطاع غزة، تمكن “المكان” من كسر خوارزميات الحظر والحذف ووصل إلى أكثر من 6 ملايين مشاهد حول العالم، حيث لقي تفاعلاً كبيراً من قبل الجماهير التي أكدت على أن فلسطين باقية ما بقي الليمون والزيتون وأن استعادة الأرض قريبة رغم أنف المعتدين..
فلسطين قضية حقوق ووجود إنساني، والمهمة تتلخص بتوثيق كل القصص ونشرها للعالم ليعرف أكثر عن بشاعة الاحتلال، فالمشكلة ليست مع من لم يسمع عن القضية بل مع المتصهينين المتآمرين عليها، الذين يصمون آذانهم ويأبون رؤية الحقيقة..
رغد خضور