«طلاسم» الوصفات الطبية ما سرّها؟
كثيرة هي الأخطاء والأعباء التي تقع جراء صرف الأدوية سواء من دون قصد أو دراية أو بسبب اجتهادات شخصية لبعض الصيادلة.
عن تجربة شخصية جلتُ الصيدليات واحدة تلو الأخرى في مكان سكني ولم يتمكن “صيدلاني” من فكّ طلاسم وصفة الطبيب الذي نحتفظ باسمه وفاء لجدارته وخبرته الطبية التي تحسب له، الأول يقول لي “هذا الدواء غير موجود عندنا” أي “بسورية”، والثاني يقول “ما فهمت شو المكتوب”، والآخر “يا ريت ترجعي تسألي الطبيب عن الاسم”، وفعلا حينما وصلت لمرحلة فقدت الأمل في أن يفك طلاسمها أي صيدلاني حاولت الاتصال بالطبيب وطبعا من كثرة الضغط وازدحام عيادته المشهودة له استغرقت ساعات في المحاولة حتى ردّ عليي وبإجابة سريعة جدا وبعدها اعتذار وإغلاق الخط.
هذه واحدة من معاناة الكثيرين يشكو منها الناس عامة، ولكن الذي يحتسب للصيادلة هنا إخلاصهم للمهنة وعدم اجتهادهم في صرف دواء آخر ربما كان له آثار جانبية لا تحمد عقباها.
من خلال تجربتي وغيري الكثير كان سوء خط الطبيب بسبب انضغاطه وزحمة المراجعين في العيادة وحرصه على معاينة الجميع وهذا فعلا أحد الأسباب الذي أكدته دراسة أعدها المعهد الوطني لكلية الطب والأطباء في أميركا بأن السر وراء كتابة الطبيب لوصفة الدواء بخط سيئ تعود لضيق حجم ومساحة الورقة التي يكتب عليها وازدحام مواعيده، ما يجعله يكتب بسرعة مع التركيزعلى توضيح الأحرف الأولى المميزة للدواء دون غيرها، إضافة لإدراك الأطباء بأن الخط سيحفظ في ملفات ولن يعودوا لينظروا إليه مرة أخرى.
فـ”خربشات” الوصفات الطبية وعدم فهمها من قبل الصيدلاني والذي يقوم الأخير بصرف أدوية غير مقصودة ما يتسبب بأعراض جانبية كألم ومعاناة وهذا ما أكدته نفس الدراسة بأن هناك 7000 حالة وفاة سنويا نتيجة إساءة قراءة الوصفات، فإن لم تتسبب بوفاة المريض فستؤدي إلى إصابات وأمراض، وبحسب الدراسة أيضا هناك نصف مليون ممن يعانون من إصابات سنوية في أميركا بسبب الدواء الخطأ، في حين أثبتت الدراسة ذاتها بأن نسبة الخطأ في شراء الدواء بناء على وصفة مقدمة عبر البريد الالكتروني لا تتعدى الـ 10%.
بعض الأطباء يفندون سوء خطهم إلى أن الأدوية قد تكون أسماؤها طويلة لذا يلجؤون للاختصار قدر الإمكان، هناك صيادلة يعتذرون عن صرف الأدوية حينما يتعذر عليهم فهمها ويطلبون من المريض الرجوع للطبيب للتأكد من الأسماء، بينما آخرون يجتهدون في صرفها وخاصة في أوقات متأخرة من الليل من باب التعاطف مع حالة المريض الذي يكون مضطرا للدواء ولا سبيل لمراجعة الطبيب أو الاتصال به.
وهناك بعضهم بمجرد أن تناولهم الوصفة يعطونك الدواء وكأنهم والأطباء يفهمان لغة بعضهما ربما لخبرتهم الطويلة واعتيادهم على فك طلاسم الوصفة.
وبعض الصيادلة يقول ربما لا أفهم الخط ولكن من خلال ختم الطبيب الذي يُعرف اختصاصه،نصرف الدواء بناء على الاختصاص وبهذا نتحاشى الوقوع في الخطأ.
بعض المواطنين يقترحون لو تلغى الوصفات الطبية المكتوبة يدويا وتطبع الوصفة على كمبيوتر الطبيب في عيادته لتخفيف تكاليف الاتصال والرجوع لعيادة الطبيب مرة أخرى لشرح ما يقصده بالضبط في وصفته، ولتفادي الوقوع في الخطأ الذي قد تكون في غالب الأحيان نتائجه كارثية.
البعث ميديا||ليندا تلي