خلال زيارتها مركز زراعة الخلايا الجذعية للأطفال .. السيدة أسماء الأسد: مع الإرادة ليس هناك مستحيل والمركز يشكل أملاً جديداً للأطفال والأهالي
زارت السيدة أسماء الأسد اليوم أول مركز لزرع الخلايا الجذعية الدموية والمعالجة الخلوية للأطفال في سورية والذي جاء ثمار 15 عاماً من العمل والجهد ورغم الحصار.
واطلعت السيدة أسماء الأسد على التحضيرات النهائية لانطلاق المركز في الأسابيع المقبلة، يرافقها وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور بسام ابراهيم، حيث يعالج المركز الأطفال المصابين بـسرطانات الدم وبعض السرطانات الصلبة وأمراض الدم الوراثية وأمراض نقص المناعة الخلقية.
وفي حديث مع القائمين على المركز وممثلين عن الجهات والوزارات المعنية قالت السيدة أسماء الأسد: “بعد أكثر من 15 سنة تمكنا من إتمام هذا الإنجاز الطبي والوطني المهم والذي ظن البعض أن تحقيقه غير ممكن بسبب ظروف الحرب والحصار وخاصة أن التجهيزات الطبية الأساسية أو البسيطة ممنوعة علينا والحصول عليها صعب وطويل كما تعرفون فكيف إذا كان الهدف مركزاً طبيا متطوراً ونوعياً.. لكن مع الإرادة ليس هناك مستحيل وبجهود حثيثة من جهات مختلفة اجترحنا الحلول وتمكنا من فك الحصار عن أنفسنا واقتربنا من افتتاح أول مركز لزرع الخلايا الجذعية للأطفال في سورية وبهذا تكون اكتملت الدعائم الأساسية لمقاربة كل حالات السرطان للأطفال وبالتأكيد هذا يسهم بتخفيف الألم والمعاناة وفي نفس الوقت برفع نسب الشفاء.
وأضافت: “بكل تأكيد هذا المركز يشكل أملا جديداً للأطفال وللأهالي وأفقاً جديداً لعلاج السرطان في سورية وكان واضحاً من خلال الجولة التي قمت بها أن المركز استطاع أن يطابق المعايير العالمية لمراكز مشابهة .. وبالطبع هذه المعايير الهندسية والطبية هي التي تضمن سلامة الطفل ونجاح الإجراء.. بمعنى آخر هي التي تفصل بين الحياة والموت ولكن على صعيد شخصي أنا سعيدة جداً بأن المركز استطاع أن يفرض العزل الطبي دون أن يفرض العزل الاجتماعي من خلال تواجد الأم طوال فترة العلاج مع طفلها بالإضافة لإمكانية زيارة العائلة إلى طفلها عبر شاشات متصلة بشبكة اتصال داخلية وهذا الأمر سيخفف من الضغط النفسي الكبير الذي يتعرض له الطفل طوال فترة العلاج.
وتابعت السيدة أسماء “كل هذا الكلام يدعو للتفاؤل بمستقبل علاج سرطان الأطفال في سورية ولكن حتى يكون هذا التفاؤل في موضعه يجب ألا نرى هذا المركز كوحدة منعزلة عن المكونات الأخرى الأساسية وحتى تكون توقعاتنا في مكانها هذا يتطلب بأن نرى المركز كجزء من منظومة متكاملة لعلاج السرطان في سورية.. في الحقيقة هذا ما سعينا له من خلال الخطة الوطنية للتحكم بالسرطان التي تم اعتمادها من قبل رئاسة مجلس الوزراء ودخلت حيز التنفيذ عام 2019 أي قبل سنتين تقريباً.
وأضافت السيدة أسماء.. “أود التطرق لنقطتين لهما انعكاس مباشر لعمل المركز.. النقطة الأولى.. هي مرشدات التشخيص والعلاج والتي يتم العمل عليها حالياً من قبل فريق من المختصين والتي تدلنا على أفضل استقصاءات حساسية ومصداقية وتوصلنا إلى خطة علاجية مستندة لحقائق الطب المسند بالدليل. والنقطة الثانية تتعلق بموضوع الكادر.. فهذا أول مركز مختص بزرع الخلايا الجذعية للأطفال ولكن هو ثاني مركز في سورية بعد المركز الموجود في وزارة الدفاع منذ عام 2007.. هذان المركزان مع المكونات الأخرى للعلاج أصبحت تشكل قطاعاً متكاملاً.. وهذا يتطلب منا أن نقوم بإحداث الاختصاصات النوعية الأكاديمية في الجامعات مثل المعالجة الشعاعية وتقنيات زرع النقي وغيرها وهذه الاختصاصات نحن بحاجة إليها لرفد القطاع بالكوادر ونضمن استمراريته.
وقالت السيدة أسماء.. لاشك بأن وجود مركز زرع الخلايا الجذعية كجزء من مشفى الأطفال يشكل قيمة مضافة للمشفى ولكن حتى نستطيع تحقيق هذه القيمة المضافة يجب أن يكون المركز مع الخدمات أو الأقسام المساندة مثل المخبر العام والتشريح المرضي وغيرها بالإضافة إلى الخدمات المكملة كالجراحة والمعالجة الكيميائية.. كل هذه المكونات يجب أن يكون عملها متناسقاً ومتجانساً حتى نضمن أفضل نتيجة للمريض وبأقل التكاليف.. إذاً نحن بحاجة إلى نظام إداري موحد متكامل ومتطور يلبي كل متطلبات الأقسام والاختصاصات وهذا أصبح ضرورة حتى نستطيع رفع مستوى الخدمة التي يقدمها مشفى الأطفال لكل الأطفال في سورية.
وتابعت السيدة أسماء.. النقطة الأخيرة التي أود التركيز عليها وهي تربط بين كل هذه المحاور.. فكما نعرف الطب مهنة إنسانية لكن الإنسانية لا تتوقف عند العلاج وإنما تستمر حتى نؤمن كل متطلبات المريض وصولاً للاهتمام الشخصي والرعاية.. فالاهتمام الشخصي جزء منه المعاملة الجيدة للمريض وجزء منه تأمين المتطلبات التي يحتاجها ولكن من جانب آخر وهذا لا نعيره دائماً أهمية هو الإجراءات الإدارية والعلاجية التي يمر بها المريض من لحظة دخوله حتى خروجه من المشفى.
وأضافت.. لكي أوضح سأعطي أمثلة وهذه الأمثلة طبعا تنعكس في كل المشافي الموجودة في سورية وهنا لا أتحدث عن مشفى معين.. حيث يعاني المريض من إجراءات القبول المعقدة الطويلة والمشتتة أحياناً في أماكن عدة.. المريض يعاني من الحركة بمبنى ضخم ليس مألوفاً له وغالباً هو موزع من وجهة نظر تقنية مجردة لا تأخذ بعين الاعتبار وضعه وقدرته على الحركة ولذلك على الرغم من جودة العلاج فإن هذه الثغرات وغيرها تسبب معاناة مزدوجة للمريض.. معاناة المرض ومعاناة العلاج والإجراءات وقد يكون السبب أننا من خلال سعينا لتقديم أفضل علاج ممكن ركزنا على المرض ونسينا المريض.. ولذلك مقاربتنا يجب أن تتغير لترتكز بشكل أساسي على هذا المريض لكي نضمن خروجه من المشفى بالعلاج والراحة والاحترام فإذا وصلنا إلى هنا واقتربنا من إقلاع هذا المركز الأول من نوعه في سورية هذا لا يعني أن مهمتنا انتهت.. بالتأكيد هناك أمور انتهت لكن هناك أمور يجب أن تبدأ الآن وإذا كان تأسيس هذا المركز فيه تحد كبير فتشغيله واستمراريته فيه تحد أكبر.
وختمت السيدة أسماء الأسد بالقول…. وبما أن ما وصلنا إليه هو نتيجة تعاضد بين سوريين بقطاعات مختلفة وسوريين مغتربين وأصدقاء فإذا أكملنا هذا العمل بنفس الطريقة كفريق واحد وبنفس الإرادة وبنفس العزم فنحن قادرون على أن ننجح ويجب أن ننجح.. لأن الفارق بين النجاح والفشل هو كالفارق بين الألم والشفاء وبين الحياة والموت.