على العهد باقون
صحيفة البعث – علي اليوسف
في مثل هذا اليوم من العام 2000، رحل القائد المؤسّس حافظ الأسد، ولكن الإنجازات التي تحقّقت في عهده، سياسياً واقتصادياً وعلمياً واجتماعياً، لاشك أنها أعلت من مكانة سورية في المجتمع الدولي، حتى باتت واحدة من أبرز المنارات المضيئة في تاريخ العرب.
عرف الرئيس المؤسّس كيف يجعل من سورية بلداً مهاب الجانب، وأن يحوّلها إلى أحد أهم بلدان المنطقة، بسبب ثرواتها الطبيعية من جهة والثروة الإنسانية من جهة أخرى، وصنع دوراً لسورية في المنطقة، مستغلاً كل الأوراق التي امتلكها بحنكة.
كان يدرك منذ قيادته الحركة التصحيحية أن الوحدة هي الأساس في مستقبل الوطن العربي، وأن التشتّت سيقود إلى نهاية كل دولة على انفراد، وبالفعل صدقت رؤيته حين تكالبت الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية على المنطقة وقلبت أنظمة حكم في عدد من الدول، ومن لم يطالها التغيير سارعت للتطبيع خوفاً من “الربيع” أن يجتاحها.
والآن بقيت سورية وحيدة في مواجهة الإرهاب المصدّر إليها، كما بقي المؤسّس وحيداً في مواجهة العالم بعد اتفاق كامب ديفيد، وكأن التاريخ يعيد نفسه بأن يكون قدر سورية أن تكون صمام الأمان للمنطقة. وهي كذلك، حيث حرص القائد المؤسّس على أن تكون الدول العربية قوية ومنيعة لمواجهة أي عدوان عليها عبر نضاله القومي الطويل، فقد وقف إلى جانب القضية الفلسطينية، وإلى جانب المقاومة اللبنانية ضد الاحتلال الصهيوني، وتشهد له مصر وليبيا والكويت والعراق وغيرها من الدول التي وقف إلى جانبها في عملها التحرري.
كان يعلم أن عدداً من الدول العربية تبحث عن إقامة علاقات مع الكيان الصهيوني، لكنه كان متيقناً أنهم لن يجرؤوا على فعل ذلك خوفاً من شعوبهم، لذلك كان يراهن على الشعوب، ويستثمر في الإنسان. ولهذا الهدف فتح سورية لكل الأشقاء العرب الأحرار ليحملوا من دمشق رايات التحرّر العربي، متيقناً أن إرادة الشعوب لا تُقهر، وهو ما رأيناه في الانتخابات الرئاسية في سورية، حيث تقاطر السوريون إلى صناديق الاقتراع في الخارج والداخل، وهم لم يفعلوا ذلك إلا إيماناً منهم بالنهج الذي رسمه القائد المؤسّس، الذي يصونه الآن الرئيس بشار الأسد ويقود مسيرة محاربة الإرهاب وإعادة الإعمار جنباً إلى جنب.
سيبقى هذا اليوم في ذاكرة السوريين، وسيبقى القائد المؤسّس في ذاكرة سورية وأبنائها، وكما كان العهد فإن دمشق ستبقى القلعة التي لا يمكن هدم أسوارها، ولا يمكن لحفنة من الإرهابيين أن يغيّروا نهج الصمود والمقاومة الذي اتخذته سورية عنواناً عريضاً لحياتها السياسية في الماضي والحاضر والمستقبل.