مجتمع

عمالة الأطفال….وباء يفتك بالمجتمع

ليس خفيا على أحد ما خلّفته سنين الحرب الطويلة والحصار الاقتصادي الجائر على بلادنا من آثار سلبية جمّة، وخاصة زيادة عمالة الأطفال بحثا عن لقمة عيش تساعد ذويهم في مواجهة ويلات الحياة.

ليست بالظاهرة الغريبة على مجتمعنا ولكن كانت حالات تعدّ على أصابع اليد مقارنة بسنين الحرب، حيث نرى أغلب الورش تشغّل أطفالا لديها، أو أسر ترسل ابنها للعمل في محلات الحدادة والنجارة لتعلّم حرفة مبررين هذا بالقول “العلم ما بيطعمي خبز بها الغلا”، أو ترى فتيانا وفتيات يجولون بين السيارات في الشوارع يطرقون زجاج السيارات لبيع علب المحارم و المسكه وغيرها، أو في الحدائق العامة والأسواق يبيعون الورود لكسب بضعة نقود يحملونها لذويهم فرحين بما كسبوه.

وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وقّعت مذكرة تفاهم مع منظمة العمل الدولية ترسي أسس مشروع جديد يهدف للحد من أسوأ أشكال عمالة الأطفال في سورية في التاسع والعشرين من أيار عام 2018 على هامش أعمال الدورة 107 لمؤتمر العمل الدولي في جنيف.

وعلى الصعيد العالمي وعشية اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال أصدرت منظمة العمل الدولية ومنظمة الأمم المتّحدة للطفولة (يونيسيف) تقريرا ذكرت فيه، أنّه حتى مطلع العام 2020 “ارتفع عدد الأطفال العاملين في العالم إلى 160 مليون طفل، بزيادة 8.4 مليون طفل في السنوات الأربع الماضية”.

محذّرة بأنّ “تسعة ملايين طفل إضافي في العالم معرّضون لخطر الاضطرار إلى العمل بحلول نهاية عام 2022 بسبب تداعيات جائحة كوفيد-19″، في حين “قد يرتفع هذا الرقم إلى 46 مليونا إذا لم تتوفّر لهم إمكانية الحصول على الحماية الاجتماعية الضرورية”.

وأعرب التقرير عن الأسف لأنّ “التقدّم نحو إنهاء عمل الأطفال قد توقّف لأول مرة منذ 20 عاما، ممّا يعاكس الاتجاه السابق الذي سجّل انخفاض عدد الأطفال العاملين بمقدار 94 مليون طفل بين عامي 2000 و2016”.

ولاحظ التقرير “ارتفاعا كبيرا في عدد الأطفال العاملين ضمن الفئة العمرية 5–11 عاما، والذين يمثّلون اليوم أكثر من نصف الرقم العالمي الإجمالي”، مشيرا إلى أنّه ضمن هذه الفئة العمرية “ارتفع عدد الأطفال الذين يزاولون أعمالا خطرة، أي أعمالا يحتمل أن تضرّ بصحتهم أو سلامتهم أو أخلاقهم، بمقدار 6.5 مليون منذ عام 2016 ليصل إلى 79 مليونا”.

وأما من حيث القطاعات التي يعمل فيها الأطفال بيّن التقرير: أنّ “قطاع الزراعة يشغّل 70 بالمئة من الأطفال العاملين (112 مليونا) يليه 20 بالمئة في الخدمات (31.4 مليونا) و10 بالمئة في الصناعة (16.5 مليونا)”.

ووفقا للتقرير فإنّ “عمل الأطفال منتشر بين الفتيان أكثر من الفتيات في جميع الأعمار”، لكن “إذا حسبنا الأعمال المنزلية التي تمارس لمدة 21 ساعة على الأقلّ في الأسبوع، فإن الفجوة بين الجنسين تضيق في عمل الأطفال”.

كذلك فإن “انتشار عمل الأطفال في المناطق الريفية (14 بالمئة) أعلى بثلاث مرات مما هو عليه في المناطق الحضرية (5 بالمئة)”.

كما حذّر التقرير من أنّ “الأطفال العاملين معرّضون لخطر الأضرار الجسدية والنفسية”، مؤكدا أنّ “العمل يهدّد تعليمهم، ويُقيّد حقوقهم ويحدّ من فرصهم في المستقبل، ويؤدّي إلى حلقات مفرغة من الفقر وعمل الأطفال بين الأجيال.

ختمت منظمة العمل الدولية واليونيسيف تقريرها بحثّ الحكومات وبنوك التنمية الدولية على إعطاء الأولوية للاستثمار في برامج يمكن أن تخرج الأطفال من القوى العاملة وتعيدهم إلى المدرسة، وفي برامج حماية اجتماعية تساعد الأسر في تجنب هذه الخيارات بالكامل.

الجدير ذكره أن منظمة العمل الدولية دشنت اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال في عام 2002، لتركيز الاهتمام على مدى انتشار ظاهرة عمل الأطفال في العالم، والعمل على بذل الجهود اللازمة للقضاء على هذه الظاهرة.

ففي كل عام في 12 حزيران، يجمع اليوم العالمي الحكومات ومؤسسات أرباب العمل والعمال والمجتمع المدني، بالإضافة إلى ملايين الأشخاص من جميع أنحاء العالم لإلقاء الضوء على محنة الأطفال العاملين وكيفية مساعدتهم.

وتشمل أهداف التنمية المستدامة، التي اعتمدها قادة العالم في عام 2015، تجديد الالتزام العالمي بإنهاء عمالة الأطفال. وعلى وجه التحديد، يدعو الهدف 8.7 من أهداف التنمية المستدامة المجتمع العالمي إلى: ” اتخاذ تدابير فورية وفعالة للقضاء على السخرة وإنهاء الرق المعاصر والاتجار بالبشر لضمان حظر واستئصال أسوأ أشكال عمل الأطفال، بما في ذلك تجنيدهم واستخدامهم كجنود، وإنهاء عمل الأطفال بجميع أشكاله بحلول عام 2025.

البعث ميديا||تقرير: ليندا تلي