أشباه الألبان والأجبان.. وجهة نظر علمية
باتت الأمثلة متعددة عن ضياع جوهر القرارات بناء على التداول الخاطئ أو غير المدروس للتسميات، وعدم قدرة الجهات العامة على التسويق لقراراتها، وإنهاء حالة الجدل التي تطل من حين لآخر في ظل سيطرة وسائل التواصل الإجتماعي على المشهد، مع الإشارة إلى خطورة غياب المعلومةن وعدم وجود مهارة إيضاح الأمور في الوقت المناسب، فبعد صدور قرار “أشباه الألبان والاجبان”، ضجت تلك الوسائل بكلمة “أشباه”، وهنا نتساءل هل بالفعل لم نكن ندري أن معظم الألبان والأجبان المنتشرة في الأسواق ليست طبيعية مئة في المئة؟ بل يدخل في صناعتها مواد غير المنتجات الحيوانية وقد يكون بعض تلك المواد ضارة وبعضها قد يكون له ميزات هامة، أم أن وضع كلمة أشباه كانت هي سبب المشكلة؟!.
“البعث ميديا” التقى خبير التغذية د. محمد نيوف نائب عميد كلية الهندسة الزراعية في حماه الذي ذكر أن تسمية هذه المواد بهذا الاسم خاطىء وأن تسميتها بنظائر الألبان أو الألبان البديلة هو الأصح.
أنواع جودة الألبان والاجبان
وبين الدكتور نيوف أن الاجبان البديلة هي عبارة عن منتجات ألبان تم صنعها بطريقة تركيبية وليس بالطريقة التقليدية المعروفة، إذ تحتوي هذه المنتجات على مكونات بديلة كبروتين أو دسم نباتي بدلا من بروتين ودسم الحليب، كما يضاف لها محسنات قوامها كالنشاء وغيره ومواد منكهة وملونات… وتمتاز هذه المنتجات بانخفاض تكاليف إنتاجها من خلال استبدال بعض المكونات بمكونات أرخص من خلال سهولة تحضيرها الذي يتم بعمليات خلط بسيطة لا تمر بالمراحل الطويلة التي تمر فيها الأجبان التقليدية كجبنة القشقوان او الموزريلا او البارمازان (أجبان تستخدم في تحضير البيتزا)، لذلك فهي تباع بأسعار ارخص من أسعار الاجبان المماثلة لها حسب رأي نيوف.
مسموح بتصنيعها عالميا
وأضاف نيوف: “هذه المنتجات موجودة بكثرة في الاسواق العالمية، وهي اجبان مسموح بتصنيعها قانونيا وتخضع لعمليات الرقابة شأنها شأن اي منتح غذائي آخر.. اذ يجب ان تحتوي بطاقة البيان على تصريح واضح انها بديلة وايضا التصريح بالمكونات الاساسية”. واستطرد قائلا: “هناك الكثير من المستهلكين يفضلوها على نظيراتها الاساسية بسبب رخص ثمنها وبسبب عدم احتوائها على الدسم الحيواني او على الكولستيرول كما تفضلها ايضا المطاعم وخاصة التي تحضر البيتزا .. وهذه المنتجات تشبه نظيراتها التقليدية في الطعم والنكهة والشكل والقوام والخصائص الأخرى ..كما انها تتفوق عليها أحيانا في طول فترة صلاحيتها”.
خوف غير مبرر
من وجهة نظر نيوف ان الرفض الذي واجهه قرار السماح أو التشريع باستخدام هذه المنتجات له سببان رئيسيان: السبب الأول: هو الحالة الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المواطن، وعدم ثقته بالجهات الرقابية وبالقرارات الحكومية المتقلبة والمتغيرة وغير المدروسة في معظمها والتي بات يرى انها لا تصب غالبا في مصلحته، وهذا اما ناتج عن فساد يتمثل بتاثير متنفذين واصحاب مصالح خاصة كالتجار والصناعيين بالقرارات الحكومية او بوجود بعض المتنفذين القدامى في الوزارات ذوي التأثير الكبير بقراراتها. والسبب الثاني: هو جهل المستهلك بحقيقة هذه المنتجات والاعتقاد بان القرار هو لتشريع الغش، نظرا لكون غالبية المنتجات الغذائية الحالية في الأسواق هي منتجات رديئة مغشوشة ولا تخضع للرقابة الكافية.
إيجابيات أشباه الألبان والأجبان
وأكد نيوف أنه لا يوجد أي ضرر صحي باستخدام هذه المنتجات البديلة بل على العكس من ذلك ففي حال تشريع استخدامها سيكون لدى المستهلك القدرة على الاختيار والتمييز بين خيارات أوسع وبأسعار مقبولة أكثر.. بشرط توفر الرقابة الكافية (وهنا تكمن المشكلة الأساسية) برأيه مضيفا أن تطبيق هذا القرار بالشكل الصحيح سيخرج المصنعين السيئين الذين يعملون بطرق الغش خارج سوق المنتجات النظامية ويجبرهم على التصريح بأنواع منتجاتهم وسيوفر فرصة اكبر في السوق للتنافس الشريف ويسهم في تطوير صناعة منتجات الألبان والاجبان.
من هو الشبيه الحقيقي والمغشوش
فيما بين الدكتور محمد أن منتجات الألبان والاجبان في السوق المحلي في معظمها لا تخضع للرقابة الكافية وهي منتجات يدخل فيها الدسم النباتي بدلا من دسم الحليب ومواد بديلة أخرى ارخص بكثير… إضافة لاستخدام مواد خطيرة وضارة بالصحة وغير مسموح باستخدامها في المنتجات الغذائية. كالسبيداج (الخاص بالدهان) في اللبنة والنحاتة في الشنكليش والكثير الكثير من المواد الأخرى الخطيرة على الصحة والتي لا نعلم عنها شيئا إضافة للاستخدام الخاطئ للمواد الحافظة والملونة.. وأضاف: “تلك المنتجات تباع حاليا على انها منتجات ألبان نظامية وبأسعار عالية نسبيا.. اما في حال توفر المنتجات البديلة بشكل مراقب فهذا سيفتح المجال للإضاءة والتمييز بين المنتجات من حيث السعر والمكونات”.
ماذا ستمنحنا هذه الخطوة؟
وعن هذا السؤال أجاب د.نيوف: “لهذا التشريع الكثير من الميزات وأولها وأهمها انه أضاء على مشكلة الغش والفلتان الحالي في سوق منتجات الألبان والاجبان وضرورة تفعيل الرقابة ومنع تداول منتجات الألبان والاجبان غير المرخصة والتي لا تحتوي على بطاقة بيان لمعرفة الجهة المصنعة لتحديد المسؤولية والمحاسبة ولمعرفة المستهلك بالمكونات. الفائدة الثانية تكمن في توفير منتجات ألبان واجبان بخيارات أوسع وبأسعار منافسة. والفائدة الثالثة والمهمة جدا أيضا (في حال تطبيق الرقابة الصارمة وعدم السماح ببيع منتجات غير مرخصة) سيعمل ذلك على تطوير صناعة الألبان والاجبان وتمييز المنتجين الجيدين من المنتجين المعتدين على الغش فقط للمنافسة في الأسواق مما سيحقق المنافسة الشريفة ويرفع من جودة المنتجات”.
المشكلة الأساسية
وختم الدكتور محمد نيوف بأن المشكلة الأساسية تكمن في ضعف الرقابة وبوجود معظم منتجات الألبان والاجبان في السوق بشكل غير مرخص (المنتج غير معروف ولا توجد بطاقة بيان تظهر المكونات).. يعني بالعامية .. “ضايعة الطاسة في السوق”.
البعث ميديا || ريم حسن