لماذا يصر “التوليد الجامعي” على 12 ألف ليرة
البعث ميديا – نجوى عيدة
رغم كل ماتعرض له قطاع الصحة من صعوبات خلال فترة الحرب سواء مشافي وزارة التعليم العالي أو الصحة لم تفكر هذه المنظومة بالتخلي عن مسؤولياتها تجاه مرضاها, بالمقابل تصر بعض مشافي القطاع الخاص على ممارسة دور التاجر الذي يستغل أصغر الفرص لاقتناصها على حساب الوضع المعيشي للمواطن.
لايذكر
حديثنا هنا ليس عن المشافي الخاصة بل عن نظيرتها العامة وبالتحديد مشفى التوليد وأمراض النساء الجامعي الذي يستمر باستقبال المرضى ورعايتهم وإجراء عمليات التوليد بأسعار رمزية جدا بوصفه مستشفى تابع للدولة التي رغم كل شيء مازالت تلتزم بمسؤولياتها تجاه مواطنيها، ولأن للمقارنة ضرورتها هنا، لابد من التركيز على عمليات التوليد التي تبدأ في “الخاص” من الـ500 ألف ولا تنتهي عند المليون إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الأدوية وأجور النقل والرعاية بالمولود، أما مشفى التوليد الجامعي التابع لوزارة التعليم العالي فكلفتها الـ 12 ألف ليرة وفي حال تواجد مشاكل صحية ترتفع إلى 20 ألف ليرة وهو سعر رمزي جدا إذا ما قارناه بأسعار السلع والمواد الاستهلاكية والألبسة وغيرها مما يتواجد في السوق بمعنى أن هذا المبلغ “مابينحكى” فيه أمام ما يحصل من جنون في الأسعار, ويستقبل “التوليد الجامعي ” أعدادا كبيرة يوميا بحسب المدير الدكتور جميل طالب الذي بين في حديث خاص لـ ” البعث ميديا” دخول حوالي 20 إلى 30 حالة مخاض يوميا كعملية قيصيرية وطبيعي مابين الـ10 والـ15 ولادة، ماعدا مرضى مراقبة الحمل هذا من ناحية القبول، أما المراجعة فالعدد كبير جدا يفوق الـ 80 مريض وبعد أن كان عدد أسرة المخاض في القسم الخاص 20 سرير ارتفع اليوم إلى الثلاثين، لكن بما يخص الحاضنات يبدو أن هناك نقص بسيط، لكن بحسب كلام الطبيب طالب لا يمكن اعتباره نقطة ضعف طالما يكفي حاجة المشفى أما بما يخص القدرة على استقبال أطفال من الخارج فهذا أمر صعب, ويمتلك التوليد الجامعي 15 حاضنة و5 منافس، في وقت يبلغ عدد أطباء الدراسات العليا 130 طالب اختصاص توليد وآخرين تابعين لأقسام اخرى أشعة – مخبر – أطفال, وهم يتدربون داخل المشفى ويقومون بإجراء عمليات تحت إشراف الأساتذة البالغ عددهم مايقارب 15 طبيب مشرف مقسمين مابين فترة الصباح والمساء وهو كادر – بحسب المدير- قادر على تغطية الحاجة.
بشفافية.. النقص موجود
وتحدث الدكتور طالب بكل شفافية عن النقص في كادر التخدير كما هو الحال في كل المشافي العامة, إذ لايتواجد سوى مشرف واحد فقط وماتبقى هم طلاب دراسات، عازيا هذا “الفقر” إلى ضعف الحوافز التي يتقاضها طبيب التخدير في المشافي العامة مقارنة بالخاصة وهذا مايدفع معظم الأطباء من كافة الاختصاصات إلى رفض التعاقد مع مشافي الدولة التي لا يتقاضى فيها الطبيب نهاية الشهر سوى 50 ألف أو أكثر بقليل, وبالعودة لموضوع التخدير أكد المدير العام على عدم تسجيل أي خطأ حتى الآن ومع ذلك لم يدخر أي جهد بطرح المشكلة ومناقشتها أمام المعنيين وبكل اللقاءات والاجتماعات.
وحول قدرة أجور العمليات على تغطية التكاليف التي يتكبدها مشفى التوليد الجامعي أكد طالب على أنها لا تغطي سوى 10 % لكن الالتزام بتسعيرة الدولة أمر ضروري ومفروغ منه حيث تعتبر تكلفة العملية حد الأدنى للسعر, فيما تصل تكلفة الخيط الواحد المستخدم في الولادة من 4 إلى 5 آلاف ليرة ماعدا مواد التخدير والمعقمات ولباس الجراحين والقفازات والأحذية والشراشف أي مستلزمات العملية بشكل عام، في وقت تتم تغطية هذه التكاليف من موزانة وزارة التعليم العالي حيث يرصد سنويا للمشفى 3 مليار تزيد عند الضرورة والطلب.
منغصات ولكن
وفي الحديث عن الصعوبات التي تعرقل العمل تطرق الدكتور طالب إلى صعوبة تأمين بعض الأدوية إذ يحكمها الاستجرار المركزي المرهون بوزارة الصحة التي لا ترسل مايكفي, بل تلتزم بالمتوفر وبحسب الإمكانيات والمتاح إضافة لصعوبة تأمين الكفوف والأحذية الطبية والقثاطر وهي مواد لايمكن الحصول عليها أيضا إلى عن طريق “الصحة” ولايمكن شراءها بشكل مباشر, إذ يسير الطلب بطريق الإجراءات الروتينية من رفع طلب مرورا بالحصول على موافقة وزارة الصحة التي تحتاج لوقت طويل جدا, إلا أن التعليم العالي تحاول قدر المستطاع تيسير الامور وتسهيلها، وفيما يتعلق بالتجهيزات المتوفرة بالتوليد الجامعي لم يخف المدير العام قدم البعض منها لكنه بنفس الوقت أثنى عليها معتبرها أفضل بكثير من كل تجهيزات مشافي الدولة الأخرى منوها لوجود معدات وتجهيزات لا تتواجد بمشافي أخرى .
ولأن ثقافتنا وثقتنا بمشافي الدولة ضعيفة، ينظر البعض لمشفى التوليد على أنه متواضع وغير مؤهل، وهذا ماردّه الدكتور طالب إلى ثقافة الشخص وبحسب كلامه, يعتقد البعض أنه عندما يدفع مبالغ طائلة وكبيرة يكون الاهتمام والرعاية أكبر وأفضل وقد يكون هذا صحيح لكن من الخطأ تعميمه فمشفى التوليد – والقول للمدير – يستقبل كل الحالات والاختلاطات التي تأتي من مشافي أخرى منوها لوجود عمليات تخصصية لايمكن ان تعالج إلا بمشفى التوليد بسبب الكادر المشهود له وخبرة الاساتذة الطويلة.
وعن جديد المشفى أوضح الدكتور طالب أن ما يعكر انطلاقة قسم طفل الأنبوب المحدث منذ فترة هو نقص الكادر، إلا أن “التعليم العالي ” أرسلت ثلاث مخبريين لمشفى تشرين بعد اتفاقها مع وزارة الدفاع وإدارة الخدمات الطبية للتدريب على طفل الأنبوب من الناحية البيولوجية وتصل فترة التدريب لـ 6 أشهر قد تكون أقصر من ذلك شريطة حصول الموفدين على الخبرة الكافية، يقول طالب : نتخوف من موضع تسعير المواد اللازمة لقسم طفل الأنبوب وخضوعها لاستجرار مركزي من قبل وزارة الصحة نأمل أن يكون لدينا هامش حرية بهذا الموضوع على غرار مشفى حماه الوطني الذي يستجر مباشرة من قبل تجار وقطاعات خاصة، وبعد أن كانت التوقعات بافتتاح القسم بالربع الأول من العام ظهرت بعض الصعوبات والمنغصات التي أخرت الموضوع إلا أنها معوقات ستزول مع الوقت ليبدأ “التوليد الجامعي” بإجراء عمليات طفل الأنبوب وبتكلفة مقبولة تناسب المواطنين والمرضى .