تحديات كبيرة تواجه اقتصادنا في المرحلة المقبلة .. هل من حلول؟
البعث ميديا- متابعة غسان فطوم
لا شك تركت الحرب المدمرة المستمرة على سورية منذ أكثر من عشر سنوات آثاراً كبيرة على الاقتصاد السوري تمثلت في توقف عجلة الإنتاج في الكثير من المعامل والمصانع بعد تدمير البنى التحتية والسيطرة على موارد ومصادر الإنتاج من قبل مرتزقة الاحتلال الأميركي والتركي، فما هي تلك التحديات في المرحلة الراهنة والمقبلة وكيف يمكن تجاوزها أو على الأقل التخفيف من آثارها؟ سؤال أجاب عنه الدكتور رامي زيدان أستاذ الاقتصاد المساعد في جامعة الأندلس الخاصة، وذلك خلال محاضرة ألقاها في المركز الثقافي بمشتى الحلو، الدكتور زيدان أشار إلى أن أهم التحديات تكمن في إعادة اعمار رأس المال المادي والاقتصادي بعد أن دُمرت البنية التحتية لاقتصادنا وأحدثت الحرب أضراراً بعشرات المليارات من الدولارات، علماً أنه لا توجد دراسة أو إحصائية دقيقة حول مجمل الخسائر، وأشار زيدان إلى أن التحدي الثاني يكمن في إعادة اعمار رأس المال البشري والاجتماعي، وتكمن أهمية هذا الجانب من وجهة نظره بكون الإنسان هو جوهر عملية التنمية والقلب النابض لها وليس مجرد أداة للعمل والإنتاج، لذ من الضروري أن يتلازم المسار المادي والمعنوي للتنمية بأنٍ معاً.
وبحسب زيدان يشكل انكماش فرص العمل في سورية أحد التحديات الكبيرة في المرحلة الراهنة واللاحقة بعد أن تزايدت معدلات البطالة بشكل ملحوظ خلال سنوات الحرب، بل وقبلها وتحديداً منذ بداية التسعينيات وبرأيه هذا يعكس قصوراً كبيراً في مواجهتها نظراً لغياب الحلول المخففة لها واستمرار العوامل المسببة في استمرارها، مشيراً إلى أن نسبة البطالة في سورية كانت في عام 1993 /8.4/ وارتفعت إلى /11.68/ عام 2003، وبلغت نسبتها /14.88/ عام 2011، ووصلت عام 2014 إلى أكثر من /48.4/، وذلك وفق الأرقام الرسمية الواردة في المجموعات الإحصائية التي ينجزها سنوياً المكتب المركزي للإحصاء.
وذكر أستاذ الاقتصاد المساعد في جامعة الأندلس الخاصة أن ارتفاع النمو السكاني بشكل خطير وتراجع معدلات النمو الاقتصادي والاستثمار، هي أيضاً أحد التحديات التي تواجه الاقتصاد السوري وتحتاج من الجهات التنفيذية وضع سياسات فاعلة للمعالجة بهدف زيادة نصيب الفرد من الناتج المحلي، وصولاً لمعالجة حالة الهبوط في الاقتصاد، مشيراً إلى أن نصيب الفرد من الناتج المحلي انخفض في عام 2013 إلى حدود //69.67.
وبرأيه أن هناك عدم عدالة فيما يخص توزيع الاستثمارات بين المحافظات مقارنة بعدد السكان وخاصة في محافظات دمشق وريف دمشق وحلب، أما باقي المحافظات فهي تعاني من قلة المشاريع الاستثمارية، وهو ما يعني أن هناك تمركزاً رأسياً في مشاريع التنمية بدلاً من أن يكون عمودياً، وهذا سيؤدي بمرور الزمن إلى إفراز آثار بالغة السوء تتجلى في تعميق الفوارق بين المحافظات، عدا عن أن ذلك سيفرز لاحقاً سلبيات كثيرة كالخلل في توزيع المداخيل والهجرة الداخلية وغير ذلك.
ومن جملة ما ذكره من تحديات تواجهه اقتصادنا هو ما يتعلق بإعادة الهيكلة الاقتصادية وبرنامج التثبيت والإصلاح الاقتصادي، مشيراً إلى أن استمرار الخلل بهذا الخصوص يؤدي إلى تراجع قدرة الدولة على توظيف عمالة جديدة.
وبيّن أن الفساد الإداري في سورية يعتبر واحداً من الأسباب التي أدت على تراجع الاستثمارات المحلية وابتعاد الاستثمارات الأجنبية رغم كل الإعفاءات والمزايا التي يمنحها قانون الاستثمار في سورية، موضحاً أن ذلك أدى إلى انخفاض الإنتاجية وزيادة في نفقات وتكاليف الإنتاج الذي أدى إلى إفلاس بعض الشركات وخروجها من سوق العمل، بسبب المشاكل الفنية وقدم خطوط الإنتاج وعدم كفاية المواد الأولية وتسرب اليد العاملة بالإضافة إلى التخلف لإداري والفساد المالي.
ورأى الدكتور زيدان أن مواجهة التحديات تبدأ أولاً من تطوير القطاعي الزراعي من أجل تحقيق الأمن الغذائي واستيعاب اليد العاملة، والعمل على تحديث وتأهيل القطاع الصناعي و إيلاء المشروعات والصناعات الصغيرة أهمية بالغة، ودعا إلى ضرورة تحديث القوانين الاقتصادية الجاذبة للاستثمار، والاهتمام بمخرجات التعليم المهني والتقاني وتدريب وتأهيل العاملين بما يناسب احتياجات ومتطلبات سوق العمل في سورية.