بمزيد من الأمل …عزيمة الحياة تصنع فرحة العيد في يوميات السوريين
البعث ميديا || بشير فرزان:
مع اقتراب عيد الأضحى المبارك اقتنع الناس بعدم جدوى الاستمرار في معادلة المقارنة بين العيد الذي كانوا يعيشون أيامه قبل الحرب وبين العيد في هذه المرحلة العصيبة التي سرقت منهم الفرحة والبهجة وطبعاً هذا الاقتناع لايمكن إدراجه في خانة اليأس بل هو أحد وجوه الصمود والتطلع إلى المستقبل من بوابة الواقع الحالي رغم كل التحديات التي تواجههم على مدار الساعة ..وما يثير الانتباه تلك العزيمة و ذلك الإصرار المتمسك بالحياة وبإعادة الأحوال إلى ما كانت عليه في ربوع الأمن والأمان .
ولاشك أن العيد الذي يتطلع إليه الناس يتجسد في الانتصار على الإرهاب وتطهير الأرض السورية من رجسه فالصغير قبل الكبير يؤمن بأن ساعة النصر النهائي قد باتت وشيكة وهذا مايعزز الثقة بأن التحديات المعيشية زائلة وهي حالة مؤقتة لن تدوم وستعود السعادة إلى حياتهم في الفترة القريبة القادمة .
الطاقة والعزيمة
لم ترحم الأسعار الكاوية جيوب المواطنين الذي تكتوي أرواحهم في كل يوم منذ اكثر من عشر سنوات بحقد الإرهاب وما خلفه من دمار وخراب على كافة الأصعدة ليزيد الحصاروالتجار أصحاب النفوس الضعيفة الطين بلة فيقف الأهل عاجزين عن تلبية متطلبات أطفالهم الذين يتشوقون للعيد ويبدو ذلك ظاهراً على وجوههم فهم ينتظرونه من عام لآخر لارتداء الملابس الجديدة وللحصول على العيدية من الأقارب والأحبة ولأكل السكاكر والشوكولا وركوب الأراجيح التي تغص بها بعض ساحات دمشق المعروفة وها هو أبو نبيل يعود أدراجه من السوق حاملا خيبة الأمل بعدم قدرته على شراء ألبسة جديدة لأطفاله فهو بالكاد يؤمن قوت يومه وتتساءل زوجه ربا عن دور الرقابة في كبح جماح التجار ممن يستغلون حاجة المواطن ويرفعون الأسعار فحتى الحلويات أصبح شراؤها حلماً بالنسبة للأسر السورية من أصحاب الدخل ولكن ورغم ها الواقع مازالت العزيمة موجودة وتعيش ضمن حاضنة الأمل.
بشكل طبيعي
في سوق نهر عيشة استوقفنا الجدال الدائر بين السيدة رتيبة المحمد وبائع الألبسة حول الاسعارحيث قالت لنا: نحاول أن نتغلب على آلامنا وهمومنا وأن نمارس حياتنا بشكل طبيعي والاحتفال بالعيد ولكن الواقع يصدمنا فالأسعار مرتفعة جداً ولا نستطيع مجاراتها برواتبنا التي لم ولن تصمد أمام استغلال البعض للأزمة والمتاجرة بنا وبلقمة عيش أولادنا فهؤلاء زادوا من معاناتنا وغيّبوا ليس فرحة العيد فقط بل ونغصوا أيامنا بهموم لاتعد و لاتحصى.
واقع الأسواق
هذه الحوارات كانت جزءاً من اللوحة التي حاولنا رسمها حول واقع الأسواق التي كنا نعتقد أنها ستكون في قمة نشاطها فقد توقعنا أن نجد” كما في الأيام السابقة “كل شيء نابضا بالعيد.. فالفرح والأمان وضحكات الأطفال كانت رغم التحديات في كل مكان ولكن للأسف الصورة لاتخلو من المشاهد المأساوية فالآلام والأوجاع كانت حاضرة في كل بيت وعلى كل وجه والحياة تنزف بؤساً وحاجة والأسواق تئن من وطأة الغلاء ورحيل الزبائن فالشوارع المحلات التي ازدحمت واجهاتها بكافة الأزياء والتنزيلات التي تدعو المارة للدخول والتسوق لم تكن كسابق عهدها بعد أن أفتقدت لأهم مكوناتها حيث غاب الزبائن في زحمة الحاجة وأن وجدوا فهم يتجولون بجيوب خاوية تقرع فيها طبول الإفلاس فكانوا كما يقولون (العين بصيرة واليد قصيرة).
وفي سوق الحمراء لايختلف المشهد من حيث الحركة والازدحام عن غيره من الأسواق إلا أنها كانت حركة وهمية تغيب فيها القوة الشرائية الكبيرة التي وصفها أحد أصحاب محلات الألبسة بقوله أني أرى أناسا ولا أرى فلوساً محاولاً بذلك مقاربة وضع الأسواق مع المثل القائل أني أسمع جعجعة ولا أرى طحيناً.
وقال: نعمل بكل السبل والوسائل لجذب الزبون من خلال التنزيلات وتقديم كافة الخدمات التي من شأنها خلق علاقة جيدة معه وأحيانا كثيرة نتنازل عن مبلغ جيد من أرباحنا بهدف عدم إفلات الزبون ودفعه للشراء وتأمين مصروفنا ورواتب العمال وكل مايتعلق بصرفيات المحل الضرائب.
فارغ الصبر
وخلال جولتنا في الأسواق التقينا العديد من الأشخاص منهم من كان يحمل أكياسا تحوي بعض مستلزمات العيد حيث أكدوا أن جولتهم هذه هي تتويج لشهورمن الاقتصاد بالمصروف الضئيل وتخزين الفائض المتواضع والإلزامي لمثل هذه الحالات في المطمورة التي تحفظ لهم ماء وجهم في المجتمع وترسم البسمة على وجوه أطفالهم الذين ينتظرون العيد بفارغ الصبر وقد تحوي هذه المطمورة ثمن بعض المصاغ الذهبي الذي تم بيعه للمساعدة في التغلب على ظروف الحياة كما أشاروا إلى أن أسعار بعض المواد قد تكون مقبولة ومتناسبة مع التكلفة إلا أنها لا تتناسب أبدا مع الحالة الاقتصادية والدخول وخاصة في هذه الظروف الخانقة وأزمتها ولفتوا إلى ارتفاع أسعار بعض المواد بشكل غير مقبول واللافت في حديث هؤلاء تبريرهم لتصرف أصحاب المحلات الذين يحاولون تعويض ما فاتهم من أرباح خلال موسم العيد.
أما القسم الأخر فكانوا من المتفرجين الذين يتجولون في الأسواق بحثا عن التسلية وتمضية الوقت في الوقوف طويلا أمام الواجهات وإطلاق الوعود لأنفسهم ولأطفالهم باقتراب الفرج وموعد التسوق فأم محمد التي اعتادت شراء الكثير من والأغراض للاحتفال بالعيد تحاول الآن جاهدة تركيز اختيارها على الأمور الضرورية فقد اختصرت جولتها التسويقية على بعض المواد الخاصة بالضيافة أما خليل الذي كان يركض وراء أولاده الذين يتسابقون إلى المحلات لشراء ملابس العيد فقد أكد انه اكتفى بشراء ما يسعد أطفاله فقط وأشتكى من الغلاء الفاحش و ارتفاع الأسعار بشكل لا يصدق فملابس الأطفال باتت خارج السيطرة وتعيش حالة جنونية لم تشهدها هذه السوق من قبل .
رسالة أمل
تشارك جميع من التقيناهم خلال تجوالنا في الأسواق بالأمل وان الأيام القادمة ستكون أفضل حيث يشكل أداء السيد الرئيس بشار الأسد للقسم بداية لمرحلة التعافي والانطلاق بالعمل لبناء واعمار سورية الجديدة المتجددة.