“المكدوس” لم يعد مستساغا لدى الأسرة السورية الفقيرة
“المكدوس” هذه الأكلة التي باتت عادة مترسخة من عادات السوريين، وجزء لايتجزأ من تاريخهم الإجتماعي، وصبغة من صبغات التنافس الشريف بين ربات البيوت.
إنها الأكلة التي لا تغيب عن موائد إفطار كل أسرة ولا يكاد يخلو بيت من “قطرميزات ” المكدوس المرتبة على رفوف المطابخ وقد اعتاد السوريون صناعتها بأنفسهم في موسم إنتاج الباذنجان والفليفلة الحمراء لأنهما المادتين الأساسيتين بتحضير المكدوس وغالبا ما يلجأ الكثير منهم لتموين كميات كبيرة تكفي لأكثر من عام ولجميع أفراد الأسرة سواء داخل المنزل أو خارجه بداعي العمل أو الدراسة أو خدمة العلم فهم يأخذونها معهم أينما حلوا.
ويعتبر الباذنجان المادة الأساسية لتحضير المكدوس حيث تقوم ربة المنزل بسلقه على النار حتى ينضج ثم تقوم بكبسه بالملح وتجفيفه لعدة أيام وبنفس الوقت تحضر “الحشوة” التي تتألف غالبا من الفليفلة الحمراء والثوم والجوز أو “اللوز و الفستق” وبعد حشو الباذنجان يوضع بإناء مغلق “قطرميز ” مغمور بالزيت وبعد أيام يوضع على طبق الإفطار.
لكن على مايبدو أن هذه الأكلة الشعبية والتي تعتبر من أهم أساسيات المونة في المنازل، ستختفي رويدا رويدا عن موائد إفطار الكثير من الأسر الفقيرة بسبب ارتفاع تكاليف تحضيرها حيث وصل سعر كيلو الباذنجان في موسمه الحالي إلى مايزيد عن 500ليرة سورية حسب نشرة حماية المستهلك ، كما أن سعر كيلو غرام الفليفلة الحمراء تجاوز 800ليرة، أما الثوم وهو المادة الأساسية الثالثة التي تدخل في تحضير المكدوس فقد تجاوز سعر الكيلو غرام الواحد 5000ليرة ناهيك عن أسعار المكسرات من الجوز أو الفستق أو اللوز فمن غير الممكن لأي أسرة ذات الدخل المحدود أن تفكر بشرائه، ويعتبر الزيت من المواد التي يصعب تأمينها بسبب ارتفاع سعرها حيث يصل سعر اللتر الواحد لأكثر من 8000 ليرة أضف الى ذلك عدم توفر الغاز المنزلي، ولايعتبر استعمال الحطب أقل تكلفة.
في ظل هذه التكاليف الباهظة سنجد أن تكلفة كيلو المكدوس الواحد يتجاوز 5000ليرة مايعني أن تكلفة 100كيلو ستحتاج 500 ألف ليرة سورية وهذا الرقم يعتبر خياليا لأغلب الأسر ذات الدخل المحدود فإما أن يقوموا بتخفيض الكمية إلى النصف أو الربع ، أو ستجد الكثير منهم تناسوا تلك العادة الأصيلة معتبرين هذه الأكلة غير مستساغة على مبدأ (اللي ما يطول العنب).
البعث ميديا || ذكاء أسعد