مجتمع

جامعيون يتخلون عن أحلامهم .. تعلّم حرفة بات هدفهم .. أين إستراتيجية تشغيل الشباب!

البعث ميديا- غسان فطوم

أكثر المتضررين من الحرب على سورية هم شريحة الشباب بفئاتهم ومستوياتهم التعليمية المختلفة، وخاصة الخريجين في الجامعة، فالظروف الصعبة التي تمر بها البلد أجبرت الغالبية العظمى من الشباب الجامعي على التخلي عن أحلامهم التي رسموها وهم على مقاعد الدراسة، فالشهادة الجامعية لم تعد تطعم خبزاً نتيجة تدني الراتب الوظيفي مقارنة بالأسعار الكاوية لمتطلبات المعيشة، وهذا ما دفع الشباب للبحث عن حرفة وترك الشهادة معلقة على الحائط لعل وعسى يأتي يوماً وتعاد لها هيبتها واعتبارها!.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فالهجرة الخارجية بات هدفاً للشباب، وما يزيد الطين بلّة أنها استنزفت خيرة شبابنا من الخريجين في الجامعات ومن أصحاب الخبرات في مختلف التخصصات، والمؤلم أكثر هو غياب الحلول، فلا خطط إسعافية حققت نتيجة ولا إستراتيجيات عمل ورقية تم تنفيذها نتيجة غياب الرؤية الصائبة والإدارة الناجحة لملف مستقبل الشباب واستثمار قدراتهم وطاقاتهم!.
انكماش فرص العمل بهذا الشكل كان سبباً في توجه الشباب البحث عن حلول بديلة عبر ايجاد عمل يؤمن لهم مصروفهم الشخصي على أقل تقدير، لذلك نجد اليوم الكثير من الشباب من حملة الشهادة الجامعية يفترشون الأرصفة يبيعون على بسطات في الأسواق الشهيرة، وفي الشوارع المتاخمة لحرم الجامعات، وبالقرب من مواقف الباصات والكراجات!.
بدنا نعيش!
لا يخجل جورج من عمله كبائع على البسطة، فظروف الحياة الصعبة أجبرته أن ينسى أنه خريج في كلية الحقوق، لدرجة أنه بات مقتنعاً أن البسطة بما تدر عليه من دخل أفضل بكثير من شهادته الجامعية المعلقة على الحائط، وعلمنا من جورج انه ليس الوحيد في السوق، بل هناك العشرات من الجامعيين الذين يبيعون عرانيس الذرة والجوارب والإكسسوارات وغير ذلك!
كوابيس!
ولا تريد نجوى أن تصحو من أحلامها الوردية التي رافقتها طوال حياتها الجامعية، فهي لا تصدّق أن دراستها أربع سنوات في الجامعة ضاعت هدراً!، وهي كغيرها من زميلاتها في الجامعة تبحث عن عمل في مشغل للخياطة أو عاملة في صالون لتجميل السيدات لعلها تستفيد شيئاً مما درسته في كلية الفنون الجميلة!
أولويات العمل
وطالب آصف الحكومة الجديدة بأن تضع ملف الشباب من ضمن أولوياتها، مشيراً إلى أن الهجرة أصبحت هدفاً لغالبية الشباب السوري نتيجة سوء الوضع المعيشي، لافتاً إلى ما قدمه الشباب السوري من مبادرات خلال سنوات الحرب، متسائلاً: ألا يستأهل هذا الشباب “شوية” اهتمام تشعره بالأمل بمستقبل أفضل؟!
ولم يذهب بعيداً عن ذلك الشاب يامن خريج في قسم التاريخ، فبرأيه، آن الأوان لأن نضع مستقبل الشباب على السكة الصحيحة ونوفر لهم مستلزمات العمل وأخذ دورهم، بل مشاركتهم في القرار الذي يتعلق بمستقبلهم.
الكل متفق!
في دردشة مع عدد من أساتذة الجامعة في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق حول قضايا الشباب ومستقبلهم، اتفقوا جميعاً أن الحكومات المتعاقبة لم تنجح في إدارة الملف الشبابي لجهة وضع سياسات ناجعة أو إستراتيجية لتشغيلهم وتمكينهم من حقوقهم ودورهم، وطالب بعضهم بضرورة الاستفادة من عمر الشباب من خلال زيادة فرص مشاركتهم كعضو فاعل في بيئات العمل من أجل ربط مخرجات الجامعة بتلبية حاجات المجتمع التنموية، وإلا لا حاجة للاستمرار في القبول بالجامعات بهذا العدد الكثيف من الطلبة طالما باتت الجامعات مجرد مكان لتجميع العاطلين عن العمل!.
وفيما يخص دعم الحكومة للمشروعات الصغيرة، انتقد أحدهم ذلك، مشيراً إلى أن هذا الدعم ما زال ورقياً، حيث المعوقات كثيرة أمام من يريد الحصول على قرض للبدء بمشروعه، رغم التسهيلات التي أعلنت عنها المصارف، مطالباً بإيجاد بيئةً مناسبةٌ و إستراتيجية توضحُ الأولويات وتحددُ خطوات أكثر فاعلية على الأرض فالدعم الكلامي لا يجدي نفعاً.
ودعا أساتذة الجامعة لفتح أبواب التغيير الإيجابي على مصرعية، والخروج من آلية التعاطي النمطي الممل مع القضايا العاجلة، وذلك من خلال إيجاد حلول إبداعية مرنة لتوفير الجهد والوقت والمال، وصولاً للأداء المتميز والنتيجة المضمونة ذات الجودة والنوعية.