في ورشة عمل “الدعم الاجتماعي”..حضرت التساؤلات وتأرجحت الأفكار بين “من ولا “يستحق؟
البعث ميديا – بشير فرزان
لأكثر من خمس ساعات متواصلة ومنظومة الدعم على طاولة البحث والنقاش من وجهات نظر مختلفة ومواقف مختلفة حول هذه المنظومة التي باتت أولوية سواء في الأجندة الحكومية التي تبحث عن مخرجات سليمة لها أو في الرأي الشعبي الذي أثقلت كاهله بالمزيد من الأعباء المالية والضياع في متاهة القرارات التي لم تهتد بعد إلى من يستحق الدعم ومن لايستحق.
ولاشك أن البحث عن الفئة المستحقة كان الشغل الشاغل للمشاركين من الأكاديميين وأعضاء مجلس الشعب وممثلي مختلف الشرائح الاجتماعية من الطبقة العمالية والقطاع الخاص والأهلي في ورشة العمل التخصصية التي نظمها الاتحاد العام لنقابات العمال والمرصد العمالي للدراسات والبحوث في مجمع صحارى العمالي تحت عنوان سياسات الدعم الاجتماعي في سورية”البدائل المقترحة” ..البدائل المقترحة للدعم الاجتماعي في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الراهنة بما يكفل إيصال الدعم إلى مستحقيه.
البدائل الممكنة
وفي بداية الورشة أكد د. جمعة حجازي / المدير التنفيذي للمرصد العمالي للدراسات والبحوث على أن الورشة تطرح موضوع الدعم الاجتماعي على طاولة البحث وذلك من أجل معرفة البدائل الممكنة للوصول إلى سياسات دعم اجتماعي يحقق أعلى معايير الشفافية والأداء الجيد. وتحقيق الهدف الرئيسي ألا وهو إيصال الدعم لمستحقيه وخصوصاً ما يشاع عن أن الحكومة تفكر في تغيير أسلوب ونمط الدعم القائم باتجاه إعادة هيكلته وتغير نمط الدعم المعمم هو ما يثير قلق الأسر والمواطن السوري وخصوصاً فئات الدخل المحدود وخصوصاً فئة العمال، والذين أصبح جلهم من العاملين في الدولة. الذين تضاءلت دخولهم إلى الحدود الدنيا وأصبح أي دعم مقدم لهم غير كاف لتأمين مستوى معيشي لائق وكريم وغير كاف لتأمين احتياجات الأسر الأساسية من المواد.
د.خليل : الدراسات أثبتت أن الأسر الغنية هي التي تستفيد من الدعم؟!
د.فادي خليل رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي وخلال مداخلته في الورشة “والتي كانت بعنوان فلسفة الدعم الاجتماعي في إطار السياسات الكلية أعاد ماكان يقوله عبد الله الدردري عن أن الدعم خطر احمر وهذا ماتعمل عليه الحكومة ولكن يجب إيجاد آليات جديدة لتوزيع الدعم وبدائل إيصال الدعم لمستحقيه فالسياسة الاجتماعية بمفهوم الدعم تستهدف الفئات الأكثر تهميشا الفقيرة أو التي لاتستطيع تامين سبل العيش وهذا هو المنطق الأساسي لسياسة الدعم وأضاف عندما كان الدعم معمم على جميع الأسر السورية أثبتت الدراسات أن الأسر الغنية هي التي تستفيد (من يحصل على مازوت من أجل التدفئة “صوبية” مثل من يحصل على مازوت لتدفئة مياه المسبح ) وهذا ماكان يردده االدردري بالحرف .
وأشار خليل إلى أن البدائل يتم العمل عليها من 2004 ووصلت إلى حد معين في عام 2010 فالاستهداف بحاجة إلى قاعدة بيانات دقيقة ومؤتمتة والى منظومة عمل متكاملة ونحن نعمل عليها ونحتاج إلى وقت مابين 6 اشهر وسنة وستكون البدائل مريحة وجيدة وتحقق الغاية المرجوة منها للفئات المستحقة.
د.سالم:سرقات المواد المدعومة نحن مسؤولون عنها عندما لانوفرها
وزير التجارة الداخلية وحماية مستهلك عمر سالم كان أكثر إقناعا وشفافية أو كما يقال في المثل الشعبي (إلي في قلبه على لسانه ) فقد تحفظ على حديث رئيس هيئة تخطيط الدولة وخاصة بما يتعلق بالدعم والخطوط الحمراء وقال :أتحفظ على الخط الأحمر بعد أن فقدنا الثقة مع الكثير من المواطنين الذي باتوا يفهمون الخط الأحمر على انه رفع للأسعار ولم يقل احد أن الدعم خط احمر وإنما لاتخلي عن الدعم ولاتخفيف للدعم ومن لايحتاج الدعم يجب أن لايحصل عليه وكبار المكلفين يقدمون تصريحات وأرقام عن أعمالهم بحيث تتوقع أنهم يحتاجون إلى صدقة في الوقت الذي يدفع الموظف الضريبة كاملة وهؤلاء يتهربون.
وأكد انه من خلال دراسة نماذج الدعم في مختلف دول العالم بأنظمتها المختلفة تبين أن أكثر من نصف المبالغ المخصصة 57% من الدعم تذهب إلى 20 % وهي الفئة الأغنى في ذلك البلد وقال :لسنا ضد الأغنياء إذا عملوا بطريقة سليمة ومهمتنا كحكومة مساعدة من ليس لديه قدرة من هذا المنطلق سيتم استبدال دعم السلع بالمبالغ النقدية ولكن التطبيق يحتاج إلى زمن طويل واليات محددة وتحديد من يحتاج أولاً وهناك مثلا بعض المؤشرات فمثلاً من فاتورة موبايله 25000 لايحتاج للدعم ..وشدد سالم على محورين مهمين يتمثلان بتحديد الفئات التي سيتم استبعادها والهدر والسرقة التي تحصل بسبب الدعم والياته .
وأضاف السرقات التي تحصل في بعض المواد المدعومة /البنزين والمازوت / نحن مسؤولون عنها عندما لانوفر البنزين والرسائل ليس لها لاعلاقة والمشكلة في قلة الكميات المزودة وبنفس الوقت تخصص المحروقات بشكل يدوي من لجنة المحروقات في المحافظة ويتخلله فساد كبير فهناك كازيات حاجاتها قليلة والكميات المخصصة لها كبيرة ولذلك سيتم تحديد كميات المبيعات بشكل لايتدخل فيه أحد والحال ذاتها في الأفران التموينية الخاصة التي تحصل على /دقيق بسعر مخفض / واشارة سالم إلى أن أعادة دراسة التكلفة بين أنه اذا طبق الفرن تسعيرة الوزارة سيكون خاسر /التسعيرة الخاطئة / ونسب الربح قليلة وتؤدي إلى خسارة الكازيات والأفران وسرقة المخصصات.
واعترف سالم بان السورية للتجارة غير قادرة على إعادة الأسعار إلى ماقبل عام 2011 ولكنها تستطيع تخفيض الأسعار من خلال آليات جديدة ومنها آلية جديدة لتوزيع الخضار والفواكة من خلال الشراء المباشر من الفلاح والبيع بسعر الجملة في الصالات وهذا نوع من الدعم ولا يتسبب بأي خسارة للدولة وبنسب ربح 5% فمثلا التفاح تم شراء الكيلو 1200 للتفاح نوع الأول والنقل على حساب المؤسسة وهذا يعني أن الفلاح باع الكيلو بـ1500 ليرة سورية وسيتم الشراء من الفلاح وبشكل نقدي ومباشر بالتعاون مع الجمعيات الفلاحية .ولفت إلى عدم القدرة على استيعاب المحصول بشكل كامل وذلك بسبب أن الطاقة التخزينية للوحدات التبريدية في المؤسسة2000 طن والإنتاج 350 ألف طن واشار إلى أن المؤسسة تمثل اكبر سلسلة سوبرماركت في العالم 1600 صالة .
وشدد سالم على قدرة الوزارة على زيادة المدعوم /المقنن/ والعمل على مختلف الأسواق وكسر الاحتكار كما حصل في مادة السكر لافتاً إلى أن مديرية الأسعار بالوزارة تعمل لصالح التجار وهذا ماسيتم إصلاحه والعمل على التكلفة الحقيقية.
سيف الدين: صندوق المعونة قدم في عام 2011 لـ400 ألف اسر 7,5مليار ليرة سورية
أ.محمد وزير الشؤون الاجتماعية والعمل أكد على أن برامج الحماية الاجتماعية من ثوابت السياسية الاجتماعية وليس هناك توجه لإلغاء الدعم فهو من ثوابت السياسة الاجتماعية وصندوق المعونة قدم في عام 2011 لـ400 ألف اسر 7,5مليار ليرة سورية خصصت من أموال الدعم الاجتماعي من الموازنة العامة للدولة كما يتم الدعم من المنظمات غير الحكومية حيث يتم العمل على تعديل قانون 1958 وسيتم إعداده في القريب العاجل ومؤسسات الوزارة تصل إلى الأسر الأكثر هشاشة.
القادري: البحث في الآليات قبل البحث بمفهوم الدعم مثل من يضع العربة قبل الحصان
الأستاذ جمال القادري رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال أكد دعم الاتحاد العام للتوجه الحكومي المتعلق بإصلاح الدعم لافتاً إلى أن هذه الورشة تهدف إلى تقديم جملة من المقترحات التي تدعم القرار الحكومي وتعقلن القرار الخاص المتعلق بالدعم.
وأضاف لم نبتكر شيء جديد والدعم موجود في كل دول العالم بكل تفاصيله غني وفقير وهناك دور أساسي للدولة وله شكل واحد ومظاهر متعددة كدعم المنتجين عندما يعملون بإنتاج سلع استراتيجيةو دعم المستهلكين عندما لاتسعفهم الأسعار في الحصول على السلع والسؤال هنا هل يصل الدعم إلى مستحقيه ؟وهل يحقق أهدافه للمنتج وللمستهلك؟وهذه أسئلة حائرة وهناك مغالطات نبحث في الآليات ” من نستبعد ومن يستحق” بينما مفهوم الدعم بحاجة إلى إصلاح
وانتقد القادري استخدام الأرقام المضخمة واستسهال الرقم واستخدامه بمرونة ورفع اسعارسلع أساسية للوصول إلى نتائج فمثلا في الكهرباء هناك فاقد يقدر بـ40% ورفع سعر الكهرباء يحمل على الدعم ولذلك لابد من البحث عن إصلاح مفهوم الدعم نفسه وتحقيق التناغم بين السياسات الاقتصادية والاجتماعية وهو شكل من أشكال الدعم لافتاً إلى أن هناك فساد بالدعم ويدفع المواطنين تكلفة هذا الفساد.
وركز القادري على ضرورة تحديد الأولويات وأيهما له الأولوية بجهد الدولة دراسة الفرع أو الأساس دراسة الرواتب والأجور أو دراسة الدعم
على الفئات القادرة أو تلك المندرجة ضمن “المعاوضة” (المهن الحرة وغيرها أو لموظفي الدولة وبين أن 5300 مليار قيمة الدعم يمكن أن يحل مشكلة العاملين في الدولة وأصحاب الدخل المحدود حيث يخصص نصف المبلغ لدعم اصحاب الدخل المحدود والنصف الأخر لدعم الإنتاج الاستراتيجي وهذا يحسن الدخل ويحل المشكلة .
ولفت ألى أنه يتم دعم المزارعين الذين لايسلمون إنتاجهم للدولة بدلاً من تقديم الدعم للمنتج النهائي واستمر دعم المنتجات بشكل عشوائي وهذا ما أدى إلى دعم المواطن ودول الجوار بسبب التهريب .
وتوقف القادري عند مؤشر فاتورة الموبايل الذي طرحه وزير التجارة الداخلية مشدداً على أن هناك من يكسب دخله من الموبايل وهناك روائز أكثر دقة بدلاً من هدر الجهد والمال والعودة إلى نقطة البداية ولذلك البحث في الآليات قبل البحث بمفهوم الدعم كمن يضع العربة قبل الحصان ودعا إلى وضع أفكار بناءة قابلة للتطبيق ونناشد المسؤولين باستخدام الواقعية عند التعاطي مع الأرقام وتعميم ثقافة جديدة نحترم من خلالها الرقم.
تساؤلات حائرة
خلال الورشة كان هناك العديد من التساؤلات التي طرحت المزيد من الأفكار الاستفهامية التي زادت من صعوبة البحث عن مستحقي الدعم كما انها لم تضع مساراً واضحاً لتحقيق الهدف من الورشة بل بقيت حائرة وضائعة في الاستفسار وعالقة في متوالية المستحق وغير المستحق والاستفاضة في الشرح وتقديم الأمثلة التي نرى أنها ستطيل في عمر عملية البحث عن المستحقين بحيث سيبقى الدعم طليقاً بعيداً عن الضوابط وعشوائياً دون أية معايير وروائز إلى أجل غير مسمى ولكن ذلك لايقلل من أهمية الورشة التي نظمها الاتحاد العام لنقابات العمال بالمطلق بل نعتقد أنه يضع الحصان والعربة على خط البداية بشكل صحيح فهي دون أدنى شك ستساعد أصحاب القرارفي اتخاذ خطوات مدروسة في مسارات عقلنة الدعم أي توجه نحو الدعم ومستحقيه بشكل حقيقي وقائم على مفهوم إصلاحي لمنظومة الدعم .