إياد يونس يحاضر عن التزوير الصهيوني لآثار سورية
لا تكف الأطماع الصهيونية عن العمل على تزوير الحقائق التاريخية التي تطال الآثار وخاصة الآثار السورية في الجولان وفلسطين، من هنا حاضر د.إياد يونس حول “الآثار السورية بين الحقيقة والتزوير الصهيوني” ضمن الفعاليات الثقافية التي تقيمها دار مدى الثقافية بإدارة السيدة ريم الشعار، في المركز الثقافي العربي-أبو رمانة- وقد جمعت بين التحليل والمقارنة.
بدأ د.يونس من المدرسة التوراتية التي عملت على تزوير الحقائق وتحريف التاريخ العربي وتزييفه، والأشد خطراً الذين تمسكوا بالمدرسة التوراتية ومفهومها، إذ تعرض التراث الأثري في سورية إلى سوء استخدام وتفسير من قبل الغربيين، ما أعطى معظم الدراسات الأثرية في المنطقة طابعاً استعمارياً وعنصرياً ودينياً بحتاً، جسده النهج التوراتي منذ القرن الثامن عشر.
وطالت حملات التنقيب جميع البلدان التي ورد ذكرها في التوراة وخاصة سورية وفلسطين والأردن ولبنان ومصر والعراق، لكن النشاط الأكبر تركز في سورية في محاولة لاحتلال التاريخ بعد احتلال الأرض.
ماري والآباء
آثار سورية لم تكن في منأى عن الممارسات التوراتية، كما أوضح د.يونس، الذي أكد أن تنقيبات ماري تعد مثالاً على الخرق التوراتي من قبل أحد أنصار المدرسة التوراتية أندريه بارو، إذ حاول الربط بين سكان ماري وعهد الآباء الأوائل لبني إسرائيل إبراهيم واسحق ويعقوب وبين قبيلة بني يمن في ماري، وربط الأسماء الشخصية والألقاب الدينية والشعائر الروحية والتنظيم القبلي في ماري مع مثيلاتها في التوراة.
الأدب الأوغاريتي
وكذلك في أوغاريت إذ ربط التوراتيون بين الأدب الأوغاريتي الملاحم والشعر وبين أدب التوراة، وخضعت نصوص إيمار (مسكنة) إلى محاولة ربط بينها وبين التوراة في الشعائر الدينية مثل عادة المسح بالزيت والاحتفالات الدينية والاعتناء بالموتى وطالت المقارنات نصوص تل العطشانة في منطقة العمق.
وأشار د.يونس إلى المحاولات الأخطر بالربط بين مكتشفات إبلا والتوراة، إذ حاول بيتيناتو تفسير اسم ورد في أحد الألواح المسمارية على أنه أحد ملوك اليهود واسمه (ابيريوم)، وثبت تعاونه مع الكيان الإسرائيلي من خلال تسريبه صور ألواح ابلا إلى عالم المسماريات الإسرائيلي ميشيل داهود.
وفي منطقة الفرات الأوسط عملت بعثة جامعة لوس أنجلس برئاسة جورجيو بوتشيلاتي بالتنقيب في تل العشارة وموقع تل موزان أوركيش القديمة في الحسكة، وعمل على ربط المكتشفات بماض توراتي.
تزوير الجولان
أما في الجولان فتعمل الممارسات الإسرائيلية على تزوير التاريخ لسياسات توسعية وعنصرية دينية، فركزت التنقيبات على الأول قبل الميلاد المرتبط بتاريخ إسرائيل القديم، وزعموا أن مكتشفاتهم أثبتت أن الجولان كان جزءاً من مملكة داود وسليمان.
كما أشرف المؤرخون اليهود على دراسات جعلت من بعض المدن الكنعانية مدناً في دائرة التهويد، مثل مدينة لايش وهي كنعانية باعتراف العهد القديم وحالياً هي تل القاضي في الجولان السوري المحتل جانب جبل الشيخ، يطلق عليها الإسرائيلون تل دان استناداً إلى خرافة توراتية.
معاصر الزيت
واستحضر د.يونس كتاب التوراتية الباحثة الفرنسية فرانسواز شاتوني في كتابها (العلاقات بين مدن الساحل الفينيقي ومملكتي إسرائيل ويهوذا) إذ استغلت الإصحاح الذي قدم تفاصيل عن الأنشطة الاقتصادية لمدينة صور الكنعانية الفينيقية، فتوقفت عند الشاهد السابع عشر مروجة لسلع تاجر بها أهل يهوذا و”إسرائيل” في سوق صور، منها زيت الزيتون (شمن) وتحدثت بخيال توراتي عن صناعة وتجارة الزيت بأنها إسرائيلية، وتابعت بالتحريف عن معاصر اكتُشفت في مواقع كنعانية مثل (لايش –تمنة- تل بيت مريم- بيت شمش) ويتضح زيف ادعائها بأن المعاصر كما ذكر المحاضر هي معاصر كنعانية وتعد جزءاً من تقاليد وصناعة زيت كنعانية، ووصفت الحلاوي بالمنتج الإسرائيلي، وهو نوع من المربى أنتجته فلسطين.
المواقع الكنعانية و”إسرائيل”
ويصل د.يونس إلى المشروع الإسرائيلي الصهيوني الأخطر الذي بدأ عام 2002 وانتهى عام 2011 ويهدف إلى وضع تسلسل زمني لمنطقة الشرق الأوسط ويحذف المواقع الكنعانية الفينيقية في الساحل السوري، وقد شاركت ثلاثون دولة في هذا المشروع ضمنها إسرائيل بغية استهداف مواقع الآثار والمتاحف السورية ونهب القطع الأثرية، وخلق واقع جيوسياسي وديموغرافي جديد، وهذا يفسر الفوضى وعرقلة مشاريع النشر والتوثيق، وفي مقدمتها المشروع المعلوماتي الوطني لتوثيق الآثار والمتاحف السورية.
مشبوهة ومسيسة
وخلص المحاضر إلى أن جميع الاستنتاجات والمقارنات بين آثار بلاد الشام والتوراة غير علمية وهي مسيئة ومسيسة ومشبوهة، ولا علاقة لها بالبحث العلمي الجاد.
الصهيوني والمتصهين
ركزت المداخلات على استمرار المحاولات الصهيونية التي تهدف إلى تهويد المنطقة، وعلى ضرورة الانتباه من قبل الإعلام إلى التفسيرات الخاطئة للتوراة التي تخدم المشروع الصهيوني، رغم أن كتابات التوراة باللغة العبرية تؤكد بأنه لا وجود “لدولة” إسرائيل.
كما تطرقت المداخلات إلى محاولات تهويد القدس والفرق بين الصهيوني والمتصهين الذي يأتي برسائل ممنهجة تذهب بعقل المثقف العربي إلى أماكن بعيدة.
واقترحت السيدة رباب أحمد إقامة تجمع من الباحثين والإعلاميين لوضع توصيات يتم الاشتغال عليها للوقوف في وجه التزوير الصهيوني.
ملده شويكاني