صياغة الذّهب والفضّة في مفردات تراث دير الزور
يشمل التراث الثقافي لمجتمع ما التراث المادي والتراث اللامادي الذي يُتناقل من جيل إلى آخر ليُشكّل منفعةً لكلّ جيل قادم، ويُعدّ إرث الشعوب، ومن الأمثلة على التراث المادي، حرفة صياغة الذهب والفضّة في مدينة دير الزور والتي قدمت بمحاضرة في المركز الثقافي العربي بدير الزور.
أحمد اليساوي رئيس المركز الثقافي، تحدث خلال تقديمه للمحاضرة عن حرفة الذهب والفضّة والتي تعد من الموروث الشعبي، والذي تناقلته الأجيال وله خصوصيته التي تميزه عن باقي الأماكن، له طابع الفرات والمنطقة وهذا ما يميزه.
الفنان غسان رمضان استهل محاضرته بالقول: التراث إرث من الماضي نستفيد وننهل منه، ونحافظ عليه، ونعمل على تسليمه للأجيال القادمة، فمواقع التراث جميعها ملكٌ لشعوب العالم من أعمال معمارية ومواقع تنطوي على قيمة تاريخية أو جمالية أو أثرية.
ويقسم التراث إلى تراث مادي وتراث لامادي ولم تكنْ مدينة دير الزور متطورة حرفياً عند دخول العثمانيين، بل اعتمدت على نفسها وعطائها داخل التل الأثري، ألا وهو الدير العتيق والذي يضمُ تحت طياته أنقاض عدّة مدن متراكمة فوق بعضها البعض، والمهن اليدوية تُعد ركناً من أركان التراث والفلكلور الشعبي والذي تسعى الأمم للحفاظ عليه وتورثه.
ويتابع رمضان: الذهبُ زينةٌ للمرأة والطفل، ويعود إلى تقاليد عربية متوارثة، فهي حرفةُ الصبر والجهد والدقة والعرق والزخرفة والإبداع والفن الذي يسمو فوق كل الفنون، وتُصنع الحُلي الجميلة من فضةٍ وذهب، فالفضة يقال عنها إنها قدمت من الموصل، أما الذهب قدم من عانة وحلب وماردين، وتعتبر النسوة الديريات الحُلي الذهبية والفضّة ذخراً للأيام السود وسنداً لأيام الشدائد والملمّات.
أما أدوات صناعة الذهب والفضّة فهي قديمة وبدائية تعتمد على مادة الفحم لسحبه وصهر الذهب والبوتقة المصنوعة من الفخّار عبارة عن دلو من الصفيح يُحصّن جوفه بالرمل، والريزة هي للصب والسكب وآلة السحب التي يلف الحبل حول الخصر ويسحب بحديدة السحب والكماشة التي يطلق عليها (الجلبة) وسيخ الدرمباش وشحمة الكمليك، والبورق وهي نوع من الملح التركي وللذهب وللفضّة عيارات.
الفضّة المصنوعة بنسبة 100% تُدعى (الروباص) وعند تخفيض النسبة يوضع فيها قليل من التوتياء، كذلك الذهب له عيارات منها 28 قيراطاً.
وأضاف: منّذُ القديم وفي أحياء وحارات الدير العتيق توجد محلات للصاغة ومنهم (روباص الكلداني) لكن لا يُعرف من هو أقدم صائغ ذهب أو فضّة في مدينة دير الزور، ولم تؤكّد المصادر من كبار السن من هو أقدم صائغ في المدينة، هل هو جرجس وحنا وبارتوغ الكلداني الذي كان محلّه بالقرب من الجامع الكبير وكان هناك أيضاً آل العبد الله، وقد افتتح عام 1900 سوق الصاغة مكان الساحة العامة أمام دكاكين الجامع العمري الجنوبية.
كما أوضح أن المرأة الديرية تلبس الذهب في عدّة أماكن من جسمها الحلق والرأس والصدر وتسمى الحسج، الشناشل، الطوق، المخمس التراجي، الحجاب، النيشان، الجردانة، المنططيف، الصف من مدي ونصف مدي، وريّح ووزن الريّح ليرتان، وصُيغتْ قطع ذهبية كثيرة منها العزيزية نسبةً للسلطان عبد العزيز والرشادية نسبة للسلطان رشاد والمجيدي نسبة للسلطان عبد المجيد والمحمّدية نسبة للسلطان عبد الحميد وكذلك الانكليزية، مؤكداً أن الصاغة في مدينة الدير ماهرون يتقنون حرفة الذهب وقد ابتكروا عدة موديلات ومنها المقادير والملاوي.
دير الزور- خالد جمعة