ثلاثية المعاناة مستمرة.. الأسعار تخترق حافظة نقود المواطن!
تجتمع عوامل عدة في صنع معاناة المواطنين التي تتعقد مع اقتراب موجات البرد، ولعل تأمين مازوت التدفئة، وارتفاع الأسعار، وأزمة النقل، هي الثلاثية الأكثر تسبباً بآلام السوريين هذه الأيام، حيث تسود حالة من عدم الرضا من طريقة وآلية التعاطي الحكومي مع هذه الحاجات، علماً أنها أبسط المتطلبات الضرورية للحياة، وما يزيد الطين بلة، أن هناك مواد متوفرة ومتاحة، لكن طريقة إيصالها للمواطن تكون “بالألف يا ويلاه” ما جعل البعض يفقد ثقته بانفراج الأزمات المتلاحقة!.
فيما يخص مازوت التدفئة تكشف الأرقام أن نسب التوزيع مازالت ضعيفة، وخاصة في الأرياف، وهنا يترحم المواطنون على أيام “الطنبر” الذي كان يلف ويدور الأحياء ويصل لأقصى بيت مهما كان طريقه وعراً، ويبيع المازوت “بالتنكة”، بينما اليوم، أصحاب الصهاريج يريدون من المواطن أن يأتي إليهم بحجة أن الكمية قليلة (50 ليتراً) وبإمكانه حملها، حتى لو كان بعيداً مائة متر عن البيت!.. ومع أن القابضين على مخازين “التدفئة” قالوا بأنهم ألزموا المعتمدين بالتواجد أمام كل بيت، لكن “هرجهم” هذا لم يُصرف في عداد المازوت المشكوك بأرقامه!.
وإذا كان البرد يحتمل إلى حد ما، فإن غلاء الأسعار لم يعد يطاق، لأنه لم يسلم منه حتى الفجل الذي تجاوز سعر الكيلو الواحد الـ 1000 ليرة!، أما البطاطا – غذاء الفقراء سابقاً- فقفزت إلى “منصات التتويج” برقم وصل لحدود الـ 3000 ليرة للكيلو!، فكيف سيعيش المواطن إذا كان راتبه لا يكفي لجلب 20 كيلو بطاطا بالشهر؟!.
للأسف، بات رب الأسرة عاجزاً عن تلبية ما يحتاجه لبيته وأبنائه، وبذلك يستمر اختراق الأسعار للجيوب المثقوبة!، وتأتي أزمة النقل صباحاً ومساءً لتزيد الطين بلة، بسبب قلة المواصلات التي تنتظر على محطات الوقود لساعات، فيما اختار غالبية مالكي المركبات ركنها بالبيت وبيع مخصصاتها بأسعار عالية، مما ساهم في تكدس المواطنين على المواقف وانتظارهم لوقت طويل!.
المحزن والمؤلم هو استمرار تلك الأزمات، وكأن حبل الحلول انقطع، ولو بشكله الإسعافي الذي يخفف من حدة المعاناة التي باتت سمة بارزة في حياتنا، والمضحك المبكي، عندما يسأل المواطن عن الحلول يغرقونه في بحر من الوعود المعسولة بقرب انفراج الأزمات على كل الصعد، فمتى تصدق الأقوال ويرتاح الحال؟!
البعث ميديا – غسان فطوم