القصيدة التي تغنّى بها عبد الرحمن الداخل في وصف النخلة
في عام 132هـ 750م سقطت دولة الخلافة الأموية على أيدي العباسيين، فاستطاع الأمير الأموي عبد الرحمن الداخل أن يهرب خوفاً على نفسه من العباسيين سالكاً الطريق من الشام إلى مصر ثم إلى المغرب حتى وصل إلى بلاد الأندلس، فدخل العاصمة قرطبة عام 138هـ وكان عمره 25 عاماً وأسس الدولة الأموية في الأندلس وحكم لمدة 45 عاماً حتى توفي عام 172هـ- 778م ودُفن في قصر قرطبة.
ولد الأمير عبد الرحمن الداخل في قرية (دير حنان) في الشام عام (113هـ- 731م) وهو ابن معاوية الملقب بالداخل، وحفيد الخليفة هشام بن عبد الملك، قد أحب ونظم الشعر منذ صباه، كما عشق اللغة العربية وكان يكرم الأدباء والشعراء.
أما قصيدته، فعلى الرغم من أن عبد الرحمن الداخل كان أميراً عربياً على بلاد الأندلس إلا أنه كان يحسّ أنه غريب فيها، وكان يأخذه الحنين إلى بلاد الشام، فاستطاع الأمير الشاعر (الداخل) أن يبني قصر الرصافة في الأندلس على غرار قصر جدّه هشام بن عبد الملك في الشام، وزرع فيه (نخلة) أمر بإحضارها من (العراق) وهي أول نخلة تُغرس في الأندلس، وكلما وقف أمامها تذكّر بلاده، وبأنه يعيش في بلاد ليست بلاده.
ويخاطب عبد الرحمن الداخل النخلة ويقول لها بأنها غريبة، قائلاً:
تبدت لنا وسط الرصافة نخلة
تناءت بأرض الغرب عن بلد النخلِ
فقلتُ شبيهي في التقرّب والنوى
وطول التنائي عن بنيَّ وعن أهلي
نشأتِ بأرض أنتِ فيها غريبة
فمثلكِ في الإقصاء والمنتأى مثلي
وقال الداخل أيضاً:
يا نخل أنتِ غريبة مثلي
في الغرب نائية عن الأصل
فابكي وهل تبكي مكسيّة
عجماءُ لم تطبع على خيل
لو أنها تبكي إذاً لبكتْ
ماء الفرات ومنبت النخيلِ
هذا ما قاله عبد الرحمن الداخل عن النخلة التي لا يوجد مثلها في بلاد الأندلس مستحضراً ذكرياته عن نخل الفرات في العراق والشام، عند غرس أول نخلة عربية في أوروبا وكانت رمزاً لدولة العرب الكبرى في بلاد الأندلس.
د.رحيم هادي الشمخي