أشرعة الكتاب
يعدّ غلاف الكتاب أول عتبة نعبرها قبل الدخول إلى العالم الداخلي الذي يحتويه الكتاب بين دفتيه.
إنه الوجه الأول الذي يقابلنا وننظر إليه قبل أن نعرف المحتوى والمضمون الذي تحمله الصفحات التي تلي ورقة الغلاف الأول.
وهو العتبة العليا التي تفضي بنا إلى الداخل، إنه الباب الذي نفتحه أولاً بمفتاح الشغف والترقب.
وجه يطالعنا قبل الذهاب والسفر بين سطور الصفحات، يمكن أن يجذبنا غلاف كتاب معين نقتنيه، حتى قبل اطلاعنا ومعرفتنا بمضمونه لجماليته ولرونقه، فيثير إعجابنا، وأحياناً يمكن أن يحدث العكس، مع كتاب يحمل مضموناً راقياً وجميلاً، لكن العين تتجاوزه لبشاعة غلافه أو على الأقل لأن النظرة الأولى انعكست بالخيبة والنفور على نفس المتلقي، من هنا، تأتي أهمية غلاف الكتاب الجمالية والفنية والتسويقية، ويأتي دوره في جذب القارئ وشد انتباهه.
نبحر اليوم في أحد روافد الفنان العالمي مع الشاعر رائد خليل وتجربته الفريدة في تصميم الغلاف وإبداعه وصناعته لمختلف كتب الأدب والفن والتراث..
قديماً قيل (المكتوب أو الكتاب مبين من عنوانه) ولكنْ مع رائد خليل نقول: الكتاب يُعرف من خلال غلافه.
فإلى جانب الموضوع والمضمون واسم المؤلف والعنوان يدخل الغلاف حيز الاهتمام لدى المتلقي والمؤلف منذ القدم، ولا يقل أهمية عن كل ما تقدم في إعداد وتقديم لوحة فنية تجذب القارئ، فجمال الغلاف الذي يصممه الفنان رائد خليل لا ينبع فقط من كونه صاحب “الكار” المتمرس والمتمكن من موهبته الفذة فقط، بل يكمل دور المؤلف في ابتكار الصورة القصوى في اختصار كتابه وموضوعه في لوحة لا تخطر على بال صاحب الكتاب، ليكون الإبهار والإمتاع مضاعفاً حد الكمال.
رائد خليل لا يصمم الكتب بطريقة مباشرة أو تقليدية، ولا يركن إلى رأي المؤلف أو صاحب الدار، بل يتبع المنهج العلمي والفني الذي تمليه عليه المخيلة الإبداعية من خلال التشاركية غير المباشرة مع المؤلف بعد قراءة المخطوط وقراءة سيرة الكاتب وتشكيل الوعي الحسي كي يترجم بريشته التي تمسك بخيط الرؤية ومتعة اللون باتجاه بياض اللوحة التي يشكل فيها بكل مقامات اللون إبداعه.
ويضيف رائد خليل، للغلاف متعة حروفية في سياق خدمة العنوان وماهيته وصرخة اللون الذي يكاد أن يكون هو الآخر خلطة الساحر إذا احتاجت اللوحة لها، والناس لها ردود أفعال عاطفية تجاه اللون وعامل الجذب الذي تتلقاه العين قبل اليد، فالإبهار عامل استجابة يؤثر نفسياً على المتلقي.
يبقى رائد خليل صياد الرؤية في توليفاته الإيقاعية، ليشكّل مدرسة جديدة في صناعة الغلاف تضاف إلى جماليات إبداعاته التي قدمها على امتداد أربعة عقود من التميز.
علي فرحان الدندح