التحفيز على العمل.. أساليب مهمَلة ودور غائب
يعتبر التحفيز على العمل من الأمور الهامة والمرتبطة بعنصر الموارد البشرية وتنميتها في كافة مجالات العمل لرفع الإنتاجية، والحصول على أفضل النتائج من العمل.
بين المعنوي والمادي
عن أهمية التحفيز على العمل وأساليبه ونظرياته كان لـ”البعث ميديا” حوار مع المدرب أشرف نضال كيوان، الذي أكد وجود العديد من الأساليب التحفيزية المتباينة في الواقع العملي وعالم الأعمال، فالبعض يعتبر أن الحافز المادي هو أهم الحوافز التي تؤثر على سلوك الأفراد وتزيد من إنتاجيتهم، وذلك عبر إشباع الرغبات والحاجات الأساسية للعامل، ولكن يؤخذ على هذه الطريقة إهمال بقية الجوانب، والحاجات الموجودة لدى العامل، ولذلك اهتم علم الإدارة بتطوير عملية التحفيز بالاعتماد على نظريات العلاقات الإنسانية في الإدارة، والأخذ بعين الاعتبار بأن الحافز المعنوي يكون في بعض الأحيان ذو أثر أكبر من نظيره المادي على الموارد البشرية وإنتاجيتها.
عدم توفر البيئة المناسبة
وعن ضرورة وجود بيئة مناسبة وعوامل محفزة في أي مكان عمل، أوضح كيوان: هناك من يرى أن حالة الاستياء التي تصاحب العمل لدى الأفراد ناجمة عن عدم توفر بيئة مناسبة لأداء الأعمال، وأنه لتحقيق حالة الرضا لدى الأفراد لا بد من تلبية وإشباع جميع الاحتياجات، ووضع محددات أساسية للرضا تدعى العوامل الحافزة، وهي الإنجاز، والاعتراف بدور العامل، والتقدير، والترقية، وزيادة مسؤولية العامل، فجميع هذه العوامل الحافزة تعمل على تحريك جهود الأشخاص، وزيادة نشاطهم، بل وتحقيق مستويات عالية من الأداء ستنعكس بشكل إيجابي على الأفراد العاملين، وعلى منشآت العمل أو مؤسساته في آن معاً، كما يعنى مؤيدو هذه الطريقة أيضاً بمجموعة من العوامل تدعى”العوامل الوقائية” التي ترتكز على أسلوب الإدارة، ونوعية العلاقات الشخصية في العمل، ومستوى الأجور، وظروف وطبيعة العمل، والأمان الوظيفي والصناعي، والأمان الاجتماعي فوجود هذه العناصر سيؤدي إلى نمو نفسي سوي للعامل، وبالتالي زيادة الرضا الوظيفي.
ويوجد اتجاه آخر اعتمد على التوقع كأساس في حاجات ودوافع العامل، بالإضافة إلى العوامل الداخلية، فإذا توقع العامل أنه سيحصل على إشباع حاجات معينة، أو تحقيق أهداف معينة خلال فترة مستقبلية فإنه سيعمل بنشاط حتى يحقق توقعاته، ولكن إذا لم يحقق توقعاته فسيغير سلوكه في العمل، في حين ذهب اتجاه إلى أن الحاجات الإنسانية بطبيعتها نسبية وتختلف من عامل إلى آخر، فتختلف العوامل والمحفزات المؤثرة في تلك الطاقة الداخلية وتحرك سكونها من عامل إلى آخر.
هرم ماسلو
وعن أهم النظريات التي بحثت في موضوع التحفيز وأكثرها شمولية وموضوعية، بيّن المدرب، أنها تلك التي قسمت احتياجات العامل إلى خمسة مستويات مبنية على شكل هرمي سمي هرم ماسلو، حيث احتلت الاحتياجات “الفسيولوجية” قاعدة الهرم وهي تمثل الاحتياجات الأساسية للإنسان من (مسكن، وملبس، وطعام، وماء) ويفترض أن تكون هذه الحاجات مشبعة من خلال الأجر الأساسي الذي يتقاضاه العامل عن عمله، في حين احتلت الحاجة إلى الأمن المرتبة التي فوقها في الهرم بعد إشباع الحاجة الفسيولوجية، والحاجة إلى الأمن هي البحث عن بيئة عمل آمنة، وخالية من الأضرار المادية، والنفسية، أما الحاجة الثالثة فهي الحاجات الاجتماعية والتي تبدأ بالانتعاش بعد أن يتم إشباع الفئتين التي في أسفلها بالترتيب الهرمي، والحاجة الرابعة هي الحاجة إلى التقدير، وتتضمن احترام الذات، والحصول على قبول الآخرين، والرغبة في تحقيق النجاح، والرغبة في الحصول على مكانة مرموقة، وتحقيق الشهرة في المجتمع، ويحتل قمة هذا الهرم الحاجة إلى تأكيد الذات، والتي تشير إلى حاجة العامل إلى توفر الظروف التي تساعد على إبراز قدراته على الابتكار، وتقديم أفضل ما لديه ليشعر بوجوده، وكيانه، وقد قسمت هذه الاحتياجات إلى حاجات النقص وحاجات النمو، فحاجات النقص تضم الفئات الثلاث الدنيا (الفسيولوجية، والأمن، والاجتماعية) والتي إذا لم يتم إشباعها فإنها تؤدي إلى عدم نمو العامل بشكل سليم سواء من الناحية البدنية، أو النفسية، في حين يضم القسم الآخر الفئتين العليا من الهرم (التـقدير، وتأكيد الذات) وإشباعها يساهم في وصول الفرد إلى مستوى الكمال البشري.
خلاصة الأمر، لا بد من التعرف على الحاجات المهمة أكثر بالنسبة لكل عامل بالمقارنة مع إمكانيات المؤسسة، وإيجاد سبل لتفعيل الحوافز المعنوية والمادية بطرق مبتكرة، كتحفيز الإنجاز، والاعتراف بدور العامل، والتقدير لعمله، وتقديم المنح المالية، أو الترشيح لدورة خارجية، أو الحصول على ترقية استثنائية، وهكذا يزداد تشبث العامل بالعمل، ويزداد إنتاجه، وابتكاره.
بشار محي الدين المحمد