“الأدب العلمي”.. مجلة حاضرة غائبة
تزاحم التطور العلمي على ثقافتنا العربية ليساق بعض فنون الأدب العربي المحترف بإدارة نصوصه إلى ما يسمى بالأدب العلمي، معتمداً مبدأ الاستبصار والكشف عن حقائق علمية بطريقة أدبية لتسهيل وصولها للمجتمع، لكنها بقيت بمعظمها حبراً على ورق لا يسمع بها غير المهتمين وهم قلائل.
وقد تبنى الأدب العلمي قضايا مهمة راصداً التغيرات التي لحقت وستلحق بالبشرية من منظور علمي، فكانت الإنتاجات الأدبية في هذا الجانب مصدر إلهام للمستقبل، ومنها مجلة الأدب العلمي، الصادرة عن جامعة دمشق، المنتجة لأهم الأبحاث والموضوعات العلمية المتميزة.
رئيس تحرير مجلة الأدب العلمي الصادرة عن جامعة دمشق، الدكتور طالب عمران، أكد في حوار له مع “البعث ميديا”ضعف انتشار هذا النوع من الأدب، فالتحول الإلكتروني الذي طال معظم الكتب والمجلات كبل انتشاره، ما أثر بالضرورة على انتشار هذه المجلة الذي خفت العام الماضي بسبب تحولها إلى نسخة إلكترونية، لينفي اعتقاد البعض أن الإلكتروني سيجعل انتشارها أكبر، مشيراً إلى أن جامعة دمشق هي أول جامعة استطاعت أن تنهج هذا النهج في مسيرة الأدب العلمي وهو منتشر عالمياً منذ أكثر من 50 سنة، وأنه بدأ بنشر هذا النوع من الأدب في سورية برعاية أدباء كبار مثل محمد الماغوط وسعد الله ونوس وزكريا تامر، معتبراً أن كل ما كتب بطريقة الأدب العلمي حدث فعلاً ووصلنا له الآن.
سعر رمزي ومحتوى عظيم
بدأت مجلة الأدب العلمي، حسب عمران، منذ أكثر من ثماني سنوات، بصفحات ملونة تضم أبحاثاً علمية وقصصاً علمية مطلة على التراث العلمي العربي والسوري بشكل خاص، إضافة لمواضيع مختلفة تهم طلاب الجامعات وبسعر 400 ل.س فقط لا غير، كما توجد سلسلة كتب شهرية متنوعة، وهذه الكتب وصل عددها إلى 80 كتاباً، وهي بين العلم وبين التراث الثقافي السوري والتراث العلمي العربي ومواضيع شديدة الأهمية كمقالات علمية ثقافية أو قصص مترجمة ضمن معايير دقيقة بأيدي كتاب تم انتقاؤهم ونخبة من أساتذة الجامعات المختصين لها بصمات واضحة بالتأليف العلمي.
وأضاف عمران: “لأننا ندرك حقيقة أننا أمام جيل جديد في العالم الثالث يواكب الميديا بطريقة مختلفة عن دول العالم المتطور شاركنا ورقياً في المعارض المختلفة وحاولنا بكل جهودنا لفت النظر إلى الجناح باتباع أساليب مختلفة من ناحية الأسلوب في التقديم وطرح الأسعار المناسبة والزهيدة، لكن النشر الالكتروني طغى على النشر العادي وتزايدت المواقع الإلكترونية التي تتباهى بمحتوياتها المسروقة دون مراعاة حقوق النشر”.
مراجع وأبحاث للطلاب
وأشار عمران إلى احتمالية أن يستفيد من هذه الكتب طلاب الجامعة كمراجع وأبحاث تعيد اهتمامهم بهذا النوع من الأدب، فهي على سوية عالية من الدقة والاهتمام، حتى إن إخراج المجلة ينفذ بعناية من ناحية اختيار الغلاف المناسب للمواضيع التي اختيرت لتكون ملائمة لمحتوى الكتاب، ومن الممكن إعادة التصميم أكثر من مرة حتى الوصول للشكل المناسب، فمن المهم أن يكون الإخراج خالياً من الأخطاء لتكون قادرة على لفت نظر الجيل الجديد.
لا مشاركات شبابية
ولم تصل محاولات الدكتور عمران بأن تكون هناك مشاركة شبابية في المجلة إلى نتيجة، حسب تصريحه، آسفاً على هذا الجيل الرقمي الذي اعتمد في تحصيل ثقافته على مواقع الإنترنت قاتلة الإبداع عند الشباب.
وعن مدى استمرارية هذا النوع من الأدب قال عمران: “المجلة لم تنقصها المواد أبداً، لأن الكتّاب كانوا على استعداد للمشاركة في هذه المجلة رغم حضورها الضعيف، وأنا أكابر، وعندما أقع أنهض من جديد وأقوم بمشاريع أخرى، وإذا توقف إصدار هذه المجلة، بعد أن توقفت المجلة الفصلية “دوائر إبداع”، وتوقف نشر الكتاب والمجلات الورقية من بداية عام 2021، فإنني سأعول على مجلة الخيال العلمي الصادرة عن وزارة الثقافة، فالاهتمام بالعلم مهم جداً ومواكبته بطريقة ذكية شيء مطلوب ويجب أن يستمر”.
من الجدير بالذكر أن الكثير من البرامج والأفلام والمسلسلات التي تابعناها على الإذاعة والتلفزيون والتي كانت تعتمد على الخيال العلمي، والتي مازالت باقية في الذاكرة، هي من تأليف الدكتور طالب عمران، منها آفاق علمية ورسائل الأزمنة القادمة وظواهر مدهشة وغيرها من الأعمال الذي يشهد بقاء أثرها على نجاحها وأهميتها.
البعث ميديا || ريم حسن