مظاهر تشير لغياب ثقافة المسؤولية الاجتماعية.. أين الجهات المسؤولة؟!
كم نحتاج اليوم لنشر ثقافة المسؤولية الاجتماعية وثقافة العطاء التنموي بين أفراد مجتمعنا، في ظل هذه الظروف الصعبة التي نعيشها، فالمؤكد أن المسؤولية الاجتماعية باتت حاجة ومعياراً نحكم من خلاله على مدى تقدم ونمو المجتمع، لكن المؤلم في الأمر أن هناك الكثير من أفراد المجتمع قد لا نجد عندهم هذا الحس، وخاصة عند فئات من الشباب، حيث نجد البعض منهم مستهتراً وفوضوياً في تصرفاته، وقد تتجلى بعض هذه المظاهر السلبية في الاعتداء على المرافق العامة كالمدارس والحدائق وسيارات النقل العامة وغيرها، وخلق فوضى مرورية بالسيارات الخاصة، وعدم مساعدة الآخرين من محتاجين وكبار في السن في حال فرض الموقف ذاته، وهذه بلا شك مظاهر سلبية تعد مؤشراً لضعف انتماء الشباب وعدم شعورهم بالمسؤولية الوطنية، وهذه “اللامبالاة المستفزة”، إن صح وصفها، دفعت العديد من دول العالم للاستثمار في الشباب ومحاولة تنمية مهاراتهم المجتمعية وتمكينهم من ممارسة دورهم في المجتمع، والسؤال هنا: من هي المؤسسات المعنية أكثر من غيرها في تنمية شعور المسؤولية الاجتماعية عند الشباب؟..
ذات علاقة مباشرة
من وجهة نظر الشاب محمد المحمد أن منظمات الطلائع والشبيبة والطلبة هما الأكثر مسؤولية في هذا المجال كونها منظمات ذات علاقة مباشرة مع الشباب وتعمل على تنشئة الأجيال بدءاً من رياض الأطفال مروراً بالمدارس وصولاً للجامعات، وأشار الشاب محمد إلى عديد المبادرات التي قام بها الشباب السوري خلال سنوات الحرب أثبتت معدنه الحقيقي، لكنه لم ينفِ وجود فئة ضلت الطريق وحاولت التخريب متأثرة بحملات الإعلام المغرض الذي حاول استلاب عقول وعواطف الشباب السوري وزرع الشك بدولته وحكومته، وهنا تؤكد سمية يونس أن الإعلام الوطني مطالب اليوم أن يكون أكثر قرباً من الشباب من خلال ملامسة قضاياهم والتعبير عن أفكارهم ومساعدتهم بتحقيق أحلامهم وتطلعاتهم، متسائلة: لماذا تغيب البرامج الشبابية عن شاشاتنا الوطنية في الوقت الذي نشاهد فيه برامج لا فائدة منها سوى تعبئة أوقات البث على مدار الساعة!.
“أنا ما دخلني”!
وأبدى قيس محمد حزنه على حال بعض الشباب غير المبالين تجاه أنفسهم ومجتمعهم، وعبّر عن انزعاجه من قول بعض الشباب “أنا ما دخلني” في إشارة منهم لعدم تحملهم المسؤولية تجاه قضية معنية تتطلب تدخلهم وحضورهم، مطالباً بالتخلص من هذه الثقافة من خلال توعيتهم وتوجيههم للعمل التطوعي وتعزيز شعورهم بانتمائهم لوطنهم ماضياً وحاضراً ومستقبلاً.
لا تلوموهم!
من جانبه قال يوسف ربيع: لا تلوموا الشباب إن كان غير مبال بما يجري من حوله، مبرراً ذلك بشعور الشباب بالإحباط لدرجة اليأس أمام انكماش فرص العمل، ما جعل الهجرة هاجساً للغالبية العظمى، متسائلاً: كيف سيشعر الشباب بمسؤوليتهم وهم لا يجدون من يهتم بتحقيق أقل متطلباتهم لكي يشعروا بأهمية دورهم في مجتمعهم؟، فعدم تحقيق ما يريدونه ويحتاجونه يجعلهم لا يجدون جدوى للعمل الاجتماعي والإنساني، لكن هنادي مصطفى لا توافقه الرأي، فبرأيها أن حرب العشر سنوات وأكثر أرخت بظلالها الثقيلة على كل مفاصل الحياة في سورية، وكان الشباب أكثر المتأثرين فيها، لذلك قد تكون الحكومة معذورة إن تعثرت في وضع الخطط والبرامج التنموية الخاصة بتشغيل الشباب واستثمار طاقاتهم، داعية الشباب على عدم المغامرة بالهجرة والوقوع في شرك من يروجون لها.
ودعت الباحثة الاجتماعية سلافة معروف إلى ضرورة الإكثار من الندوات وورش العمل التي تخاطب الشباب اليافعين والمراهقين في المدارس يشارك فيها مختصون لتوعيتهم بالالتزام بالآداب العامة والأخلاق المجتمعية الحميدة، وذلك من خلال إعداد برامج لتنمية الشباب سواء إعلامية أو عملية إنتاجية تشغلهم بكل ما هو مفيد لهم وللمجتمع.
أهم الواجبات
الدكتورة رولة الصيداوي ترى أن الاهتمام بنشر وتنمية ثقافة المسؤولية الاجتماعية لدى الشباب أحد أهم الواجبات التي تقع على عاتق وزارات الإعلام والتربية والتعليم والثقافة من خلال العمل على إيجاد بيئة اجتماعية خلاقة تمكن الشباب من حقوقهم وتشعرهم بأهمية أدوارهم الحقيقية اليوم وغداً، فشبابنا يحتاجون للاحتواء ومن يأخذ بيدهم بعد الكوارث التي خلفتها الحرب.
بالمختصر، مجتمعنا اليوم يواجه تحديات خطيرة أفرزتها الحرب، ونعتقد أن الإعمار الفكري والمعرفي هو من أولويات المرحلة القادمة من أجل بناء جيل واعِ ومثقف ومسؤول يدرك جيداً معنى وأهمية المسؤولية المجتمعية والانتماء للهوية الوطنية والتضحية من أجلها، وبذلك يتحقق المسار الصحيح للمسؤولية الاجتماعية كوظيفة أساسية في المجتمع.
دمشق- البعث ميديا