مئات ملايين الدولارات يستثمرها قياديو “جبهة النصرة” في تركيا.. من أين مصدرها؟
مع دخول أقسى أيام الشتاء، تتجدد التساؤلات حول المأساة التي تسحق سكان المخيمات على الحدود السورية التركية، بريف إدلب الشمالي.
“بعيدا عن التوظيف السياسي”، بدأت مصادر مطلعة في ريف إدلب حديثها لـ “سبوتنيك”، قائلة: يطرح الواقع المرير الذي يعيشه سكان تلك المخيمات أسئلته الملحة حول المساعدات الأممية التي يفترض وصولها إلى العوائل القاطنة في الخيم، وآليات توزيعها، ومدى موثوقية تلك الآليات حين يكون المسؤولون عن وضعها وتطبيقها أشخاص مصنفون كإرهابيين ضمن تنظيم (هيئة تحرير الشام) التي يقودها تنظيم (جبهة النصرة)، والتي يسيطر على الغالبية الساحقة من محافظة إدلب، بما في ذلك المعابر الحدودية والمخيمات.
وأشارت المصادر إلى أن قياديي “جبهة النصرة” باتوا “يستثمرون أموالهم السائلة الفائضة في المدن التركية في مجال العقارات والسيارات والمطاعم والمحال التجارية”.
وتؤكد المصادر المطلعة أن “قيمة الاستثمارات وصلت خلال السنوات الأربعة الأخيرة فقط، لأكثر من 250 مليون دولار يقوم من خلالها مسلحو الهيئة بشراء وبيع العقارات واستثمار معلن لعدد من المطاعم والمقاهي في مدن أورفا وغازي عنتاب واسطنبول”.. متسائلة: “من أين جاءت تلك الأموال؟”.
وأوضحت المصادر: “الجميع يعلم بأن (المكتب الأمني) التابع لقيادة تنظيم (هيئة تحرير الشام) هو من يسيطر بالكامل على معبر باب الهوى السوري التركي بريف إدلب، وهذا المعبر هو الممر الذي تستخدمه المنظمات الدولية الإنسانية لإدخال المساعدات إلى المخيمات على الحدود السورية التركية وبقية مناطق إدلب”، مضيفة: “الجميع يعلم أيضا بأن عمليات السرقة تطال معظم هذه المساعدات التي يتم سوقها إلى مستودعات معروفة أنشأتها الهيئة في مدن سرمدا واطمة ودركوش على الحدود التركية، وهي بمثابة متاجر كبيرة يعرفها الجميع، ويتسوق منها التجار المواد المسروقة من المساعدات الإنسانية، لبيعها في أسواق هذه المدن من أدوية وأغذية وتجهيزات طبية لوجستية، وفي كثير من الأحيان يتم إعادة تهريب شحنات منها إلى السوق التركية عبر تجار وسطاء.
وحول الآلية التي يتم من خلالها تمرير تلك المساعدات إلى خارج مستحقيها، قالت المصادر “على مدى السنوات الماضية، قامت (هيئة تحرير الشام) بتنظيم وتطوير لوائح اسمية وهمية لمستفيدين وهميين من المساعدات الإنسانية، وهذا زيادة عن تقليص المعونات المخصصة لكل أسرة، وكل ذلك إضافة إلى ما تقوم بسرقته ما قبل التوزيع على المستحقين من حيث المبدأ، عبر سرقة حصة من تلك المساعدات بالتواطؤ بين قياديين في الهيئة وبين بعض الجمعيات الخيرية التركية”.
واستطردت المصادر حديثها عن قيام قياديي (هيئة تحرير الشام) بتنويع مصادر تمولهم، مشيرة إلى بعض مشاريع بناء كتل سكنية على الحدود السورية التركية، والتي تمت بمواصفات غاية في اللاقياسية، وذلك بالاتفاق بين المشرفين على تنفيذ هذه المشاريع وبين قياديي الهيئة الذين حصلوا على عمولات مالية كبيرة من الأموال التي تم تخصيصها لهذه المشاريع، بعد تقاسمها مع مشرفي هذه المشاريع.
على الجانب الآخر
المصادر: “ما يعرفه الجميع في إدلب، وفي المنظمات الأممية، وحتى الدول الداعمة”، بأن “عددا كبيرا من قياديي الصف الاول في (هيئة تحرير الشام) المصنفة ككيان إرهابي، هم من يتدبرون العملية وهم من يديرونها من ألفها إلى يائها، فكيف يمكن التعاطي مع هؤلاء كفاقدين للكفاءة والموثوقية من جهة، ومن الأخرى تجاهل خلل نظرتهم إلى العدالة والأمن والوثوق بهم كل هذه الثقة في توزيع المساعدات الأممية وإيصالها إلى مستحقيها، في الوقت الذي قد لا تتمتع فيه بمثل هذه الثقة دول بكامل ما فيها مؤسسات وأجهزة رقابية؟!”.
تقول المصادر : “والحال كذلك، يمكننا أن نتخيل الحياة المريرة التي يحياها الأطفال والنساء من ضمن المليون ونصف المليون نازح سوري ممن يقيمون ضمن خيم تنقصها وسائل تدفئة وحماية من الأمطار في المخيمات القائمة على الحدود السورية التركية، حيث تضررت مايقارب 4700 خيمة خلال الشهرين الماضيين جراء الأمطار الغزيرة والعواصف الثلجية، فيما سجل نقص كبير بالمعدات الطبية والأدوية المزمنة الخاصة بالأطفال ومرضى القلب والسكري وغيرها من الأمراض… فيما تعاني مستودعات تنظيم الهيئة تخمة جراء الوفرة الكبيرة لتلك التجهيزات والأدوية؟!”.
وختمت المصادر: “المظاهرات التي شهدتها مخيمات ريف إدلب الشمالي خلال الأيام الأخيرة، طالبت بالحصول على مستحقاتها من المواد الطبية والأغذية والتجهيزات اللوجسيتة في ظل التدني الشديد بدرجات الحرارة”، مؤكدة أن على المجتمع الدولي سماع تلك الاستغاثات بشكل إنساني بعيدا عن التوظيف السياسي”.
المصدر: “سبوتنيك”