عملية سجن الصناعة في الحسكة والدور الأمريكي!
لا يختلف اثنان على أن عملية الهجوم على سجن الصناعة في حي غويران بالحسكة هي بعلم مسبق وربما برعاية أمريكية مباشرة ، وهي من خطط الاستخبارات الأمريكية التي أصبحت مفضوحة ، لسوء حبكتها من جهة وتناثر تفاصيلها السرية للإعلام من جهة ثانية ، هذا وإن مشاركة الطائرات الأمريكية بقصف المناطق المجاورة للسجن ليس من اجل القضاء على الإرهابيين ، بل لتدمير البنية التحتية والأبنية العامة في تلك المنطقة ، مع حرص القوات الأمريكية الكامل على عدم قتل أي عنصر من عناصر تنظيم ” داعش ” الإرهابي ، والهدف الأساسي من تلك العملية هو خلط الأوراق في مرحلة هامة وحساسة من عمر الحرب الظالمة على سورية ، وتداخل العملية الجيوسياسية في المنطقة إلى حد القناعة العامة بوجوب وقف تلك الحرب وإنهاء كل الاحتلالات للأراضي السورية ، سيما وأن الولايات المتحدة الأمريكية هي ذاتها كانت سبق وأعلنت عن قضائها التام على تنظيم ” داعش ” في سورية قبل اكثر من ثلاث سنوات ماضية ، ( والتي تعتبر ان دورها وسبب وجودها في سورية هو ملاحقة هذا التنظيم والقضاء عليه ) ، وبالتالي أصبح من المحرج للإدارة الأمريكية عدم الإصغاء للأصوات الكثيرة في العالم التي تطالب بسحب كامل قواتها غير الشرعية من سورية دون تأخير ، لذلك عادت وأخرجت تلك المشهد في محاولة لإثبات وجود التنظيم الإرهابي وبقوة في سورية من جديد ، بل وقدرته على القيام بالعمليات العسكرية الخطيرة !
في واقع الأمر ان هذه العملية كشفت مجموعة من الدلائل التي تثبت كذب ومراوغة الإدارة الأمريكية حول دورها في المنطقة والعالم أهمها :
أولاً : محاربة الإرهاب الكذبة الكبرى التي ترفعها أمريكا هي وحلفائها هم أساساً الراعون
الفعليون للإرهاب ومسوقوه وفق مصالحهم الاستعمارية ومخططاتهم العدوانية .
ثانيا : عجز الكيانات الانفصالية والهيكليات العسكرية التي تشكلها وتدعمها الولايات المتحدة
( مؤقتاً ) عن حماية نفسها عند اول خطر حقيقي بعد رفع اليد الأمريكية ( أفغانستان
مثال قريب ) .
ثالثاً : ان الحرية والديموقراطية التي تدعي الإدارة الأمريكية نشرهما والدفاع عنهما هي
مجرد شعارات خارج كل الحسابات الأمريكية عندما تتعارض مع مصالحها
الاستعمارية وهيمنتها على مقدرات العالم .
السؤال الأهم هل انتهت عملية هروب الإرهابيين من السجن ؟ وهل تم القاء القبض على جميع الفارين ؟ في الواقع وبعد أيام على العملية لم تزل عملية التفاوض بين الأمريكان ومتزعمي التنظيم مستمرة خلف الكواليس بهدف اقناع الإرهابيين من تسليم انفسهم لإتمام مشهد المسرحية إعلاميا ، مقابل تعهد الإدارة الأمريكية بنقل هؤلاء الإرهابيين إلى وجهة جديدة وربما لقرب القاعدة الرئيسية في التنف لإعطائهم دور جديد في مهاجمة قوات الجيش العربي السوري ، ومن المعلوم أن القوات الأمريكية في المنطقة تعتمد على تنظيمات إرهابية أخرى في لعب هذا الدور .
هنا نجد مناسباً تذكير للقوى التي تحتمي بالمحتل أن يُعيد حساباته بدقة ويتيقن بأن الإدارة الأمريكية الداعمة له لن تقف إلى جانبه إلى الأبد ، ولن يكون أهم من حكومة أفغانستان التي شكلتها القوات الأمريكية وباعتها بأرخص الأثمان لطالبان.
واما فيما يخص التخطيط الأمريكي لاستخدام عناصر ” داعش ” أو غيرها من التنظيمات الإرهابية لأهداف أمريكية خبيثة فهي مكشوفة تماما للقيادة في سورية ، وان الجيش العربي السوري بالتعاون مع الأصدقاء والحلفاء قادر على فك الشيفرة مهما كانت معقدة وإفشال كل المخططات العدوانية ومواجهتها بكل قوة وعزيمة ورد كل خطر تتعرض له البلاد .
محمد عبد الكريم مصطفى
Email: Mohamad.a.mustafa@Gmail.com